Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2017

جدائل «عمان أيام زمان».. - ناديا هاشم العالول
 
الراي =- كم عشقنا الجلوس حول السيدات الكبار وهن ينسجن الحكايات بطعم مميّز لا تجده لا بوسائل الإعلام ولا الصحف ولا كتب التاريخ ولا حتى القصص والروايات.. لكونها مشاهد حقيقية عاصرْنَها واختبرْنَها لتصلنا كروايات اجتماعية أُسرية فكاهية مضمخّة احيانا بقلادات من الحزن الرفيع تخطف انتباهنا بحينها -نحن الاطفال الصغار- مأخوذين بروعة الدهشة..
 
وكم كنا نسترق النظرمطرقين بسمعنا لأحاديث الرجال الجدّية المتمحورة حول السياسة والتاريخ فنخرج بمزيج استثائي يعمّر بالذاكرة ويستقر بالعقل والوجدان لحد الآن وكل وحصيلته..فتخليد ايام زمان ليس للترفيه فحسب ولكن للاستفادة من النماذج التي سطّرتها الذاكرة وحفظها التاريخ..
 
فحتى أطفال هذه الأيام يعشعش بدواخلهم حنين خفي الى الماضي فتراهم يتلهفون لسماع قصص ايام زمان من الأبوين والجدّين وغيرهم ومغامراتهم بطفولتهم.. فترتفع قهقهاتهم الطفولية لتحملهم لعالم مرِح بعيدا عن الآيباد والموبايل والانترنت، بعوالمهم الإفتراضية المفتقرة لأرضية صلبة يمدون جذورهم فيها لبناء مستقبل واقعي يزهر ويثمر.
 
فما أحوجنا جميعنا صغارا كبارا الى جرعات من أيام زمان سواء لتلك المسجلة بالذاكرة او المحفوظة على صفحات ورقية واليكترونية..فكلنا نتفق على ان عبق الماضي لجميع الأجيال مرغوب ومطلوب..
 
ولهذا تُعتبر موسوعة «عمّان ايام زمان» للمؤرخ والموثّق عمر العرموطي بأجزائها الثمانية بمثابة محطات زمنية لذاكرة وطنية محفورة بالقلب والوجدان ،ومن الصعب بمكان تغطيتها بمقالة واحدة
 
حيث استمتعنا بعشية إطلاقها بمداخلات شيّقة لثلة من رجالات الوطن نساء رجالا تدور حول موسوعة « عمان ايام زمان « متحلّقين حول ذكريات تنبض عطرا تنثره بأجواء تلك الأمسية المضمخة بأريج الذكريات بحديقة «جمعية اصدقاء الشرطة».. مثنين على ما جاء في الموسوعة المذكورة أعلاه.. متنقلين من محطة إلى اخرى سواء من جسر المحطّة ، الى السمك المتزاحم بسقف السيل الى قصر رغدان وفندق فيلادلفيا مستذكرين عزّ عمان بايام الطّيب والطيبة والبرَكة..متذكرين أرقام السيارات لعائلات معروفة بحينها لقلة عددها مُجْمعين على»رقم واحد «لسيارة آل عصفور.. الخ
 
استمعنا مستمتعين لفضفات شفافة وبوح عذب دار حول ربة عمون –فيلادلفيا- عمان وقد «ارخت جدائلها بين الكتفيْن «متمركزة على سبعة جبال
 
: القصور، الجوفة، التاج، النزهة، النصر، النظيف، الأخضر.. كانت بمجموعها تكوّن عمان الشرقية أساس العاصمة حتى بداية ثمانينيات القرن الماضي..لمّا بدأت العاصمة بالتوسع بشكل كبير نحو الغرب شاملة جبالا أخرى مثل الحسين واللويبدة وجبل عمان.. الخ لتصبح 21 جبلا..
 
أقيمت عمان على أنقاض مدينة عُرِفَت باسم «ربّة عمّون» ثم «فيلادلفيا» ثم «عمّان» اشتقاقاً من «ربة عمّون»، واتخذها العمّونيون عاصمة لهم..اما «فيلادلفيا «فهو الاسم القديم لمدينة عمان عاصمة الأردن ، والذي سمّاها فيلادلفيا هو بطليموس الثاني عام 285 ق.م عندما سيطر عليها البطالسة..
 
وعلى ذكر فيلادلفيا.. وما يرتبط بفيلادلفيا فنحن نناشد المواطنين والمسؤولين بحماية ورعاية عمّان مدركين اهمية هذه الأماكن ثقافيا وتاريخيا بل اجتماعيا فمن ليس له تاريخ ليس له حاضر..او مستقبل ؟
 
فرفقا بتراثنا رفقا ولنتصدى لرياح الأمزجة بمزاجيتها المتقلبة حتى لا تقتصّ من الأمكنة دون اية نظرة مستقبلية بعيدة المدى ، كما اجتثت « فندق فيلادلفيا «من جذوره..الفندق الأول لمشاهير السياسية والفنانين من عرب وأجانب.. حيث ُ انشئ عام 923 1 بعد تأسيس إمارة شرق الأردن بسنتين.. حينما شجع الملك المؤسس «عبد الله الأول «
 
السيد «ابراهيم نزال» صاحب الفندق السياحي الضخم باريحا آنذاك – قصر المشتى – والذي أُقيم بعام 1907 ، موحيا له ببناء فندق فيلادلفيا ، فاستغرق بناؤه 4 – 5 سنوات بتصميم حجري جميل ، ليغيب عن عيوننا منذ عام 1986 بعد ان تم ردمه من قِبَل امانة عمان ليصبح جزءا من الساحة الهاشمية المقابلة للمدرج الروماني..
 
فندق تاريخي صُنِّفَ بفئة الخمسة نجوم حينذاك مستقبِلا المشاهيروالسياسيين عبر حقبات زمنية تاريخية ، فندق كمتحف أثري تطاله معاول الإنسان لا الزمان ! بحينها وكم ارتفعت الأصوات المعارضة لهدمه لكنها ذهبت ادراج الرياح « وكان الذي كان.. ويا ريته ما كان !»
 
لم نهدم مبنى.. لم نهدم فندقا.. بل هدمنا معلما تاريخيا ماثلا امام اعيننا!
 
ولعل ما يثلج الصدر ادراكنا الآن أهمية تفاعل الأجيال بالتاريخ ،فأثناء كتابتي المقالة اعلن المدير التنفيذي لأمانة عمان المهندس ابراهيم هاشم عن عرض مجسم «شوف عمان « مساحته 6 × 8 فهو مجسّم كبير لمدينة عمّان في راس العين, يوثّق جبالها وبيوتها وشوارعها وبناياتها..
 
شوف عمان فعلا وهي تتبختر بجدائلها متباهية بجبالها- الواحد عشرين – منطلقة بامتدادها من تلالها السبعة نحو آفاق أوسع وارحب..
 
فعلا..دعوا الأجيال وادعوها لتتلمس التاريخ لتتعرف الى تاريخهها الزاخر بآثاره و عبراته ،فالدول الحديثة ، التي لا تاريخ لها ،تتسابق لشراء مقتنياته ونحن للأسف -البعض–وليس الكل يتسابق لهدمها ودثرها !
 
hashem.nadia@gmail