Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-May-2019

أميركا.. رئاسة إمبريالية؟

 الغد-تشارلز م. بلو* – (نيويورك تايمز) 12/5/2019

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
ما يزال 90 في المائة من الجمهوريين يوافقون على أداء ترامب الوظيفي، ويتفق 75 في المائة على أن “ترامب كان صادقاً ونزيهاً عندما تعلق الأمر بالتحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية للعام 2016″، ويعتقد 8 من كل 10 من الجمهوريين بأنه “يجب على الكونغرس أن لا يعقد جلسات استماع من أجل عزله، وأن ترامب يجب أن يُكمل فترة رئاسته”. وهكذا، يكون الجمهوريون قد أعلنوا ترامب ملِكاً لهم وانحنوا لجلالته الخبيثة.
 
* *
أصبحنا نشاهد على أساس يومي النسيج الدستوري والتقليدي لهذا البلد وهو يتعرض للتخريب والتفكيك على يد دونالد ترامب، في حين يعلق أولئك الذين يملكون أي سلطة لوقف أعماله أو معاقبتها في حالة من الفتور، وينشغلون في إجراء الحسابات السياسية بدلاً من أداء واجبهم الدستوري.
إننا ننجرف بشكل خطير مقتربين من رئاسة إمبريالية تضع نفسها فوق وخارج القواعد التي اعتقدنا أنها مصممة لمنع حدوث مثل هذا بالتحديد.
ما مِن شك من أي نوع في أن ترامب قد انتهك القانون بعرقلته العدالة؛ حيث سعى إلى إنهاء التحقيقات التي كانت تُجرى حول حملته الانتخابية وتصرفات إدارته. وقد جعل مصير تقرير مولر من هذا التوجه شأناً واضحاً للغاية. فقد رفض المستشار الخاص، روبرت مولر، التصريح بشكل واضح ومعلن بأن ترامب قد ارتكب جريمة، بسبب المبادئ التوجيهية لوزارة العدل الصادرة عن مكتب المستشار القانوني، والتي تعارض إدانة أي رئيس أميركي بينما يكون في المنصب.
ومع ذلك، كما أوضح تقرير مولر، “لا يتمتع الرئيس بحصانة بعد أن يترك منصبه”. ويمضي التقرير إلى القول:
“وإذا ارتكب أفراد غير الرئيس جريمة عرقلة سير العدالة، فيمكن محاكمتهم على الفور. وبالنظر إلى هذه الاعتبارات، والوقائع المعروفة لدينا، والمصلحة العامة القوية في الحفاظ على سلامة نظام العدالة الجنائية، أجرينا تحقيقاً وقائعياً شاملاً من أجل جمع الأدلة وحفظها بينما تكون الذكريات جديدة والمواد الوثائقية متاحة”.
في الحقيقة، تنص رسالة منشورة على الإنترنت، والتي وقعها ما لا يقل عن 800 مدع عام اتحادي سابق على ما يلي:
“يعتقد كل واحد منا بأن سلوك الرئيس ترامب الموصوف في تقرير المحامي الخاص روبرت مولر سيؤدي، في حالة أي شخص آخر غير مشمول بسياسة مكتب المستشار القانوني ضد إدانة رئيس في المنصب، إلى مواجهة تهم جنائية متعددة بعرقلة العدالة”.
يترك هذا الواقع خيار العمل للكونغرس، وهو السبيل الوحيد المتبقي الذي يمكن من خلاله معاقبة الرئيس الحالي. وستتمثل هذه العقوبة في البدء بإجراءات العزل.
لكن الجمهوريين في واشنطن استبعدوا بالمثل توجيه أي توبيخ لترامب لأنهم يعلمون أن الرئيس يمتلك الآن سيطرة كبيرة على الحزب الجمهوري، وبالتالي على قاعدة سلطتهم.
وجد استطلاع للرأي أجرته شبكة “إن بي سي نيوز”/ صحيفة وول ستريت جورنال بعد نشر تقرير مولر، أن 90 في المائة من الجمهوريين ما يزالون يوافقون على أداء ترامب الوظيفي، ويتفق 75 في المائة على أن “ترامب كان صادقاً ونزيهاً عندما تعلق الأمر بالتحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية للعام 2016″، ويعتقد 8 من كل 10 من الجمهوريين بأنه “يجب على الكونغرس أن لا يعقد جلسات استماع بشأن العزل، وأن ترامب يجب أن يُكمل فترة رئاسته”.
