Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Nov-2017

بين جنيف «8 «وسوتشي «1 «فُرصَتان تُبدِّدهما أوهام المُعارَضات! - محمد خروب

الراي -  غداً، وإذا لم تحدث مفاجأة في اللحظة الأخيرة, سيلتئم مؤتمر جنيف في نسخته الثامنة، بعد طول انتظار وتأجيل (الجولة السابعة عقدت في 7/11 الماضي) في ظل اجواء ومناخات وميادين مغايرة لتلك التي سادت الجولة السابعة وما قبلها، اذ انهار داعش وانهزمت مجاميع الارهابيين الذين تخفّوا ذات يوم تحت مسمى «الجيش الحر» وغيرها من التسميات, التي اخترعها داعمو وممولو ومشغلو ورعاة الارهاب في المنطقة وخصوصاً في سوريا، ولم يعد ثمة «رابط» يجمع بين معارضات الخارج التي فقدت صدقيتها بعد فشلها في قراءة الاوضاع المستجدة على الساحة السورية, وما طرأ على موازين القوى الجيوسياسية وخصوصاً العسكرية من تغييرات ذات بعد استراتيجي، فيما يُواصِل هؤلاء تكرار الاسطوانة المشروخة التي املتها عليهم عواصم اقليمية ودولية وعلى رأسها واشنطن, باشتراط «رحيل رأس النظام السوري ورموزه» ما استوجب تنحية رياض حجاب عبر الدعوة الى ما بات يُعرف بـ»مؤتمر الرياض2 ,«وتزايد تسريبات عن «تخلِّي» معارضات الخارج عن ذلك الشرط مستحيل التحقيق تحت اي ظرف, الى ان فوجئ الجميع باختيار صاحب الصوت المرتفِع المتكِئ على ميداني او سياسي او شعبي, لـ»يرث» الهيئة العليا للتفاوض عبارات ثوروية فارغة المضامين, وهي في الاساس بلا رصيد وليرأس وفد المعارضات الواحد (وليس المُوَحّد كما يجب التنويه) واسمه هذه المرة... نصر الحريري.

 
الحريري هذا المنتشي بمنصبه الذي جاء به اليه, ما تبقّى من الرعاة واللاعبين الاقليميين, وبدعم من دوائر ووكالات استخبارية اقليمية ودولية. قال في مؤتمر صحفي بعد انتهاء مؤتمر الرياض2» أنهم ذاهبون الى جنيف لهدف محدد هو «الانتقال السياسي».. وهذا المصطلح المغسول وغير القابل للتطبيق, لا يعدو كونه وَهْمَاً آخر, ما تزال معارَضات الخارج تتمسك به ظنا منها - ومن الذين اوحوا لها بمواصلة الحديث عنه كشرط لازم, ان رفع السقف التفاوضي ولو إعلامياً, سيُفضي الى تنازلات في موضوعات وملفات اخرى, يجدر بالمعارَضات ان لا تتخلى عنه, إلاّ بعد تحقيق تلك التنازلات (المُفترَضة بالطبع) والتي سـ»يُجبَر» النظام على تقديمها.
 
هنا تبز المراهقة السياسية لدى معارضات الخارج على «أبهى» تجلياتها, كذلك إنعدام القدرة لدى هؤلاء الدمى على قراءة الابعاد الاستراتيجية للتحولات العميقة, التي طرأت على المشهَديْن.. الإقليمي ببعده السوري اولا ودائما العراقي, والإنكفاء في ادوار اللاعبين «الإقليميين» الذين اشعلوا الحرب على سوريا وفيها, دون اهمال ما يحدث الان على الساحة الدولية وفي الدرجة الاولى «عزلة» اميركا وانعدام او تراجع تأثيرها على الميدان السوري, مقارنة بما كانت عليه قبل سنوات قليلة, رغم ما تتوهمه الآن والزعم بأنها قادرة على عرقلة اي تسوية, عبر الاتكاء على مرتزقتها في قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذين يعتقدون ان تمدّدهم الجغرافي في البادية الشرقية الشمالية السورية, كفيل بتوفير اوراق تفاوضية, تكفل لهم حكما ذاتيا او قل تَضْمن لواشنطن جيباً كردياً متأمركاً ومتآمراً.
 
