Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2020

قبرص تصبح ملاذاً جديداً للاجئين في الاتحاد الأوروبي

 الغد-كزافييه بالاسيوس* – (أحوال تركية) 30/5/2020

 
خلال السنوات الثلاث الماضية، شهدت جزيرة قبرص زيادة ملحوظة في أعداد طالبي اللجوء، والتي أجبرتها على تغيير سياساتها بشأن المهاجرين.
ووفقاً لتقرير شباط (فبراير) بشأن تحديات اللجوء والهجرة في قبرص الذي أصدرته المؤسسة السياسية الألمانية، “فريدريش إيبرت-ستيفتونغ”، زاد عدد طلبات اللجوء من 3 آلاف طلب في العام 2016 إلى 13 ألف طلب في العام 2019، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق في البلاد.
وعلى الرغم من أن هذه الأرقام لا تمكن مقارنتها بطلبات اللجوء في دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، إلا أن الزيادة المستمرة أجبرت الحكومة القبرصية على إعادة تصميم سياسات الهجرة والبنية التحتية ذات الصلة.
وعلى الرغم من أن جائحة فيروس كورونا العالمية قد جمدت مؤقتاً هذا التدفق للمهاجرين، فقد قامت كل من الحكومة القبرصية والاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا العام بإبرام اتفاقيات جديدة لزيادة تعاونهما وتنسيق السياسات بشأن هذه القضية، وهي سياسة شديدة الحساسية بالنسبة للكتلة الأوروبية.
لم تظهر قبرص أبدًا كطريق مهم للاجئين في طريقهم إلى دول الاتحاد الأوروبي، ولكن الارتفاع الأخير في طلبات اللجوء قد يظهر أنها أصبحت ملاذاً مؤقتاً للاجئين الذين يسعون للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي الأكبر مثل إيطاليا أو ألمانيا أو فرنسا.
لكن أحد التعقيدات الرئيسية التي يتسم بها حكم قبرص هو التقسيم الفعلي للجزيرة منذ العام 1974، عندما احتلت تركيا ثلث الجزيرة رداً على انقلاب عسكري نفذه القوميون اليونانيون الذين سعوا إلى الاتحاد مع اليونان البرية، والذي أثار المخاوف من عملية تطهير عرقي لسكان الجزيرة من الأتراك.
وضع هذا التقسيم الأساس للأجندة السياسية في قبرص منذ ذلك الحين، وأصبحت الحدود بين جمهورية قبرص اليونانية والجمهورية التركية بشمال قبرص عقبة قانونية أمام سياسات الهجرة.
ونظراً لأن جمهورية قبرص لا تعترف بإقليم الشمال، فإن حدوده لا تعتبر حدوداً قانونية، وقبل انتشار وباء كورونا، استطاع المهاجرون القادمون من الجانب الشمالي من الجزيرة الوصول بسهولة إلى الجزء الجنوبي من قبرص.
أجبر العدد المتزايد لطلبات طالبي اللجوء الحكومة القبرصية على طلب المزيد من المساعدة من الاتحاد الأوروبي. وفي أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، وقعت الحكومة القبرصية والمكتب الأوروبي لدعم اللجوء اتفاقية حول المزيد من التعاون فيما يتعلق بطلبات اللجوء، وزيادة ميزانية المكتب الأوروبي لدعم اللجوء في قبرص، وتحسين ظروف مخيم اللاجئين وإرسال المزيد من العمال إلى الجزيرة.
وقال موظف بالمكتب الأوروبي لدعم اللجوء الذي يعمل في قبرص لـ”أحوال” إنه “منذ أن أغلقت تركيا الطرق أمام المهاجرين الراغبين في العبور إلى أوروبا، وجد طالبو اللجوء طريقاً بديلاً في قبرص”.
وقال الموظف إن المهاجرين “يأتون إلى قبرص عبر الجانب الشمالي من الجزيرة، وكذلك من سورية بالقوارب. وبالنظر إلى الوضع في الجانب الشمالي من قبرص، تبقى أعداد اللاجئين الذين يعيشون في هذه الجزيرة غير معروفة، حيث يجد بعضهم وظائف في الشمال ويقيمون هناك”.
وأكد موظف المكتب الأوروبي لدعم اللجوء أنه شهد من خلال عمله كيف لم يكن اللاجئون السوريون يحاولون السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بعد الوصول إلى قبرص، لأنهم يرون إقامتهم على هذه الجزيرة كوضع مؤقت قبل العودة إلى سورية بمجرد انتهاء الحرب. لكنه قال إن طالبي اللجوء من دول جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية ما يزالون يتطلعون للانتقال إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى من قبرص.
