Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Apr-2019

يشمتون بإسرائيل فماذا عن حال العرب؟* ماهر أبو طير

 الغد-ملايين التعليقات انهمرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باللغة العربية، تحمل شماتة بالاحتلال الإسرائيلي، إثر تعثر نزول المركبة الفضائية على القمر.

الشماتة تعبر عن حالة تستحق التحليل، لان الذين يشمتون يجب أن يكونوا أكثر قوة، أو انهم حققوا ما حققه الاحتلال، علميا، أو على الأقل في حالة منافسة، لكننا للأسف نستدعي الذهنية البائسة، ولا نجد سوى الشماتة، باعتبار أن الاحتلال تعرض إلى خسارة كبرى.
لست معجبا بالاحتلال، ولست مصابا بعقدة الاعجاب بالمحتل، أو الأقوى، وهي عقدة تستحكم نفوس البعض، الذين يشعرون بالضآلة والضعف، أمام المستبد أو المحتل أو الأكثر قوة، بشكل مباشر، أو عبر تأثر العقل الباطني، أو التمجيد الاثم لقدراته، من حيث لا يريد المرء.
لكن مهلا، إذ علينا أن نقرأ التعليقات الأكثر تكرارا، وبعضها يقول إن الله انتقم منهم، أو أن القمر يحتقرهم، وفي حالات يكتب آخرون انهم امضوا الوقت قبل نزول المركبة، وهم يصلون أو يدعون الله، حتى تتحطم المركبة، وثلة كتبت وقالت إن كل هذه الرحلة مجرد كذبة، وزاد على كل ما سبق، أدعية من باب اللهم انتقم منهم، ودمرهم تدميرا.
انا مثلي مثل غيري، مؤمن بالله، لكن علينا ان نفكر بطريقة منطقية، ردا على التعليقات السابقة، فلماذا ينتقم الله من نزول مركبة فضائية، ونحن نعرف ان الاحتلال سوف يكرر رحلة الاطلاق، وقد ينجحون في المرة الثانية، فماذا سنقول لحظتها، هل سنقول ان الانتقام الرباني، كان في المرة الأولى، فقط، وغاب في المرة الثانية، كما ان أولئك الذين يدعون الله حتى ينتقم من الاحتلال، لا يختلفون عن مليار عربي ومسلم يدعون ليل نهار، على الاحتلال، الذي لم يتأثر، لأننا لم نعد العدة، ولم نتسلح بالعلم، وجلسنا مثل النائحات الباكيات المستأجرات نصرخ ونبكي، دون ان نصنع عود كبريت، او نعد أي عدة لنزعهم من جذورهم، في ارضنا، وارض العرب والمسلمين، التي يتسللون اليها، ليل نهار.
الانتقام الرباني هنا، كان من الأولى ان يكون ساعة قصف غزة، او أبرياء فلسطين ولبنان وسورية، عبر تعطيل طيرانهم وصواريخهم، لا ساعة نزول مركبة فضائية على القمر، وكان من الأولى ان يكون ساعة نزولهم كالجراد على فلسطين، لا ساعة نزولهم على القمر.
بلا شك، فأن الله عز وجل، وفي وعده، بشرنا بزوال الاحتلال، وهذا يفرض علينا، بنية مختلفة، دينيا، واخلاقيا، وعلميا، وهي بنى غائبة، فكيف سنزيل الاحتلال، ونحن بلا بنية أخلاقية وعقائدية، في الوقت الذي نعاني فيه من افلاس علمي، على كل الأصعدة، ولا أحد ينكر أن الامداد الإلهي، أمر حقيقي، لكنه أيضا، يتجلى في تواقيت تكون فيه هذه الامة، جاهزة، على كل الأصعدة، وهو شرط غير متوفر حاليا، وقد يتوفر لاحقا، بأذن الله؟
الاحتلال، لم يبن كيانه بالكلام والشعارات والأمنيات، وكلنا يعرف ان الاحتلال متفوق على اصعدة كثيرة، عسكريا، وتكنولوجيا، وعلى اصعدة أخرى يتفوقون بها، فيما نحن نندب حظنا، ونتشاغل بالصراعات، والحروب، ونتغطى بالاوهام والاحلام، ولولا بث اليأس في قلوب الناس، لقلنا الكثير، عن واقع العرب والمسلمين، الذي يعد سيئا بكل المعايير.
الشماتة بالعدو، مفهومة، ومبررة، ومقبولة، لان هذا العدو، لا يمكن قبوله، ولا يمكن مصالحته، لكننا نريد أن نعيد التأكيد على أن الشماتة، غير كافية، وتعبر في أحد اوجهها عن سذاجة، أو بساطة، لان هؤلاء سيعودون الى تكرار تجربتهم، وقد ينجحون فيما نحن كما نحن، ننتظر حلا من غامض الغيب، ونفرح فقط لحادث سير يموت فيه إسرائيليون في القدس أو النقب، أو حريق يأتي على غابة، باعتبار ان الحل الوحيد، هو الكوارث الطبيعية، والاخطاء البشرية التي تقع في أي مكان آخر.
لا تكفي الشماتة، لمواجهة هذا الاحتلال الغادر، وكل هذه الطاقة من الكراهية لإسرائيل، مفهومة، وتؤشر على أن الشعوب تدرك أن هذا هو عدوها، لكن علينا بكل صراحة، ان نتذكر ان اقمارهم الصناعية، تحوم فوق رؤوسنا ليل نهار، ولم يتم الانتقام منها، هذا فوق ان إزالة الاحتلال، بحاجة الى نهضة، بكل ما تعنيه الكلمة، من عقيدة وعلم، معا.
ستزول إسرائيل، يوما ما، لكن بالتأكيد ليس عبر الكلام، ولا التعليقات، ولا عبر شعوب تتمطى على الأرصفة، تنتظر فرجا، من حيث لا تحتسب.