لا أحد ينكر الجهد الكبير الذي يوليه معالي الوزير بتطوير الخدمات الصحية وفق أفضل معايير الجودة العالمية ؛ لكن هناك ثمة تساؤلات يمكن اثارتها وفي هذا الوقت تحديدا ، ونحن نتحدث عن نقص الكوادر الفنية الحرجة التي تحتاجها الوزارة.

السؤال الأول: لماذا يتم قتل أطباء الاختصاص بالوظائف الادارية المختلفة ، سواء في مركز الوزارة او في المستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة في المحافظات ؟!، لا شك أن طبيب الاختصاص ؛ ثروة وطنية ، وان انخراطه في عمل اداري؛ يعتبر سيفا ذا حدين: فمن جهة يحرم المواطن من الخدمة العلاجية لهذا الطبيب؛ وبالتالي يرتب كُلفا اضافية على الوزارة لتأهيل أو استقطاب بديل عنه، ومن جهة اخرى؛ فإن الأداء الإداري لطبيب الاختصاص لن يكون بمستوى الفعالية لأداء المدير المحترف!.

وفد يسأل البعض: أليس من حق الطبيب أن يرتقي وظيفيا؟!، بلى ؛ ولكن ليس على حساب المهنة ، والحل المقترح يكمن في تعديل نظام الخدمة المدنية والتعليمات الصادرة بموجبة ، بحيث يمنح طبيب الاختصاص رتبة وظيفية موازية ، مثلا أخصائي بمستوى رئيس قسم/ أو مدير مديرية، ويحصل على كافة مزايا الرتبة ؛ وهكذا يتفرغ لتطوير اختصاصه ويوفر من الكلف التي أشار اليها معالي الوزير.

السؤال الثاني: هناك عدد كبير من الأطباء العامين العاملين في وزارة الصحة ؛ ليس لديهم رغبة في العمل الطبي ، ويتسابقون للحصول على الوظائف الادارية ، لماذا لا تتبنى الوزارة مشروعا لبناء قدراتهم الادارية ؛ بحيث يتحول مسارهم الوظيفي من فني الى اداري؟!, في دول العالم المتقدم ، يعين مختص في الادارة ؛ او ادارة المستشفيات ؛ بوظيفة مدير مستشفى ، حتى يتفرغ الأخصائي الى عيادته وتطوير مهاراته الفنية؛ فما الذي يمنع أن نغير نهجنا في اختيار القيادات الادارية لكافة المواقع الاشرافية في وزارة الصحة؟!.

ان ممارسة الأطباء العامين للوظائف الادارية من غير تأهيل اداري وقيادي سينعكس سلبا على عمليات الوزارة وبالتالي مستوى الخدمة المقدمة وهذا بطبيعة الحال ينعكس سلبا على رضا متلقي الخدمة.

وزارة الصحة لا يوجد لديها مخصصات مالية للتدريب ؛ ولاننسى ان مخصصات التدريب مشتركة مع الابتعاث ؛ وهذا بالطبع يعطي الأولوية للابتعاث ؛ وعليه ؛ لا نستغرب عدم التحاق كوادر الوزارة بأي برامج تدريبية يعقدها معهد الادارة العامة منذ سنوات !.

معهد الإدارة العامة قادر على إطلاق مشروع تصميم وتنفيذ برامج بناء القدرات الادارية للأطباء العامين واداريي وزارة الصحة ووفق أفضل معايير الجودة ، لكن تنفيذ هذه البرامج يحتاج الى تمويل ، وهنا تبرز الحاجة الى إيجاد أو توجيه الجهات المانحة لتنفيذ مثل هذا المشروع الحيوي ، والأنظار بالطبع تتجه نحو وزارة التخطيط.

* مدير عام معهد الادارة العامة

a.qudah@yahoo.com