Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Jun-2019

صناعة الكراهية*إسماعيل الشريف

 الدستور-كلكم لآدم وآدم من تراب – حديث شريف

قرر فيسبوك على استحياء أن يقوم بحذف المواد اليمينية المتطرفة التي تتحدث عن تفوق الجنس الأبيض وتبث العنصرية، ولكن ذلك لا يشمل المواد التي تتحدث عن عظمة الولايات المتحدة وتفوقها، وكذلك المواد التي تتعلق ببعض الحركات التحررية ما دامت هذه الحركات حاصلة على ختم موافقة من الإدارة الأمريكية.
فكما قلت، الأمر كله يتم على استحياء، فهناك صناعة قائمة على الكراهية والعنصرية، والتطرف يمكن صرفه إلى دولارات. عندما تتصفح تويتر ستجد أن التغريدات المجنونة والعنيفة هي التي تحظى بأكبر قدر من المشاهدة، وفيسبوك يرشح لك شخصية متطرفة انتقاها لك بناء على اهتماماتك لتصبح من متابعينها، وإذا ما شاهدت بطريق الخطأ فيلماً عنصرياً على يوتيوب فإنه سيرشح لك مئات الأفلام الأخرى العنيفة.
كانت النازية، ومن بعدها الصهيونية، تسقط آلاف النشرات من الطائرات لتوصل رسائلها التي تمجد أيدلوجيتها وتروع السكان، آلة الكراهية هذه استمرت ولكنها أخذت شكلاً جديداً من ملايين التغريدات والمواد والأفلام والتعليقات، والفرق أن الصهيونية والنازية كانتا تسوقان أيديلوجيا لتحقيق مكاسب سياسية، أما هذه الأيام فالهدف مادي بحت.
آلة الكراهية تتكون من ثلاثة عناصر، أولها شركات الكراهية نفسها التي تسوق وتروج وتنتج مواد الكراهية فهم يحصلون على نقودهم من هذه المواد ولا يكترثون للعواقب الحتمية لهذه المواد من قتل المصلين الآمنين في دور العبادة أو القتل الجماعي في المدارس.
العنصر الثاني هو المشاهير الذين نلحق بهم، فمنهم عالِم الجينات الحاصل على جائزة نوبل في السلام الذي يروج لتفوق الجنس الأبيض، ويمنحه الحق في اضطهاد الأجناس الأخرى بناء على نظرية التطور والانتخاب الطبيعي، وعلى الأجناس الأدنى الخضوع لقوانين الطبيعة. وهنالك الذين يطلقون المزاح السخيف الذي يتمحور حول قتل المسلمين الإرهابيين، وهنالك المثقفون الذين يروجون لأيدلوجيات مريضة، وهنالك التافهون الذين ينثرون الكراهية من أجل الحصول على أكبر عدد من المتابعين وبالتالي ملء جيوبهم بالأموال، وهنالك أصحاب الأجندات الخاصة أو المأجورة.
والعنصر الثالث هو نحن، نحن الذين نتابع كل هذا الهراء ونتفاعل معه ونستهلك كل هذه الثمار العفنة، نُستغل ونتشكل. بالنتيجة، صناعة الكراهية حوّلت مراهقين وحيدين إلى رماة متفوقين، وقد نقتل أو ننقتل بسبب هذه المواد، وقد ندفع ثمنها من أمننا وسلامتنا.
ولكن هنالك استثناء وهو الإعلام الرسمي الملتزم الذي يحارب وحده في هذه المعركة بلا سلاح يذكر ودون وعي من كثيرين بأهمية هذا الإعلام الذي طالما دافع عن قضايا الوطن، ومن أهم وسائل محاربة هذه الصناعة الشيطانية دعم الإعلام الرسمي المحلي من خلال توفير هامش كبير من الحرية، وموارد مالية منتظمة، ليعيد ثقة الجمهور به ويكون شوكة في حلق مؤسسة الكراهية.