Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jan-2018

ترمب «يُصوّب» على باكستان.. هذه المَرّة - محمد خروب

الراي -  توشك السنة الأولى من عهد دونالد ترمب على الإنتهاء، إذ يقترب العشرون من الشهر الجاري وهو اليوم الذي تم فيه تنصيب تاجر العقارات ورافع شعار «أميركا أولاً», الذي يريد إحياء قوة أميركا واستعادة عظمتها, ولم يكد يستقر في البيت الابيض وهو القادم من عالم لا يَمت الى السياسة بصِلة، حتى بدأ يتحرش بدول عديدة, محاولاً بغطرسته وشعور بفائض القوة الامبراطورية التي عليها بلاده, إملاء سياسات وتحديد حركة عواصم معينة, بذريعة المصالح الأميركية المُهدّدة وانها لن تقبل بتراجع نفوذها أو السماح لأحد بتحدي قيادتها «المنفردة» للعالم. تلك القيادة التي اثبتت فشلها وعقم الرهان عليها، لكن ترمب والفريق اليميني والشعبوي المتطرف الذي جلبه معه, لم ينجح – حتى الآن – في تنفيذ برنامجه العدوائي, القائم على إزدراء القانون الدولي وعدم الاهتمام بمصالح الآخرين المشروعة. ودائماً في الاتكاء على القوة والعقوبات الاقتصادية والمالية لـ»تأديب» معارضي «الاستثناء» الأميركي المزعوم. صوّب على روسيا واستفزّ الصين واعتبر موسكو وبيجين

منافستين ترتقيان إلى مرتبة العدو, هذا في آخر «تجلّيات» استراتيجيته القومية الجديدة. وكانت طهران وبيونغ يانغ .ضمن قائمة الدول الإرهابية التي يجب محاربتها واسقاطنظاميهما, تحت طائلة «النار والغضب» التي هدّد بها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ – أون، وفي التلويح بإلغاء الاتفاق
النووي مع إيران, بحجّة عدم التزام الأخيرة بهذا الاتفاق, فيما أكّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلتزام طهران الكامل به, كما عارَضت
الأطراف الخمسة الأخرى المُوقِّعة عليه (مع واشنطن) التوجه الأميركي, رافضة الانسحاب منه مُعلنة بوضوح انها... ماضية في تنفيذه.
لم «تنْج» المنطقة العربية، من شرور وأضرار سياسات ترمب الهوجاء, إن لجهة العربدة واستخدام صواريخ التوماهوك ضد سوريا, في
استعراض أميركي قذر للقوة، ودون أي مبرر سوى تحسين صورته الداخلية في بلاده بعد أن تصاعدت الحملة الشعبية ضده, أم لجهة
تنفيذ «المؤامرة» التي حاكها اللوبي الصهيوني وذلك المسيحاني المتصهين في أروقة البيت الأبيض والكابتول هيك واللوبي
اليهودي الأقوى «ايباك», للإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كتعبير واضح عن انحياز للمشروع الصهيوني الإحلالي ودفناً لمسيرة طويلة
من التضليل والخداع, اللذين مورسا عبر احتكار الوساطة «النزيهة» بين سلطة أوسلو والعدو الإسرائيلي، والتي انتهت الآن بهزيمة
مُذلة وقاسية لأولئك الذين راهنوا طويلاً وكثيراً على اليانكي الأميركي, الذي لم يُخفِ ذات يوم تبنّيِه الرواية الصهيونية التوراتية
الاقتلاعية والإحلالية.
ترمب يصوِّب مع بداية السنة الثانية من عهده على احد «أَقدم» حلفائه الآسيويين, والذي كان على الدوام المنصّة الذي انطلقت منها
أميركا للتحرش بالصين أو لتطويق الاتحاد السوفياتي, وخصوصاً للضغط على احدى ركائز دول عدم الانحياز التي كانت محسوبة ذات
عقود على الاتحاد السوفياتي وهي الهند, وكانت أيضاً – باكستان – «القاعدة» التي استثمرت فيها واشنطن معظم جهودها لتحويل
أفغانستان الى «فيتنام» سوفياتية, والزَجّ بالآلاف من الإرهابيين والمرتزقة الذين خلعت عليهم صفة «المجاهدين» من أجل محاربة
الملحدين السوفيات, رغم علمها أن حركة «طالبان» هي الوليد الشرعي للاستخبارات الباكستانية, وانها – طالبان – حليفة لتنظيم
القاعدة بزعامة أسامة بن لادن, وأنها عندما اجتاحت كابول واقامت نظامها الظلامي. كانت تحظى بدعم إسلام أباد واستخبارات جيشها
القوية وتجد من يسانِدها من حركات وتنظيمات مُسلحة داخل باكستان ,وفي وادي «سوات» الحدودي تحديداً. وكانت ذراعها القوية
«طالبان باكستان» توفِّر لها الملاذات الآمنة والدعم اللوجستي.
ينقلب الآن ساكن البيت الأبيض على حليفته «السابقة» (نعم السابقة) بعد أن نجح في استمالة الهند, وغدت الأخيرة أقرب إلى واشنطن
وبخاصة في عهد زعيم حزب «بهاراتيا جاناتا» الهندوسي المتطرف ناريندرا مودي, الذي يرأس الحكومة الهندية منذ أيار 2014 ونسج
أباد ببيجين متانة مع بدء تنفيذ «مشروعات» طريق الحرير الخاصة بباكستان, والمار بعضها بمنطقة كشمير المُتنازَع عليها، واعتراض علاقات شراكة استراتيجية مع واشنطن وخصوصاً مع إسرائيل, التي اشترى منها أسلحة بمليارات الدولارات، فيما ازدادت علاقات إسلام
نيودلهي عليها, الى حد مقاطعة الاخيرة لقمة «الطريق والحزام» التي عقِدت في العاصمة الصينية, منتصف ايار الماضي.
هي لعبة تحالفات ومعادلة اصطفافات جديدة, آخذة في التشكل والبروز في تلك المنطقة الحيوية والاستراتيجية من العالم. والتي قد
تشهد المواجهات الاعنف بين القوى الكبرى وخصوصاً الصاعدة منها, وليس ثمة اهمية او صحة في تغريدات ترمب حول اتهاماته
لباكستان بأنها «توفر ملاذات آمنة للارهابيين»، وأن واشنطن «ارتكبت حماقات بمنحها مليارات الدولارات لإسلام اباد» وأن «مساعدة الاخيرة
لبلاده كانت ضئيلة»
. كان بمقدور ترمب ان «يُصحِّح» الامور عبر الدبلوماسية الهادئة، لكنه يريد إحداث قطيعة مع باكستان التي يرى انها باتت جزءا من محور
جديد تقوده الصين, وربما تكون ايران ضلعه الثالث (دع عنك روسيا في هذه المرحلة). ولم يتأخر الرد الباكستاني الذي بدا هو الآخر
غاضِباً وعنيفا الى حد ما, حيث استدعى وزير الخارجية الباكستاني السفير الاميركي لدى بلاده للاحتجاج على «تغريدات» ترمب وافضى
بتصريحات نارية (اقرأ نِدِّية) ليس فقط في وصفه تغريدات ترمب بـ»انها عارية تماماً عن الصحة» وانما ايضا في تذكير واشنطن بان
«الاموال التي قدَّمتها لبلاده طيلة ال15سنة الماضية، لم تكن عملا (خيرِياً) بل كانت لقاء... خدمات».
kharroub@jpf.com.jo