Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Feb-2018

الـسـطو الـمـسـلح - د. محمود عبابنة

الراي -  ظاهرة الإقدام على إرتكاب جرائم السطو التي تكررت خلال الأيام الماضية في بلدنا الذي كنا نفاخر فيه بحالة الأمن والأمان، تستدعي الدراسة والتحليل والمتابعة، ولا يجب أن نغمض العين عن السلسلة المتكررة والمتصاعدة، أو ندعي بأنها حادث معزول، أو نكتفي بالمعالجة الأمنية فقط كما هو الحال في التعامل مع ظاهرة الإرهاب والتطرف، فظاهرة السطو تكاد تكون طفرة غير مسبوقة مرشحة للتكرار والزيادة، فهناك ثلاث حالات سطو على بنوك ومكتب بريد وعلى صيدليات ومحطة محروقات ومتاجر جميعها حصلت خلال أقل من شهر، لدرجة أن المواطن العادي يتساءل هل هناك أيد خفية لزعزعة الإستقرار وللنيل من شعارنا الذي كنا حتى فترة بسيطة نتغنى به وهو أن الأردن بلد الأمن والأمان.

أفعال السطو المسلح تكشف عن خطورة إجرامية لشخص المجرم ذي العقلية الغرائزية المعقدة، وهي وجه آخر للسرقة تحت تهديد السلاح أو إستخدامه أو إثارة الخوف، وهي تحصل في كل المجتمعات والدول، وغالباً ما تترافق مع ظروف مشددة كحصول السطو ليلاً أو بالإشتراك مع عدد من الجناة الذين يتفاوتون بين الهواة والمحترفين.
من حق أي كان أن يدلف إلى حقل التخمينات والتحليلات للنظر والبحث في الظاهرة على قاعدة أنها حوادث غير معزولة كما يتسابق البعض على وصفها، وأن بلدنا آمن ومطمئن، فأمام أكثر من عشر حوادث سطو خلال مدة شهر لم يعد هذا الكلام مستساغاً، والقائلون به يستمرئون دفن الرؤوس في الرمال، التصدي يجب أن يكون فورياً ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني ومراكز البحث وإدارة السجون وبرامج التأهيل للبحث وطرح الأسئلة عن توقيت الظاهرة، وتكرارها الأسبوعي أو الشهري، وإستحسان البعض ولو كان قليلاً لهذه الأفعال الجرمية الخطيرة.
ليس هناك ما يريح بإستثناء رد فعل الناس المتميز في حالة السطو الأخير على فرع البنك العربي، عندما إستبسل الجمهور في مهمة القبض على الجاني ولكمه وطرحه على الأرض بغضب وحزم، مما يشي عن ما يعتمل في صدور الناس من غضب وإستنكار لكل فعل إجرامي يستهدف الأمن الاجتماعي رغم معاناتهم الاقتصادية.
التحليلات والتفسيرات لهذه الطفرة المفاجئة، تفاوتت بين من يعزو ذلك لموجة إرتفاع الأسعار، وغلاء تكاليف المعيشة، وزيادة حجم البطالة، وتردي التعليم، والأثر النفسي لثقافة أفلام السينما السلبية، وتضاؤل الوازع الديني والأخلاقي، والمبالغة في النقد والهجوم على الحكومة والدولة، والتفاوت الطبقي المتصاعد، وفشل برامج التأهيل والإرشاد لصغار السارقين الذين يخرجون من السجن بعزيمة جرمية أقوى ولا يملك إلا أن يضيف إلى سوابقه جرائم أكثر خطورة كالسطو المسلح للحصول على المال.
علماء الجريمة تصدوا لظاهرة تزايد الجريمة بشكلها ونوعيتها وموسميتها، فقد تزيد جرائم القتل في الصيف، وتزيد جرائم السرقة في الشتاء، وتنتشر جرائم السلب وقطع الطريق في أوقات الفوضى والحروب الأهلية، كما تنتشر جرائم السطو المسلح في أوقات الأزمات الاقتصادية وفقدان الأمل، وإنحطاط القيم.