Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2019

كَيف «عاقَبَ» التُونِسيون «أَحزابَهم»؟*محمد خروب

 الراي-فيما أكدت النتائج الأولية شبه النهائية للبرلمان, التي أعلنتها هيئة الانتخابات في تونس قبل إقرارها نهائياً بعد النظر في الطعون، «إنفلاش» المشهد التونسي الذي نشأ وتكرّس بعد ثورة جانفي/ كانون الثاني 2011وبدت الخريطة الحزبية «مُمَزّقة» على نحو غير مسبوق, بغياب «لاعِبين» بدوا في السنوات الثماني التي مضت وكأنهم جزء أساس من اللعبة الديمقراطية الناشِئة، ما يستدعي التدقيق في الكيفية التي ستستطيع حركة النهضة بما هي الفائز الأول, أن تقود إئتلافاً حزبيّاً مُختلفاً عن ذلك الذي كان في وجود حزب «نداء تونس» (خرج من «المعركة» كأكبر الخاسرين وفوزه بمقعد «واحد» بعد أن كان يتوفّر على 85 مقعداً).

 
تَقدّمت حركة النهضة الصفوف, لكنه تقدّم جاء منقوصاً, بعد تقلّص عدد مقاعدها بنسبة 25%, إذحازت في انتخابات 2014 على 69 مقعداً، فيما تتوفّرالآن على 55، الأمر الذي دفع قادتها لإطلاق المزيد من التصريحات الهادِفة إبعاد الأنظار عن تراجُع شعبِيّتها والذي تجلّى ايضاً في حلول مُرشحها للانتخابات الرئاسية الشيخ عبدالفتاح مورو في المرتبة الثالثة، فيما كان زعيمها راشد الغنوشي على ثقة, بأنّ «مُرشّحَه» سيكون مُؤهلاً لخوض الجولة الثانية، لكن للتونسيين حساباتهم الخاصة, بعد أن استخلصوا دروس وعِبر السنوات الثماني الماضية, حيث ظهرت طبقة سياسية جديدة بديلاً عن طبقة فاسِدة سادت خلال حقبة الديكتاتور الراحل بن علي، فإذا بها – النخبة الجديدة – تُبدي عجزاً واضحاً في اغتنام الفرصة وعدم تكرار خطايا النظام السابق, وتقع في براثن الفئوية والزبائنية, وبخاصة تقديم مصالح الحزب والمُحازِبين على مصالح الغالبية العظمى من التوانِسة, الذين يَرزحون تحت نير الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وإنهيار الخدمات.
 
تصدّرت تصريحات قادة النهضة المشهد, وراحت تُحدّد «شروطها» والقواعد التي ستقبَل في ضوئها التحالف مع الأحزاب الفائزة, وبخاصة مزايداتها القول: انها لن تُعيد خطأ التحالُف مع الفاسدين – وِفق الغنوشي – الذي أضاف أن حركته «تشترِط» في الشراكة المُحتمَلة...مُكافحة الفساد ومُقاومة الفقر.
 
في انتظار مناورات حركة النهضة لبلورة ائتلاف يبدو صعباً (وإن ليس مستحيلاً), خلال مدة الشهرين التي سيمنحها الرئيس المؤقت للحزب الأول الفائز، وفي ظل الرفض الحاسِم الذي أعلنَه أكثر من حزب فائز, مثل قلب تونس الفاز بـ35 مقعداً (حزب نبيل القروي المُرشّح الرِئاسي المسجون) والحزب الدستوري الحر بزعامة المحامية عبير موسى الذي فاز بـ18مقعداً, والتيار الديمقراطي/محمد عبّو 16 مقعداً، فإن ما ألحقه التونسيون من عقاب بأحزاب ظنّت أنها عريقة ومُتجذّرة في المشهد السياسي, وأنها لن تغادِر قصر باردو (مبنى البرلمان التونسي) مثل حزب نداء تونس ورهط الأحزاب التي اانشقّت عنه, كذلك أحزاب اليسار وفي مقدمتها الجبهة الشعبية بعد تمزّق صفوفها إثر عدم اتفاقها على مرشح رئاسي, في خضم ذلك كله يُواصل التونسيون إدهاش العالم بِقدرتِهم على المفاجأة, رغم أن المجلس النيابي الجديد يؤشر على تشرّذم وعدم استقرار قد يُفضيان إلى الذهاب لانتخابات مُبكِّرة جديدة.