Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Aug-2018

رسالة الفحيص والخطر السائل* سامح المحاريق
الرأي - 
تبين أن حادثة الفحيص لم تكن انفجاراً عارضاً وأعلنت وزارة الداخلية في بيان مقتضب أن التفجير عمل إرهابي، وبما يعني أن الاستهداف كان يمكن أن يودي بحياة العشرات من الحضور لو جرى تخطيطه كحدث كبير لاستغلال الوجود الكبير لزوار المهرجان الفني الثقافي في المدينة، وفي هذه الحالة فإن الاحتمالات تبدو محدودة لغاية، فإما أن مجموعة صغيرة من الذئاب المنفردة تقف وراء العملية، وهو ما سيوزع مخاطر المواجهة وسيجعلها معقدة للغاية، لأن هذه الجماعات تنشأ في الفراغ تقريباً وتجمع أشخاصاً من غير ذوي الأسبقيات أو السلوكيات المريبة.
 
الاحتمال الثاني، هو أن التفجير رسالة إلى الأجهزة الأمنية، وهذه الاحتمالية تولد مخاوف فعلية وكبيرة، فقبل تفجيرات عمان كانت ثمة محاولة لاستهداف العقبة أتبعت بالعمل الجبان الذي استهدف بصورة متزامنة ثلاثة فنادق في عمان، كما أن الظروف الموضوعية للعمل الجبان الذي استهدف عمان سنة 2005 من خلال تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين يتشابه عملياً مع وجود تدفقات كبيرة للأردن يمكن أنها اندست من خلال عمليات اللجوء الواسعة خلال السنوات الأخيرة.
 
أعلنت وزارة الداخلية تفاصيل العملية، ولكن لا يعني ذلك أن المواجهة الأمنية ستنحصر في مجال العمل الأمني التقليدي، فالحديث عن محاولة مجهضة للتسلل للحدود الأردنية قبل أيام يمكن أن يدفع بعض الجهات إلى العمل على الانتقام من الداخل أو خلق حالة من التشويش تعمل على استنزاف القدرات الأمنية تجاه تهديدات غير واضحة لا يمتلك الأردنيون رفاهية التعامل معها سوى بكل التركيز والقوة.
 
وسط منطقة ملتهبة بقيت الأردن بمنأى عن التهديدات الإرهابية المؤرقة، ولكن ذلك لم يوفر ضمانة بأن تكون بعيدة تماماً عن حوادث ارتدادية كما جرى في أحداث قلعة الكرك، والتي تطورت بسرعة كبيرة ومفاجأة نتيجة أخطاء ارتكبتها المجموعة الإرهابية في ذلك الوقت، ويبدو أن دور المواطنين في التعامل مع الأحداث المشبوهة يجب أن يكون حاضراً فلا قوة أمنية مهما بلغت قوتها وكفاءتها تستطيع أن تسيطر على كل شيء وأن تستبق التعامل مع جميع أنواع التهديدات، ومشاركة المواطنين مطلوبة وضرورية حيث يمتلكون الخبرة بالأوضاع الاعتيادية في مناطقهم ويمكنهم أن يكونوا دائماً في إطار الرافد لمفهوم الأمن الكلي، وليس ذلك الأمن الذي يلقي بتبعته على الأجهزة المختصة وحدها.
 
لو زرعت الأردن بآلاف الكاميرات فإن الحساسية العملية لدى المواطنين يجب أن تظل قائمة من خلال التوعية المتواصلة من الأجهزة الأمنية، والأردن يحظى بدرجة عالية من التجانس المجتمعي الذي يمكنه أن يلفظ أي كتل غير متجانسة تنسل لتجد موقعاً في تجمعات الفقر والعشوائية التي أخذت تظهر مؤخراً، فهي واحدة من الحواضن الأساسية للجريمة في ثنايا الإهمال المقيم في هذه المناطق، ولا يمكن لغير أبناء هذه المناطق أن يواجهوا الظواهر الدخيلة على مجتمعاتهم، وعليهم أن يشعروا دائماً بأهميتهم في المواجهة على المستوى الوطني، وبذلك يمكن أن تكتمل الصورة وأن تظهر الشوائب سريعاً وأن يمكن فرزها والتعامل معها بصورة صحيحة.
 
حملة إعلامية عاجلة يجب أن تظهر للمواطنين من أجل إدماجهم في واجب الدفاع عن وطنهم في ظروف حرجة وأجواء غامضة وملبدة بالغيوم، وخاصة أن تنظيماً كاملاً ينهار في سوريا وستكون المنطقة بأسرها أرضاً لتساقط شظاياه المسمومة والجبانة، ويحتاج التعامل مع هذه الحالة من الخطر السائل تكاثفاً في العمل الأمني بمنظور وطني، فالأردن لا يواجه جريمة تقليدية تسعى لأن تحقق المكاسب للقائمين على تدبيرها ولكن مداً إرهابياً يستهدف استقراره ووجوده.