وهكذا، يكون الجمهوريون قد أعلنوا ترامب ملِكاً لهم وانحنوا لجلالته الخبيثة. وهذا يعني أن الناس الوحيدين الذي تبقوا لمنع حدوث سابقة فظيعة، والقيام بأي محاولة للممارسة مساءلة الرئاسة، هم الديمقراطيون في الكونغرس. لكنهم حمقى خائفون.
يعمل الديمقراطيون وفق الكتاب الإرشادي الذي مثلته سابقة إقالة ريتشارد نيكسون، سوى أننا الآن لسنا في السبعينيات، حين لم تكن أخبار الكيبل والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي قد ظهرت بعد. وهم يعتقدون أن من الممكن بطريقة ما إمطار الجمهور بالأدلة من أجل تحويل قاعدة ترامب من المتدينين ضده، والضغط على الرئيس نفسه وإجباره على الخضوع.
لكن هذا التصور يبدو خاطئاً بكل المقاييس. لن يحدث أي من ذلك. هذا يوم جديد. ويحاول الديمقراطيون استعراض عضلاتهم من خلال بناء قضية ببطء، تفاصيل العرض وشخوصه أعِدوا مسبقاً.
قاموا بفتح مجموعة كبيرة من التحقيقات، بل وأصدروا مذكرات استدعاء، لكن ترامب وحلفاءه يقومون بتنفيذ استراتيجية لعرقلة الإجراءات بالجملة، ويرفضون الامتثال بأي شكل من الأشكال وعلى أي جبهة. وهذا تحد كبير لدور الرقابة الدستوري الذي ينبغي أن يؤديه الكونغرس. وكما قال كيري دبليو كيرشر، المستشار العام السابق في مجلس النواب لآخر أغلبية جمهورية، في حديث لصحيفة الواشنطن بوست، فإن المواجهة هي “انهيار كامل وعرقلة كاملة لدور الكونغرس”.
ومضى إلى القول: “إذا صادقت المحكمة على مثل هذه الأشياء، فسوف تكون لدينا عندئذٍ رئاسة إمبريالية. ستكون لدينا رئاسة غير خاضعة للضبط ولا المساءلة إلى حد كبير”.
ومع ذلك، قالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب بحذر شديد، قبل أيام: “إن ترامب يقوم بدفعنا إلى عَزلِه. هذا ما يفعله. في كل يوم مفرد، يسخر فقط، ويستهزئ ويوبخ، لأنه يعرف أن هذا سيكون مثيراً جداً للانقسام في البلاد، لكنه لا يهتم حقاً. إنه يريد توطيد قاعدته فحسب”.
لكن الديمقراطيين لا يتعرضون للسخرية فقط؛ إنهم بالفعل في حالة حرب. فقد أصبح البلد منقسماً مسبقاً. وأصبحت قاعدة ترامب قوية فعلياً. وفي المقابل، يأتي الديمقراطيون جالبين معهم فتاحات رسالتهم إلى معركة تخاض بالأسلحة النارية.
تأمل ما يلي: في رسالة كتبها قبل أيام رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب، جيرالد نادلر، إلى المدعي العام ويليام بار، عرض رئيس اللجنة استئناف التفاوض مع بار بشأن الإفراج عن تقرير مولر بالكامل. وكتب نادلر: “إن اللجنة على استعداد لاستئناف عملية التفاوض لمحاولة التوصل إلى حل وسط”.
والحلول الوسط ليست في الحمض النووي لهذه الإدارة؛ لكن الفناء كذلك.
هذه المعارك القانونية في المحاكم حول شهادة الشهود وإنتاج الوثائق يمكن أن تستمر لأشهر أو سنوات عدة. ويمكن أن يتمكن ترامب ببساطة من الإفلات بكسب الوقت. وكلما اقتربنا من الانتخابات، كلما ازداد -كما أعتقد- خوف القيادة الديمقراطية من فتح جلسات استماع من أجل عزله.
يُحتمل كثيراً أن يصبح ترامب أول ملِك أميركي، غير خاضع للقانون ولا المساءلة، بالتعريف، بسبب وجود شلل سياسي شامل في المشهد السياسي الأميركي.
*كاتب انضم إلى التايمز في العام 1994 وأصبح كاتب عمود الرأي في العام 2008. وهو أيضاً معلق تلفزيوني ويكتب في أغلب الأحيان عن السياسة والعدالة الاجتماعية والمجتمعات المستضعفة.
 
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
An Imperial Presidency?