Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Jul-2020

العثمانيون «الجُدد» قادمون.. و«الخرائط» جاهزة*محمد خروب

 الراي

لم تكن خريطة «العراق» المُقسَّمة» التي ظهرت على حساب الرئاسة التركية في موقع «تويتر», والتي سارعت مديرية الاتصالات في القصر الرئاسي إلى حذفها فوراً، مجرد خريطة عادية, أو أن الذي حمّلها على حساب الرئاسة التركية يجهل الهدف الذي من أجله تم تقسيم العراق (حتى السادس من حزيران 2020), وفق المخطط الذي وضعه العثمانيون الجدد في أنقرة, لاستعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية الآفلة, والتي قامت في الأساس وتوسّعت وبسطت هيمنتها على مساحات من قارّات «ثلاث",على الغزو وإخضاع الشعوب ومعظمها «مُسلمة» والتنكيل بمواطنيها ونهب ثرواتها, تحت دعاوى ومزاعم متهافتة, تتحدّث عن «خلافة إسلامية» وفق مقياس «عثماني عُنصري» يُقدّم العِرق التركي على الأعراق الأخرى، ما أدى في النهاية وضمن أمور أخرى الى انهيار تلك الامبراطورية ودخول القوى الغربية التي نجحت في ضعضعة بنيان تلك الامبراطورية وتقسيم أراضيها على نحو ألحق الضرر الأكبر بالعرب خصوصاً وتركهم تحت رحمة استعمار أوروبي لا يقل بشاعة عن الاستعمار العثماني الذي تلبّس لبوس الإسلام. فقط من أجل تمرير مخططاته ومشروعاته الاستعمارية التي لا تختلف إلاّ في «الشكل» عن الخطاب الاستعماري الغربي البغيض المتحالف مع الصهيونية العالمية.
 
خريطة العراق المُقسّم التي ظهرت على حساب الرئاسة التركية, لا تختلف في جوهرها عن تلك «الخريطة» التي وضعها العثمانيون الجدد لسوريا بعد ان شاركوا بحماسة في نشر الفوضى والارهاب في الأراضي السورية, وتبنّوا خطاباً «إسلاموياً» في مسعى لاستعادة السيناريو العثماني الذي أسَّس على هديه العثمانيون امبراطوريتهم, وبعض ذلك تجلى في الغزوات التركية الثلاث لسوريا والتي جمعت هي الأخرى أسماء مُضللة وجدت من انخدع بها من إرهابيين وبنادق للايجار في الغزوة الأولى «درع السلام», تلتها «غصن الزيتون». وكانت الثالثة (لن تكون الأخيرة بالمناسبة) تحمل اسماً أكثر تضليلاً وهو «نبع السلام». فيما تنشر الموت والخراب في سوريا، في وقت تعمل على تتريك الأراضي السورية المُحتلّة, عبر رفع صور أردوغان والأعلام التركية وتداول الليرة التركية (المتهاوية القيمة) وفتح فروع لجامعات تركية وتدريس التلاميذ السوريين المناهج التركية.
 
ولعل أخطر ما تقوم به تركيا من أجل استعادة ماضيها العثماني, هو توظيفها ثوار سوريا المزعومين في مشروعها الاستعماري الرامي الهيمنة على «الودائع العثمانية» في البلاد العربية وخصوصاً ليبيا, ذات الثروة النفطية الهائلة والموقع الاستراتيجي الفريد كبوابة للانتشار الأفقي في شمال أفريقيا (العربي) وعبره نحو وسط إفريقيا.
 
ليس غريباً إذاً أن يقوم العثمانيون الجُدد بتحريض «تركمان» سوريا التمرّد على الدولة السورية, وليست مُفاجئة الدعوات «التركية» لتعيين وزير «تركماني» في الحكومة العراقية الجديدة التي شكّلها مصطفى الكاظمي (وكان لأنقرة ما أرادت), في الوقت ذاته الذي يُنكر فيه أردوغان على العرب وبخاصة بلدان الجوار الليبي التدخل في شؤونها(..).
 
لا يقلّ المخطط الذي ينفذه بحماسة وغطرسة العثمانيون الجُدد خطورة عن المشروعات الاستعمارية التي خضعت وتخضع لها دول عربية وبخاصة في مرحلة يُبدي فيها البعض تراخياً ولا مبالاة إزاء تلك المخططات, حداً وصل ببعضهم إلى اعتبار إسرائيل «فرصة» وحليفا محتملاً.