Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Oct-2017

«مذبحة الواحات».. ماذا يريدون لمصر؟ - محمد خروب

 الراي - الصدمة التي اصابت مصر شعبا وجيشا وشرطة واجهزة امنية، اصعب واشمل واكثر عمقا وتداعيات، مما بدأ يظهر على السطح من تساؤلات حول «اسم» الجماعة الإرهابية التي تقف خلف مذبحة مروّعة كهذه، ما كانت لتحدُث بمثل هذا الشكل المُحكَم الذي هو اقرب الى «الكمين» والمعلومات المُسرّبة عن تحركات القوة الخاصة ومعظمها من ضباط وجنود محترفين، استطاع الإرهابيون ان يوقعوا في صفوفهم خسائر فادحة ما تزال حديث الشعب المصري ووسائل إعلامه، وسط غضب شعبي متصاعد واسئلة كبرى ما تزال تطرح في الفضاء المصري، دون ان تجد اجابات شافية عليها. وبخاصة ان معركة مصر المفتوحة مع الارهاب في سيناء لم تنته بعد، ولا يبدو انها مرشحة للانتهاء في وقت قريب بعد ان بدأت انباء متواترة تتحدث عن دعم اقليمي واستثمار «دولي» في هذه الجماعة الإجرامية، بهدف إنهاك مصر وإرباكها واستنزاف جيشها وفق النظرية التي ما تزال دول اقليمية ودولية عديدة تقول: ان «مصر» هي (الجائزة الكبرى) وان من يفوز بها (بعد ان تم استنزاف القوى العربية الحية ونشر الفوضى والخراب فيها، وإخضاع بعضها للتقسيم او الفدرلة او الفوضى) يستطيع «الفائز بمصر» ان يرسم خريطة المنطقة ويتحكم بها لعقود مقبلة.. طوال.

 
في ضوء الخيبة التي حصدوها عندما فشلوا في تسليم مصر25 يناير2011 إلى الإخوان المسلمين، بتواطؤ من المجلس العسكري، لكنهم لم يفقدوا»الأمل» وواصلوا المهمة.. بـ»هِمة» ودأب.
 
اذا ما صحّ البيان الذي نقلته وكالة الانباء الالمانية عن حركة «حسم» الارهابية، وهي اختصار لـ»حركة سواعد مصر» التي تبنّت العملية بزهو، مُتعهدة الاستمرار في عملياتها ضد قوات الامن والجيش المصري، فاننا نكون امام تطور خطير، ولافت في «قوة» هذه الجماعة الارهابية التي تُجمِع التقارير والتحليلات على انها الجناح «العسكري» للتيار المنشق عن جماعة الاخوان المسلمين المصرية، وانها – حسم – باتت على درجة من القوة والنفوذ وربما القدرة على اختراق اجهزة الامن، ما يسمح لها بمواصلة عمليات «نوعية» كهذه، ستُسهِم بالتأكيد في إحراج الحكومة والجيش المصريين، وتضع على كاهلهما مسؤوليات اكثر ضخامة، ما قد يدفعها ايضا لاتخاذ خطوات وسنّ قوانين وتشريعات، كتمديد حال الطوارئ وخطوات قد يرى البعض انها تسلب الحريات الشخصية وتثير ردود فعل داخلية وخصوصا خارجية، لدى منظمات حقوق الانسان الدولية وهو ما تسعى اليه الجماعات الارهابية كهدف آخر غير هدف القتل ومقارفة الارهاب، بهدف إضعاف الحكومة وتعريضها لحملات إعلامية خارجية، تتهمها بالقمع ومصادرة الحريات الشخصية والعامة.
 
لا تتغيّر كثير من المعطيات والارقام وخصوصا اهداف الجماعات الارهابية، لو كان «داعش» هو المسؤول عن مذبحة الواحات، وهو ما ذهبت اليه صحف اميركية (وول ستريت جورنال) واخرى بريطانية (ديلي ميل) عندما حمّلتا داعش المسؤولية، باعتبار ان التنظيم الذي تلقّى وما يزال ضربات موجعة وقاصمة في سوريا والعراق، قد اتّخذ قراراً بنقل مسرح عملياته الى ساحات ومناطق ما تزال قدرة الحكومات على ضبطها محدودة او سائبة، كما هي حال الجار الغربي لمصر(ليبيا) وبعض مناطق سيناء حيث المواجهات محتدمة مع الجيش المصري، فضلا عن محاولات إحياء وجوده (وتنظيم القاعدة ايضا) في تونس والجزائر ومالي.
 
واذا ما ثبت ان «داعش» هو المسؤول عن جريمة الواحات، فان المسألة تأخذ أبعاداً سياسية وامنية ولوجستية مختلفة، وبالذات لجهة الوقوف على الكيفية التي استطاع بها التنظيم الاجرامي، إحداث اختراق كهذا في الداخل المصري، رغم انه «استقرّ» في سيناء وبدت محاولاته للعبور الى العمق المصري صعبة بل مستحيلة، بفضل الاجراءات الامنية الشديدة التي تفرضها الاجهزة الامنية المختلفة داخل سيناء وباتجاه الداخل، سواء في مدن القناة ام نحو القاهرة والصعيد.
 
تبقى إذاً الاهداف السياسية التي يسعى الارهابيون الى تحقيقها وهم المُتّهمون بالمسؤولية عن المذبحة اليها، وهم بالترتيب «المقصود»: حركة «حسم» التي كان القضاء المصري قد حظرها واعلنها تنظيما ارهابيا في شباط الماضي, بعد سلسلة عمليات نفذتها ضد شخصيات دينية (محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة) وقضائية (استهداف القاضي احمد ابو الفتوح وهو احد ثلاثة قضاة معينين بمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي) اضافة الى الهجوم على ضابط شرطة في الفيوم, وهو اليوم الذي ظهرت فيه «حسم» الى العلَن عبر بيانها الذي تبنّت فيه العملية في شهر تموز 2016 ..كذلك «داعش» مُتَّهم وإن كان مراقبون داخل مصر لا يرجحون احتمالا كهذا, فيما ظهرت على السطح «جماعة المرابطين» وهي عصابة مسلحة يقودها ضابط صاعقة مصري سابق يدعى هشام علي عشماوي, لكن خبراء الجماعات الاسلاموية يقولون: إنها اضعف من أن تقود عملية مُعقّدة ومُخطّطة جيداً... كمذبحة الواحات.
 
نقول سياسيّاً: أهداف الجماعات هذه ومن يقِف خلفها, واضحة لجهة إنهاك مصر وخصوصاً جيشها وتحويلها الى رجل المنطقة «المريض» المُثقَل بالديون والغلاء والبطالة, وزجّها في دائرة النار والإرهاب, بعد ان اوشكت «مسارح» عمليات الارهاب في سوريا والعراق على النهاية, واقتربت كذلك «الادوار» التي انيطت بمنظمات الإرهاب, عربياً وغربياً وخصوصاً أميركياً... على النفاد، ولكنهم كما فشلوا في سوريا والعراق واليمن وليبيا, لن يحصدوا في مصر سوى الخيبة, لأن المصريين اثبتوا في الماضي – وتاريخهم يشهَد – انهم قادرون على التماسك وقت الشدّة ولديهم ما يكفي من الشجاعة والصبر ومنسوب التضحية المرتفِع, ليهزموا الجماعات الإرهابية الإسلاموية, التي انكشف زيف خطابها وخواء أفكارها وعقم تديّنها الظلامي... وانحرافها.
 
kharroub@jpf.com.jo