Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2018

(الخربة).. - احمد ذيبان

الراي -  يتفاخر النظام السوري بتحقيقه انتصارات عسكرية في الغوطة الشرقية، ويقوم رئيس النظام بشار الاسد بزيارة المنطقة مزهوا ، ويقف بين الجنود مخاطبا إياهم بقوله :» أنتم تقاتلون الارهاب نيابة عن العالم « ، لكنه يتجاهل مظاهر الدمار والخراب وعمليات تهجير قسري لسكان المنطقة ، وهي مشاهد تعكس الحال الذي وصلت اليه سوريا ، وتذكر بالمسلسل السوري الكوميدي الشهير «الخربة» الذي تم تصويره في قرية «الخربة « قرب مدينة السويداء، وهي اسم على مسمى حيث تؤشر كل معالم «الخربة»، على قدمها والحياة البسيطة فيها.

وكانت المرة الأولى التي عرض فيها المسلسل، بتاريخ الاول من آب–2011 ، أي بعد انطلاق الثورة السورية في « نسختها السلمية « من درعا بنحو سبعة أشهر، ومن المرجح أنه لا علاقة لسيناريو وإخراج المسلسل بمعطيات الثورة ،فالمؤكد أن الاعداد للمسلسل وتصويره تطلب أشهرا طويلة سبقت الثورة ، فضلا عن كون المسلسل كوميديا محضا، ولا يلاحظ المشاهد له أي بعد سياسي في مضمونه ، لكن من يريد التعمق والقراءة بين السطور، ربما يجد في المسلسل نافذة لإسقاطات سياسية على الواقع العربي الراهن، وبخاصة بشأن ما يجري في سوريا ، فالمسلسل يحمل اسم» الخربة» ،وسوريا تحولت الى «خربة» وعادت الى الخلف عشرات السنين ، بسبب سياسة الأرض المحروقة ، التي انتهجها النظام ضد شعبه مستعينا بدول وميليشيات أجنبية و «الخربة» في المسلسل ، قرية يهاجر قسم كبير من شبابها، ليعودوا بعد فترة بأفكار جديدة ورؤى تقدمية، الأمر الذي يعارضه عموم أهل القرية خاصة جيل الكبار، فينشأ صراع بين الفريقين، يشكل محور أحداث المسلسل، من خلال حياة عائلتين كبيرتين وهما «بو قعقور» وعلى رأسهم بو نمر (دريد لحام) و»بو مالحة» وعلى رأسهم ابو نايف (رشيد عساف)، وكل عائلة تريد أن تغيظ العائلة الأخرى في جو كوميدي ساخر. 
ومن يمعن في النزاعات الساذجة التي تجري بين العائلتين والمؤامرات التي يحيكها زعيماهما ،لا تختلف كثيرا عما يجري بين الحكومات العربية ، فالكل يتآمر على الآخر ويريد أن يوقعه في مصيدة وكما يقول مخرج المسلسل الليث حجو: « رغم الطابع الكوميدي للعمل فانه سياسي بامتياز، ويواكب ما يجري في سوريا والعالم العربي ، ويتناول بصورةٍ أساسية الصراع بين ثلاثة أجيال، في مجتمعٍ صغير يسوده التنافس بين رأسي عائلتي « وها نحن نلحظ مشهد» الخراب» يتسع ليس في سوريا فقط ، بل طاول العديد من الدول العربية التي تحولت الى ركام مثل اليمن وليبيا والعراق، فضلا عن معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني. وغياب أي أفق لخروج الأمة العربية من النفق المظلم لو استوعب النظام السوري مطالب شعبه البسيطة والمشروعة منذ البداية ، وتنازل عن غطرسته واستخفافه بمشاعر شعبه وحقوقه ، لما تحولت سوريا الى «خربة»، وكان الحل واضحا يتلخص بالتخلي عن نهج الوصاية والعقلية الأبوية في الحكم ،بإجراء اصلاحات سياسية تنهي الطبيعة الشمولية للنظام وتطلق الحريات السياسية ،التي تفتح الطريق أمام تشكيل حكومة تعددية منتخبة ، وبعد هذه السنوات السبع العجاف ،التي قتل خلالها مئات الالاف من السوريين، مستخدما مختلف انحاء الاسلحة التقليدية والمحرمة دوليا،وتشريد الملايين وتدمير البنية التحتية وتمزيق النسيج الاجتماعي، بمشاركة قوى خارجية أصبحت «صاحبة حق» في تقرير مستقبل سوريا ذلك أن كل ما يجري من مفاوضات ومناقشات في مقر الامم المتحدة بنيويورك، وفي جنيف وسوتشي واستانا وغيرها من مشاورات واتصالات، بين قوى المعارضة وأطراف دولية واقليمية مختلفة تدور في حلقة مفرغة،وبالنتيجة فإن الحل سيكون في إطار إجراء اصلاحات دستورية ، وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية بإشراف دولي، تؤدي الى تقاسم السلطة وربما السماح للاسد البقاء في الحكم بصلاحيات محدودة خلال فترة انتقالية، وبالنتيجة ليس هناك من يريد الاسد لشخصه، وفي المقدمة روسيا التي كان لها دور أساسي في حماية نظامه، ما يهم موسكو مصالحها الجيوسياسية ، وقد ضمنت لها وجود قواعد عسكرية ،ثم أنه لا يمكن تصور أن الاسد نفسه ، يستطيع الاستمرار بحكم الشعب السوري بعد أن حول سوريا الى «خربة»