Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-May-2018

جامعتنا - بلال حسن التل

 الراي - في بلدنا ظواهر غريبة، نكاد نتفرد بها عن كل مجتمعات الدنيا، ومن هذه الظواهر الغريبة ظاهرة هوية الجامعات في بلدنا، بخاصة على الصعيد الاجتماعي، ذلك أنه من أول مهام الجامعة في كل بلاد الدنيا إعادة صياغة شخصية الطالب وتطويره، وصولاًإلى مساهمة بصورة رئيسية في إعادة  صياغة هوية المجتمع، وتطويره في إطار هوية وطنية سياسية واجتماعية وثقافية جامعة، وبهذه المساهمه في تطوير المجتمع تقوم الجامعة بأهم أدوارها وهو دور قيادة المجتمع.

ما يحدث في بلدنا هو العكس تماما، فبدلاً من أن تقود الجامعة مجتمعها الوطني، ومجتمعاتها المحلية نراها هي التي تنقاد لهذه المجتمعات بكل ما في هذه المجتمعات من تناقضات وتخلف اجتماعي. ولعل هذا الانقياد من جامعاتنا لمجتمعاتها المحلية هو سبب ما تعانيه هذه الجامعات من مظاهر سلوكية، كالعنف الجامعي الذي عانت منه الجامعات الأردنية طويلاً، وسبب لها الكثير من الخسائر المادية والمعنوية خاصة على صعيد السمعة.

وارتباطاً بالعنف المجتمعي سيطرت على جامعاتنا ظاهرة الجهوية والعشائرية، التي كانت من المحركات الرئيسية للعنف الجامعي، بخاصة عندما تخلينا عن أنبل ما في عشائرنا من قيم أخلاقية هي قيم الاحترام والتسامح والانصياع للحق، فحل محل ذلك التعصب والعنصرية، وغير ذلك من المفاهيم التي تعمي عن الحق، مما لا يجوز أن تكون الجامعات موطن لها، والسؤال هو كيف وقعت جامعاتنا في فخ العنف، وقبله فخ الجهوية والعشائرية، بعد أن كانت الجامعة الأردنية عند تأسيسها حاضنة لكل ما يتناقض مع هذه المفاهيم، فكانت الجامعة الأردنية حاضنة للمسرح، ولكل الفنون، وكانت حاضنة لكل التيارات الفكرية والسياسية، وبذلك كانت تمثل مجتمعنا أصدق تمثيل، بكل تلاوينه الاجتماعية والثقافية والعرقية، وهي التلاوين التي كانت تذوب في هوية وطنية جامعة، كانت الجامعة الأردنية احدى أهم أدوات إنضاجها، من خلال صهرها لطلبتها في بوتقة هذه الهوية الوطنية الجامعة،ولعل هذه الحالة أحد مداخلنا لفهم أسباب سقوط جامعاتنا في فخ الجهوية ومن ثم العنف فكيف ذلك؟
للإجابة على هذا السؤال علينا أن نقارن بين تركيبة طلبة الجامعة الأردنية في سنواتها الأولى، وتركيبة الجامعات الأردنية في العقود الأخيرة، فقد كان طلبة الجامعة الأردنية كما أسلفنا يمثلون كل شرائح ومناطق الأردن، ومن ثم فقد كانوا يتعرضون لعملية تغيير من خلال تفاعل الشرائح الاجتماعية والمدارس الثقافية والفكرية والسياسية، سواء كان ذلك في قاعات الدرس أوفي سائر الأنشطة الجامعية كالمسرح والرحلات وغيرها، وهو الأمر الذي اختلف فيما بعد عندما أقمنا في كل محافظة من محافظات المملكة جامعة، صار أصحاب تلك المحافظة يعتبرونها جامعتهم هم دون سواهم، على صعيد تعيين قيادة الجامعة وأسرتها التعليمية، حيث صارت الضغوط تمارس لتعيين أبناء المنطقة حتى ولو تم ذلك على حساب المعايير العلمية، والأدلة على ذلك كثيرة، لكن ما هو أخطر من ذلك أن طلبة كل محافظة صاروا يدرسون في محافظتهم على الأغلب، فصارت الغالبية الساحقة من طلبة كل جامعة من جامعات المحافظات تنتمي إلى نفس الوعاء الثقافي والاجتماعي والفكري، مما أفقد الطالب فرصة الانفتاح على تيارات ثقافية واجتماعية وفكرية أخرى، مثلما أفقد الجامعة دوراً رئيساً من أدوارها، هو دور صهر طلبتها في الهوية الوطنية الجامعة ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، وهذا خطر حقيقي لا بد من معالجته فكيف يكون ذلك؟
الإجابة على هذا السؤال هي: أنه لا بد من إعادة النظر في أسس قبول طلبة كل الجامعات الأردنية، بحيث لا يزيد عدد المقبولين في الجامعة الواحدة عن نسبة معينة من أبناء كل محافظة، لإتاحة الفرصة أمام الطلبة من مختلف أنحاء الوطن للتفاعل مع بعضهم، فلا تظل علاقة أبناء معان أو أبناء اربد محصورة مع بعضهم على سبيل المثال، فلماذا لا تذهب نسبة من أبناء اربد والسلط وعمان وسائر أنحاء الوطن إلى معان؟ ولماذا لا يأتي أبناء معان إلى اربد وعمان والمفرق وغيرها من جامعات الوطن؟ فهذا هو الطريق الحقيقي لانفتاح شباب الوطن على بعضهم ثقافياً واجتماعياً على طريق بناء هوية وطنية جامعة يرعاها جيل منفتح ومتفاعل.
وما ينطبق على أسس قبول الطلبة في الجامعات الأردنية، يجب أن ينسحب على أسس تعيين الكوادر الأكاديمية والإدارية في الجامعات فلا يجوز أن تكون هذه الكوادر من أبناء محافظة بعينها. لأن ذلك مدخل للواسطة والمحسوبية، ومن ثم تراجع مستوى مخرجات التعليم التي نشكو منها جميعاً.
Bilal.tall@yahoo.com