يصل معظم هؤلاء المهاجرين إلى قبرص عبر تركيا، ويهبطون في شمال قبرص بتأشيرة طالب أو تأشيرة سياحية. وقال موظف المكتب الأوروبي لدعم اللجوء “من السهل للغاية عبور الحدود من الجانب الشمالي من الجزيرة إلى جمهورية قبرص”، حيث يبدو أن ضوابط الحدود ما تزال ضعيفة والسلطات القبرصية الشمالية غير قادرة على التعامل مع العدد الحالي للمهاجرين.
وهناك طريقة أخرى للوصول إلى قبرص عن طريق القوارب؛ حيث تبعد هذه الجزيرة 160 كم فقط عن الساحل السوري و80 كم فقط عن تركيا. وعلى الرغم من أن عدد السوريين القادمين بالقوارب إلى قبرص غير واضح، إلا أن غالبية التقارير تشير إلى أنهم يميلون إلى الوصول من المياه التركية. ويشكل السوريون أكبر مجتمع للاجئين في قبرص؛ حيث سجلت السلطات القبرصية حوالي 2.500 طالب لجوء من ذلك البلد طوال العام 2019.
يبدو أن الدور الذي يلعبه المكتب الأوروبي لدعم اللجوء في قبرص حيوي؛ حيث إنه يقدم الدعم الفني والبشري للحكومة القبرصية. وقال موظف المكتب إنه في هذا العام فقط، ضاعف المكتب ميزانيته الخاصة بقبرص ثلاث مرات، بعد زيادة التماسات طالبي اللجوء. وبشكل نسبي، تعد قبرص دولة الاتحاد الأوروبي التي استقبلت معظم طالبي اللجوء بالنسبة لعدد سكانها (حوالي 1.1 مليون شخص) في العام 2019؛ حيث يشكل طالبو اللجوء ما يصل إلى 1.8 بالمائة من إجمالي السكان.
وعلى الرغم من هذه الميزانية المتزايدة، يبدو أن المكتب الأوروبي لدعم اللجوء يحتفظ بحوالي 16 ألف طلب لجوء ما يزال يتعين تقييمها من قبل المسؤولين المعنيين. ولا يبدو أن هذا التراكم قد انخفض خلال حالة الطوارئ الخاصة بتفشي فيروس كورونا.
ومع ذلك، يبدو أن جائحة فيروس كورونا قد أثرت أيضاً على تدفق طالبي اللجوء على المستوى العالمي. وبحسب دراسة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فقد توقفت تدفقات المهاجرين على المستوى العالمي منذ تفشي الوباء خلال الأشهر الأولى من هذا العام. لكن التعافي السريع لقبرص من تأثيرات الفيروس يعزز الجزيرة ويقوّي من مركزها باعتبارها بوابة جديدة للاجئين في الاتحاد الأوروبي.
وهناك عامل آخر يمكن أن يحدث تأثيراً، وهو الدور الذي تلعبه تركيا تجاه دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بتنظيم الهجرة. ويبدو أيضاً أن تركيا تتعافى بسرعة من تداعيات فيروس كورونا مقارنة بالعديد من الدول الغربية، وهو ما قد يؤثر مرة أخرى على تدفقات المهاجرين نحو دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها قبرص.
وفي حين أن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتجنب تكرار الأحداث التي وقعت في شباط (فبراير) الماضي، عندما أدت جهود قوات الأمن اليونانية لوقف المهاجرين من عبور الحدود من تركيا إلى اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان، يمكن أن تشهد جمهورية قبرص زيادة في عدد طالبي اللجوء الذين يستخدمون هذا كطريق جديد للوصول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.
وقد يجبر هذا السيناريو المتوقع في نهاية المطاف حكومة جمهورية قبرص على إيجاد قنوات غير رسمية أو وسطاء للتفاوض مع تركيا لتنظيم تدفق المهاجرين العابرين من أراضيها وأقاليم شمال قبرص.
وتقول التقارير إن السلطات القبرصية ترفض في البداية المهاجرين السوريين الذين يصلون إلى قبرص عن طريق القوارب، وبعد ذلك يتم نقلهم من الأراضي القبرصية الشمالية إلى تركيا، ويتم نقلهم في النهاية إلى البلدات التركية المتاخمة لسورية. وأخيراً، تعرض هذه الآليات المهاجرين الذين قد تتم إعادتهم إلى الأراضي السورية للخطر، بينما تعرضهم أيضًا للمخاطر الصحية أثناء انتشار الوباء.
 
*محلل سياسي مختص بالشأن التركي