ادعاء بيان مؤتمر الرياض2» انهم ذاهبون الى جنيف8 بدون شروط مُسبَقة»، تفضحه تصريحاتهم مفرطة الثقة بالنفس, ولكن غير الواقعية بل مستحيلة التحقيق في ظل الهزائم الكبرى التي لحقت بالمجموعات الإرهابية المسلحة وبخاصة داعش, الذي كان مثابة الاحتياطي لهذه المعارضات ولأميركا, والتي لم تتردد كثير من المجموعات المسلّحة في الالتحاق به والانتماء اليه ورفع رايته, رهانا منها ومعادلة التحالفات والاصطفافات الاقليمية وبعدها الدولية, واستعادة الدولة السورية زمام المبادرة وبروز قدرتها على استيعاب دروس على ما اعتبرته حصاناً فائزاً, فاذا بها - ومن موّلها وشغّلها - تحصد الخيبة وتُجبَر على الانكفاء والتراجع تحت ضغط الوقائع الميدانية وعِبَر السنوات الدموية السبع, التي كان يجب وبالضرورة ان تكون عبرة لكل الوطنيين السوريين, لكن معارَضات الخارج تأبى إلاّ ان تبقى مُلحَقة وتابِعة لأسيادها, دون ادنى إهتمام بمصالح الشعب السوري المنكوب والمظلوم.
 
لن ينجح جنيف8 في احراز اي تقدم يُذكَر ما لم «يتواضع» هؤلاء الذين جيء بهم لينطقوا باسم «معارضة» غير موجودة في الميدان, سوى قاعات الفنادق الفخمة والتنقل عبر مقاعد الدرجة الاولى من مطار الى مطار. وليس مُهِماً والحال كذلك, مواصلة نصر الحريري الحديث عن (جنيف1 (الذي عُقِد في 30 حزيران 2012 وتكرار اسطوانة «هيئة الحكم الانتقالي ذات الصلاحيات الكاملة»، لأن استمرار هذه «الشروط» يعني انتفاء اي صلة بين الواقع الميداني واوهام مندوبي معارَضات الخارج «الجُدد»، فيما على المقلب الآخر تبدو فرصة مؤتمر الحوار السوري الشامل المقرَّر انعقاده في الثاني من كانون الاول المقبل في مدينة سوتشي الروسية، واعدة واحتمالات نجاحِه واردة, وبخاصة ان المدعوين اليها يشكلون طيفاً سورياً اوسع واكثر تمثيلاً من هؤلاء «المُدّعين» الذين فقدوا كل مبرر او سبب للزعم بانهم «معارَضة»، فهم كما الجنرالات بلا جنود, لا حاضنة شعبية او حزبية - ولا حتى عسكرية - داعمة لهم او تعترف بهم, اللهم الا اذا كان بينهم الاسلاموي المُتشدِّد محمد علوش, الذي يدّعي تمثيل المجموعة الارهابية المُسمّاة «جيش الاسلام»، والمتمركزة في الغوطة الشرقية.تلك المنطقة الموشكة على السقوط في يد الجيش السوري, بعد ان انهكها الإرهابيون واكتشاف اهالي الغوطة انهم ليسوا اكثر من رهائن ودروعاً بشرية لدى جيش الاسلام, معدومو الصلة بأي «ثورة»..يدّعون، وانهم مجرد ادوات ودُمى, تتحرك بأوامر من الخارج. فـَ»عًن أي مُعارَضات مًوحّدة.. يتحدث هؤلاء؟.
kharroub@jpf.com.jo