Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Aug-2018

"الكنيست" يخترق احترام القانون - مردخاي كرمنتسر

 

هآرتس
 
الغد- التشريع يستهدف مواجهة مشاكل اجتماعية من اجل أن يخدم حاجات كل المجتمع. في السنوات الاخيرة، بدءا من الكنيست الثامن عشر، تنتشر ممارسة تتمثل في تشريع واقتراحات مشاريع قوانين تتجاهل ذلك. عرض بارز لهذه الظاهرة نجده في اقوال التفسير لمشاريع قوانين لا تتضمن وصف للمشكلة، ولا نريد الحديث عن غياب كامل للبيانات الداعمة لوجودها.
 
في احيان كثيرة هناك فجوة كبيرة بين هدف القانون المدعى به وبين هدفه الحقيقي. مؤيدو وضع تشريع ضد منظمات أعلنوا في البداية أنه ليست لهم مصلحة في منظمات معينة بالتحديد، وكل هدفهم هو ضمان شفافية فيما يتعلق بمصادر التمويل الاجنبية. بعد أن تم ضمان الشفافية، تواصلت الجهود لتقويض شرعية هذه المنظمات، من خلال عرضها الكاذب وكأنها تروج لمصالح دول اخرى، وتعمل من اجل تقديم جنود الجيش للمحاكمة خارج إسرائيل. المطالبة بالشفافية لم تكن سوى تمويه لتصفية محددة ضد منظمات معينة.
 
عمليات التمويه والاخفاء اتخذت أيضا بخصوص مبدأ الاستيطان اليهودي. صحيح أنه تم ادخال بند في قانون لجان القبول يمنع التمييز رغم أنه من الواضح للجميع أن الامر يتعلق بالغمز ولفت الانتباه. كل القانون يستهدف تمكين انشاء بلدات لليهود فقط، أي تشريع للتمييز ضد غير اليهود. أيضا في الصيغة الاولى لقانون القومية جرت محاولات ضد هدف اقامة بلدات لليهود فقط، من خلال امكانية انشاء بلدات متجانسة على قاعدة عالمية بقدر الامكان متمثلة بالدين أو القومية.
 
إن عدم الالتزام بالحقيقة وجد تعبيره أيضا في نص القوانين نفسها. مثال على ذلك هو اخفاء مواطني إسرائيل العرب من قانون القومية وكأن الدولة أيضا لهم. مثال آخر هو القوانين التي تتعلق بالمناطق المحتلة وكأنها جزء من إسرائيل.
 
احيانا يبرز انعدام الهدف من التشريع، بحيث لا تجد هناك علاقة بين ما تريد أن تروج له وبين الوسيلة التي تم اتباعها. القانون ضد "نحطم الصمت" على سبيل المثال، موجه ضد هدف غير موجود.
 
على الاغلب، ضرر القانون يزيد بكثير عن فائدته مثل القانون الذي يلزم بإيداع جزء من راتب العمال الأجانب، الذين ليس لديهم تأشيرة دخول، فهو اساءة وأيضا سرقة. ولكن الرقم القياسي مسجل على اسم قانون القومية الذي هو ضرر شديد بحد ذاته. في هذا ما يدل على أن الامر يتعلق فعليا بقوانين هدفها الحقيقي هو الترويج لأهداف مرفوضة مثل تشريع التمييز واسكات الآراء غير المقبولة، والاخطر من ذلك، فرض الرواية السياسية للنظام المختلف عليها جدا لدى الجمهور.
 
هذا التراكم من القوانين الظالمة والغبية ليس صدفة. هي تستدعي النظر إلى الصورة بالكامل. اجراءات التشريع هذه تستهدف تصفية التمايزات الضرورية بين الحكم والدولة، بين المجتمع والدولة، بين حكم الاغلبية وحكم الشعب. وأحد الخصائص الضرورية للديمقراطية، الذي استهدف ضمان وجود هذه التمايزات، هو الفضاءات المستقلة التي تنشئها الدولة إلى جانب السلطة ومقابلها: وسائل الاعلام، التعليم، الثقافة، التعليم العالي والبحث العلمي، الدين ومنظمات المجتمع المدني.
 
هذه الفضاءات استهدفت ضمان، ضمن امور اخرى، أن سلوك النظام سيكون خاضع للنقد المتنوع في أي وقت، ويشكل وزن مضاد للحزبية السياسية والقطاعية، التي هي على الاغلب مستبدة، والاتفاقيات التي تعززت، رغم أنه أكل الدهر عليها وشرب، وأصبحت مقدسة من اجل التمكين من فضاء مدني مهم ورسمي، هدفه مصلحة الجميع.
 
للقانون في الدولة الديمقراطية مصادر شرعية تتجاوز قوة انفاذ الدولة. أحدها يكمن في الفكرة الديمقراطية: الشعب، بواسطة ممثليه، يحدد معايير من اجله، وملزمة له. هذا مشروط باحترام استقلال الفضاءات الاجتماعية، خارج السلطة، والحفاظ بصورة كبيرة على حرية التعبير. وهو مشروط أيضا بأن اجراءات التشريع والقانون نفسه تعبر عن روح ديمقراطية وتشمل جميع المواطنين، والعمل لصالح الجميع، مثل التي يمكن للمواطنين الاحرار والمتساوين أن يوافقوا عليها.
 
لذلك، في قانون القومية وقوانين مشابهة اخرى فقد سحب النظام من نفسه قاعدة الشرعية الديمقراطية. اضافة إلى ذلك، قاعدة الشرعية الاكثر اهمية للقانون هي اخلاقية مضمونه. قانون الاساس الذي يلزم الاقلية بالتسليم بتغييبها ورؤيتها كمتدنية هو غير اخلاقي. تشريع يمس المساواة ولا يهم اذا كان الامر يتعلق بالنساء أو السود أو المثليين أو الدروز أو العرب، يتناقض مع العدل، لذلك هو لا يستحق الاحترام.
 
رئيسة المحكمة العليا في بولندا رفضت الاستقالة من منصبها قبل حوالي شهر، مع العلم أنها تخرق قانونا جديدا للبرلمان في بولندا، الذي خفض سن التقاعد للقضاة الموجودين في وظائفهم (وهي فكرة طرحت لدينا أيضا). لقد جلست في مكتبها، رغم أن ولايتها حسب القانون انتهت.
 
هل المس بالمساواة في قانون القومية اقل خطورة من المس باستقلالية القضاة في بولندا؟ هل الكنيست يريد أن تجعل حماة القانون، لا يحترمون قوانين لا يمكن بأي شكل احترامها؟ هكذا يهز الكنيست احترام القانون وتقوض القاعدة لتنفيذه الملزم.