Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Jan-2018

قرارات أميركية صادمة وفاشلة !! - محمد كعوش

الراي - عندما نذهب الى آخر المشهد السوري في الشمال نرى أن تركيا تستخدم الجيش الحر لتحقيق اهدافها ومشروعها الخاص ، كما نرى أن الولايات المتحدة توظّف الفصائل الكردية لتحقيق اهدافها ومشروعها الذي فشلت في تحقيقه الفصائل المسلحة الأرهابية الاخرى. واذا توغلنا في الطريق أكثر سنكتشف معالم المشهد الأشمل والأوسع ، ونتأكد من أن الفصائل الأرهابية ما زالت تتلقى الدعم العسكري والسياسي والأعلامي من مصادره الأقليمية والدولية.

 
بالمقابل تبذل روسيا كل جهودها وتتحرك سياسيا ودبلوماسيا على مدار الساعة ، كي لا تصل الأزمة
السورية الى الطريق المسدود ، أو الوصول الى الخيار الأوحد والأخير وهو الحسم العسكري ، وهو الخيار الذي تتجنبه موسكو بسبب التواجد العسكري الأميركي ، ووجود قوات تركية داخل الأراضي السورية.
 
ولكن رغم ذلك ، هناك من حوّل المفاوضات الى لعبة عبثية متنقلة من جنيف الى استانة الى فيينا ثم تنتهي في سوتشي ، الى ان تعود لبداياتها ومربعها الأول. الحقيقة أن الأسباب واضحة فالوفد الرسمي السوري لا يفاوض الوفود المعارضة السورية من أجل حل سوري ، بل يفاوض منصات اقليمية ودولية ، وكل منصة تحمل اجندتها وتعليماتها من المرجعيات التي تدفع فواتير الفنادق وتكاليف السفر ، وبالتالي كلها مربوطة بيد المرجعية الأعلى القابعة في البيت الأبيض.
 
لذلك سيطول امد المفاوضات بلا طائل ، لأن هناك من يعرقل التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية ، ويريد ادامة الحرب الدموية في سوريا ، والحقيقة أن موسكو تعرف هذه الحقائق ، ولكن ليس من مصلحتها التوقف أو الأستسلام للواقع ، لذلك يحاول وزير الخارجية الروسية لافروف تجميل هذه المفاوضات ودعم استمرارها، كي لا يحدث الصدام العسكري السوري الأميركي في مرحلة قريبة ، لأن هذا الصدام سيحرج الرئيس بوتن ، كما يضع روسيا أمام قرار هو الأصعب.
 
واذا تساءلنا حول السبب الحقيقي لأدامة الحرب ومنع الوصول الى حل سياسي بين الحكومة والمعارضة ، فهناك من يعتقد أن استمرار الفوضى في سوريا ، وتدمير بنيتها التحتية ، واشغال الجيش واستنزافه ، هو مطلب اميركي اسرائيلي ، وهو فرصة تاريخية لأنهاء الصراع العربي الأسرائيلي بلا تكلفة ، في ظل الوضع العربي الراهن غير المسبوق الغارق في الحروب البديلة والصراعات الجانبية والحقد القبلي ، في غياب اي دور ايجابي لجامعة الدول العربية.
 
التقطت اسرائيل هذه الفرصة التي لاحت في ظل عهد ترمب ، الذي ذهب الى ما هو ابعد وأكثر من مطالب واهداف ومطامع حكومة اليمين المتطرف في أسرائيل ، وقد تجلى ذلك بوعوده غير الحكيمة ومواقفه غير العقلانية ودعمه المفتوح للكيان الصهيوني. وأخطر قرارات ترمب تتمثل بمنح القدس لاسرائيل ووقف الدعم عن منظمة الأونروا ، لأنهاء وضع اللاجئين والغاء حق العودة ، وفي النهاية الضغط على قيادة السلطة الفلسطينية ودفعها الى تسليم كل اوراقها وخياراتها ، والخضوع للشروط الأسرائيلية.
 
بدأ ترمب بتوزيع الغنائم واهداء العواصم والمقدسات واطلاق الوعود من موقع المنتصر ، والسبب انه جاء الى البيت الأبيض من عالم غير سياسي هو عالم اللهو ، ويجهل تماما حقيقة الصراع العربي الأسرائيلي ، لذلك يسعى الى اعدام قضية شعب دون الأنتباه الى مراحلها التاريخية ، وهنا يذكرني الرئيس الأميركي بذلك الضابط الأبيض الذي طرق باب زنزانة المناضل التاريخي نيلسون مانديلا ليخبره باعتزاز أنه سيحكم عليه بالأعدام شنقا ، فرد عليه مانديلا باستخفاف :» هذه هي المرة الأولى التي اتفق معك فيها حول قضية « فرد الضابط :» واعتقد انها الأخيرة «. هذا الضابط العنصري الجاهل لم يكن يؤمن بحركة التاريخ ، لذلك لم يكن يعرف أن النظام العنصري سيسقط ، وأن مانديلا سيصبح رئيسا للبلاد وبطلا تاريخيا.
 
ويبدو أن مشكلة ترمب تكمن في جهله بالحقائق التاريخية ، كما أنه ليس على وفاق مع من حوله في الأدارة ، ويختلف معهم حول الكثير من القضايا ولكنه بالتالي يفرض رايه ، أو ان مستشاريه يسمعونه ما يحب أن يسمع ليطرب. لذلك نرى أن معظم قراراته صادمة ، وسيكون مصيرها الفشل في سوريا وفي فلسطين معا ، لأن المتغير هو الثابت الوحيد في التاريخ ، وروح الأمة لم تنكسر.