Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Feb-2019

عودة سوريا*د. عبد الحميد مسلم المجالي

 الراي

قد يكون من المبكر إصدار أحكام قاطعة ونهائية على ما جرى في سوريا خلال سبع سنوات مضت وشهدت اعنف واقسى عواصف الحرب والدمار المادي والسياسي والاجتماعي للمجتمع السوري، و التي ادت في بدايتها الى اتخاذ الجامعة العربية قرارا بابعاد النظام السوري عن الجامعة، وترك مقعد سوريا خاليا، ثم البدء منذ فترة زمنية قصيرة باظهار الرغبة ولو فرديا بالعودة عن القرار، في حين لم يظهر النظام السوري حماسا لافتا لهذه العودة حتى الآن.
 
لقد جرت مياه بل شلالات عاصفة في مجرى الازمة منذ بدايتها وحتى الان، تغيرت فيها الاحوال والازمان، وانعطفت فيها الاحداث مرات عديدة لصالح هذا الطرف او ذاك، بعد ان تدخلت قوى اقليمية ودولية كبرى واعادت مسارات الازمة الى حيث تريد.
 
وبدلا من سرد الاحداث كما جرت، فان النتائج ربما تعبر عنها على الوجه التالي:
 
اولا: اثبتت روسيا في عهد بوتين قدرتها على اتخاذ قرارات جريئة على الصعيد الدولي، وخاصة في منطقة حساسة وخطرة كالشرق الاوسط وبالذات في سوريا. وسواء حصلت على موافقة واشنطن ام لا، فانها قامت بفعل محوري على الصعيدين السياسي والعسكري قلبت موضع روسيا من حالة المتفرج على الاحداث الدولية، الى حالة العمل المؤثر الذي جلب انتباه دول العالم وخاصة في الشرق الاوسط الى اهمية موسكو الدولية ومقدرتها على الفعل.
 
ثانيا: كانت الولايات المتحدة منذ بداية الازمة والى مشارف نهايتها مرتبكة في قراراتها ومواقفها ومترددة في مواجهة الفعل الروسي في سوريا. وكانت تمارس هذا الارتباك عن بعد مما اعطى موسكو فرصة للتصرف بحرية وعدم الاهتمام بما يصدر من واشنطن من اقوال وافعال. وكل ذلك ادى الى توفر القناعة لدى معظم دول العالم المهتمة بالازمة، بان واشنطن غيرت استراتيجيتها ازاء موسكو والتي انتهجتها منذ الحرب العالمية الثانية. وهذا التغير سيترك اثاره على الاحوال والمواقف والسياسات في منطقة غالية الثمن كالشرق الاوسط.
 
ثالثا: نفذت الدول الاقليمية الفاعلة والمتحركة وقد نقول الطامعة كايران الكثير مما تريد على الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية وحتى العقائدية بحرية كاملة وخاصة في عهد ادارة اوباما. فتمددت ايران، وحاولت تركيا، في حين مارست اسرائيل جزءا من استراتيبجيتها الامنية، الامر الذي جعلها رقما صعبا في معادلة الامن الشرق اوسطية.
 
رابعا: كانت الدول العربية مجتمعة وفرادى، هي الجهات الوحيدة التي مارست اما سياسات خاطئة ازاء الازمة، او انها كانت تشعر بالعجز للتدخل باي صورة من الصور في ازمة دولة عربية هي الاولى بمتابعتها والفعل فيها، وظلت الجامعة العربية على مقاعد المتفرجين ولم تدخل قط الى ملعب الازمة.
 
خامسا: غامر النظام السوري بالتخلي عن مواقفه التاريخية، وذلك بطلب المساعدة المباشرة من قوى دولية واقليمية، وكان مستعدا لطلب مساعدة الشيطان من اجل البقاء في الحكم، بغض النظر عن النتائج القريبة المدى والبعيدة على سيادة سوريا واستقلالها.
 
سادسا: كانت الازمة السورية وماجرى فيها ماساة اجتماعية عميقة، احيت جروحا كانت مدفونة، وانتجت جروحا اعمق منها في المجتمع السوري، بحيث اصبح من الصعب شفاء هذه الجروح في سنوات قليلة.
 
ربما تكون هذه بعض النتائج بغض النظر عن المقدمات. ورغم كل ماحدث فان شلالات الدم والاحداث قد قلبت موازين القوى في الازمة، الامر الذي يجيب على التساؤلات حول اسباب تغير مواقف الدول العربية من النظام السوري، وفتحها الباب امامه للعودة منتصرا الى مقعده في الجامعة، وهو ما سيكون له تداعيات على الواقع العربي سواء كانت مقبولة ام غير ذلك. وخاصة علاقته العضوية مع ايران وحزب الله، وثاراته مع دول عربية مؤثرة في الجامعة والواقع العربي بشكل عام.