Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-May-2018

رسالة الفاتيكان الأربعينية في رمضان - الاب رفعت بدر

الراي -  بمناسبة حلول شهر رمضان، وقرب عيد الفطر السعيد، وجّه المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان رسالته السنوية للمسلمين في العالم، تحت عنوان «المسيحيون والمسلمون: من التنافس إلى التعاون». تبدأ الرسالة ب»أيّها الأخوة والأخوات المسلمون الأعزاء»، وهو تطوّر عمّا كانت عليه الرسالة الاولى عام 1978 ،اي قبل 40 سنة تماما، حين لم يكن فيها كلمة للمخاطبين، ومن ثم صارت تقول: «أيّها الأصدقاء المسلمون»، الى ان وصلنا الى التطوّر اليوم، وهو أن المسلمين هم أخوة المسيحيين في العالم، وانّ هذه الاخوّة هي صادقة ونبيلة، كون أننا جميعا نعبد االله الواحد، ونتشارك في خدمة الانسانية.

جاءت أول رسالة قبل اربعة عقود بتوقيع من الكاردينال سيرجيو بينودلي، رئيس المجلس البابوي « لغير المسيحيين» كما كان يسمّى لغاية عام 1988 حين أعطاه البابا يوحنا بولس الثاني اسم «المجلس البابوي للحوار بين الأديان». وكانت الرسالة الاولى في عهد البابا بولس السادس وفي آخر سنة له على الارض، وهو الذي زارنا في مستهل زيارته للارض المقدسة عام 1964 ،ومن المنتظر اعلانه قديسا في تشرين اول المقبل، ليكون بعد البابا يوحنا بولس الثاني، ثاني قديس يزور أرضنا المباركة.
أما موضوع هذا العام فهو جدير بالتوقف عنده، اي «المسيحيون والمسلمون: من المنافسة الى التعاون»، وتقول الرسالة: «في الماضي، كانت العلاقات بين المسيحيين والمسلمين تتّسم في كثير من الأحيان بروح المنافسة، والتي يمكن رؤية عواقبها السلبيّة: الغيرة والاتّهامات المتبادلة والتوتّرات. وفي بعض الحالات أدّى ذلك إلى صدامات عنيفة، لا سيّما عندما كان يتمّ استغلال الدّين، وعلى وجه الخصوص من أجل مصالح شخصيّة ومنافع سياسيّة» . وهنا تضع الرسالة الموقعة من الكارينال جان لويس توران، الذي اثقلته متاعب مرض البارنكسون، وكانت آخر زيارة له الشهر الفائت الى المملكة العربية السعودية، ورافقه فيها معاونه الاردني الاب خالد عكشة، ووقع وثيقة تعاون مع رابطة العالم الاسلامي، تضعنا امام الانعكاس السلبي لهذا التنافس المذكور على صورة الاديان وعلى أتباعها، ممّا يعزّز الفكرة القائلة بأنها «ليست مصادر سلام، وإنّما أسباب توتّر وعنف.»
ودرءاً لهذه الآثار السلبيّة، تذكّر رسالة هذا العام، وقد صدرت بالجمعة الرمضانية الاولى، المسيحيين
والمسلمين، بالقيم الدينيّة والأخلاقيّة التي نتقاسمها، بدون أن نغفل ما نختلف فيه. وإذ نعترف بما نشترك فيه ونُظهر الاحترام لاختلافاتنا المشروعة، يمكننا أن نرسّخ بمزيد من الحزم أساسًا متينًا لعلاقات سلميّة، وأن ننتقل من المنافسة والمواجهة إلى التعاون الفعّال من أجل الصالح العام. وهذا مفيد بشكل خاص للمحتاجين، ويمكّننا جميعًا من تقديم شهادة ذات مصداقيّة لحبّ االله عزّ وجل للبشرية جمعاء.
في هذا الشهر المبارك، كثيرة هي المبادرات المشتركة التي تقوم بها جمعيات خيرية، مسلمة ام مسيحية، من أجل الفقراء والمحتاجين، وهي من أجمل الصور على الانتقال من التنافس الى التعاون. فالشاب محمد القرالة، قد صنع حملة «مسار الخير»، من مبادرة فردية تحولت الان الى قوافل خير تسير في كل المحافظات وتقدّم الابتسامة ممتزجة مع طرود الخير. أما جمعية الكاريتاس الاردنية، فانها تستمر في عطائها على طوال العام، للوافد كما للمواطن، وتحوّل وجبات الغداء اليومية في مطعم الرحمة المجاني، الى وجبات افطار بمحبة واحترام لجميع طارقي الباب. وليس هؤلاء من عائلات مستورة، تأتي الى تناول الطعام، وانما هي فرق المتطوعين من مختلف القطاعات، تاتي لاعداد الطعام وتقديمه بالمحبة، كما هي مثل الشيخ الجليل الذي اوقف سيارته قبل ايام، واعطى للمطعم ما جادت به النفس، دون ان يذكر اسمه او يصوّر نفسه ليتحدّث عنها الاعلام، فعمل الخير في هذا الشهر أبلغ جواب ايجابي على رسالة الفاتيكان هذا العام.
وكما تقول الرسالة، ومن أجل تشجيع العلاقات السلميّة والأخويّة، فلنعمل معاً ولنكرّم بعضنا بعضاً. وهكذا، نمجّد االله عزّ وجلّ ونعزّز الانسجام في مجتمعات متعدّدة الأعراق والديانات والثقافات بشكل متزايد. كل رمضان وانتم بخير.
Abouna.org@gmail.com