Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Aug-2017

عصر الحروب الالكترونية - أ.د. عصام سليمان الموسى
 
الراي - عصرنا عصر الحروب الالكترونية: فيه تقوم الدول بمهاجمة دول أخرى، او الشركات الكبيرة تشن حربا على شركات أخرى، ليس بالطرق التقليدية للحرب التقليدية، بل بطرق الحرب الالكترونية. الأطراف المتخاصمة تجلس في غرف مكيفة، امامها شاشات عريضة، وأجهزة حواسيب متطورة وذكية. ويشن الخصم مجهول الهوية على الآخر هجوما لا باطلاق الرصاص عليه، وانما باطلاق برامج رمزية في مسعى لاختراق دفاعات خصومه. وعلى الجهة الأخرى يجلس مدافع مجهول الهوية، كل اسلحته مثل زميله المهاجم شاشات حواسيب، واصابع تطبع بسرعة، ترسل موجات من رشات دفاعية، تصد تلك الهجمات التي تلحق بها الضرر. وتستمر المعارك سجالا متواصلا، هذا يرجم وذاك يدافع، ثم يهجم، وهكذا في عملية مستمرة باطلاق رسائل من الجهتين هدفها ارباك الخصم واختراق دفاعاته والقضاء عليه.
 
سبقت الحروب الالكترونية حروب عسكرية دامية تواجه فيها الخصوم اما بالسيوف او البنادق، وتلا ذلك استخدام الطائرات ثم الصواريخ القصيرة والبعيدة المدى. وانهارت جبهات دفاعية، واكتسحتها الجيوش المهاجمة. وخاض العالم أعنف الحروب بالحربين العالميتين الأولى والثانية في النصف الأول من القرن الماضي–وكانت الضحايا بالملايين وتهدمت حواضر القارة الأوروبية ودمرت مدن بالكامل. وشهدت هاتان الحربان معارك ساخنة وحروبا باردة، او اعلامية. في الحرب الأولى استخدم المذياع لأول مرة، وعزا هتلر هزيمة المانيا لتفوق خصومه باستخدامهم الراديو والدعاية الاعلامية ببراعة كبيرة. لذا عمد هتلر لتوظيف غوبلز وزيرا للدعاية، واستخدم هذا الراديو ببراعة فائقة، لكنه وسيده خسرا الحرب. في رحم الحرب العالمية الثانية ولد الحاسوب ومعه بدأ عصر الأجهزة الذكية لكنها لم تبلغ النضج الا بعد سنوات طويلة. في هذه الأثناء استعرت الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وانتصر فيها الغرب نهاية الثمانينيات بسقوط الاتحاد السوفياتي. وصادف هذا السقوط ظهور الإنترنت وتفوق الغرب ودول المركز الكترونيا. وبدأ عصر جديد بحروبه الالكترونية.
 
وشهد العرب حربا باردة في الخمسينيات والستينيات بين معسكري المحافظين والثوريين، انتهت بحرب حزيران عام 1967، وهزيمة العرب التي اوجعت قلوبهم تاريخيا، خاض العرب الحروب من أقدم الأزمان، من غزو القبائل لبعضها البعض، ثم لحروب الفتوحات الاسلامية، ثم لمعارك الثورة العربية التي جردت مائة الف مقاتل أدت لإعتراف الحلفاء في مؤتمر السلام بالعرب قوة محاربة في الحرب العالمية الأولى. ومع سيطرة الغرب الأوروبي ثم الأميركي على مقدرات الأمة العربية، عمد العرب لاستيراد التكنولوجيا الغربية وشرائها بأغلى الأسعار. في هذه المرحلة أظهرت دول المركز، ومن بينها اسرائيل، قدرات عالية في صناعة الذكاء الاصطناعي وبيعه لبقية دول العالم. وصار هذا من مصادر قوة دول المركز: فهي تعمد لبيع منتجاتها في الأسواق. وفي عالمنا العربي، أصبح كل مواطن يمتلك هاتفا ذكيا-حتى الأطفال. لكن هذا الهاتف قد يكون في لحظة سلاحا يستخدمه العدو ضد حامله.
 
فمتى..متى تنطلق صناعات الذكاء الاصطناعي العربية لتلحقنا بالعالم الالكتروني المعاصر، وتقف بالمرصاد لكل غاز يخترق فضاءنا وعقولنا؟