Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Sep-2019

الانتخابات الاسرائيلية توحد الفلسطينيين في وجه التطرف*باسل ترجمان

 الغد-بعيداً عن تفاصيل نتائج الانتخابات الاسرائيلية ومن الفائز والخاسر فيها وما الذي يمكن أن تقدمه لتغيير واقع المنطقة أو فتح نافذة امل جديدة بإقامة سلام في المنطقة، ومع تراجع ملحوظ على المستوى الدولي للاهتمام بمن سيكون رئيس حكومتا القادمة وكيف سيتشكل الكنيست كانت النقطة التي شكلت المفاجأة الأبرز نجاح القائمة العربية المشتركة في ان تكون القوة الثالثة في الكنيست قبل كثير من الاحزاب اليهودية اليمينية والمتطرفة.

نجاح توحيد اصوات العرب في قائمة مشتركة واحدة حققت ثلاثة عشر مقعداً في الكنيست الاسرائيلي شكل قفزة نوعية في التعاطي السياسي للقوى العربية في اسرائيل في مواجهة ارتفاع التطرف العنصري وتحول قوى سياسية وقياداتها للخطاب المتطرف لتغطية فشلها وعجزها السياسي عن التعاطي مع الواقع الداخلي الاسرائيلي او الواقع الاقليمي وخاصة البحث عن حل ما للصراع مع الفلسطينيين الذي تحول لحالة من العجز عن التقدم باتجاه الحل السلمي او البحث عن انهائه.
إسرائيل العاجزة عن السلم والحرب تنغلق اكثر على واقعها ويرتفع فيها خطاب الفشل العنصري الباحث عن عداء دون حروب يعمق الشعور بالكراهية للأخر ويشبع إحساساً بالتميز العرقي ليس فقط تجاه العرب بل تجاه الاسرائيليين المختلفين في الأصول والثقافة عن الأخرين والصدامات التي شهدتها مؤخرا مع اليهود الفلاشا القادمين من اثيوبيا عكس عمق وتجذر العنصرية في سلوك الفشل السياسي للطبقة الحاكمة فيها.
القائمة المشتركة شكلت الاستثناء المشرف للفلسطينيين الذين هبوا للوقوف في وجه التطرف المتصاعد في المجتمع الاسرائيلي والذي تحول لتهديد للأمن والسلام في المنطقة ونتنياهو الموهوم بالدعم الامريكي والذي يروج لمحاولات تغيير الواقع الميداني على الأرض بالتعهد بضم منطقة الأغوار والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والذي يشكل نسفاً لكل مرجعيات السلام الهش في المنطقة منذ توقيع اتفاقيات السلام بدء بكامب ديفيد سنة 1978 مع مصر وما تبعها، ومحاولات الترويج بأن صفقة القرن هي اصغاء امريكي للإملاءات الإسرائيلية بصيغتها المتطرفة وجدت سداً منيعاً سيعيد تشكيل الخريطة السياسية في إسرائيل بعيداً عن أوهام اليمين المتطرف الدي سيجد نفسه امام حقائق اما القفز نحو الهاوية أو العودة للواقع وهذا ما يفقد نتنياهو قدرته على البقاء السياسي الذي يحميه من القضاء الذي ينتظر فشله لبدء محاكمته بتهم الفساد.
الدرس الذي قدمته القائمة العربية المشتركة بعد سنوات من التشرذم جراء محاولات البعض تقسيم الفلسطينيين في إسرائيل بخلفيات دينية وعقائدية شكلت خدمة كبيرة لصالح القوى المتطرفة في إسرائيل، هذا الدرس أظهر بوضوح ان توحد هذه القوى وإقصاء الجماعات التي تسببت في تحويل الصراع إلى صراع ديني بين الفلسطينيين لم يجلب لهم إلا الخراب، وصنع من الكتلة التي تضم ثلاثة عشر نائباً في الكنيست ثالث القوى الكبرى والتي إن شكلت حكومة وحدة وطنية فيها ستكون زعيمة المعارضة، وهذا سيفرض على كل القوى السياسية في اسرائيل ان تضع في اعتبارها اهمية ووزن هذه القوى وتلزمها بإعادة ترتيب اولوياتها بما يأخذ بعين الاعتبار حجم واهمية الوجود العربي في المجتمع وقيمته ودوره في صناعة السياسة الداخلية والخارجية لإسرائيل.
نجاح القائمة العربية المشتركة وهزيمة نتنياهو سيشكلان الحدثين الاهم على مستوى المنطقة لأن القائمة ستكون جدار صد اساسي ورئيسي في مواجهة اية محاولات لضم غور الأردن والكتل الاستيطانية في الضفة الغربية وهدم مرجعيات عملات السلام واعادة الاوضاع في المنطقة لنقطة الصفر مع انعكاساتها على العلاقات بدور الجوار وتأثيراتها السلبية كما أن نتنياهو الذي فقد الغطاء السياسي سيصبح في مهب الريح وغيابه عن الساحة قد يسمح في المرحلة القادمة بان توجد في إسرائيل قيادة اكثر عقلانية تخرج من أوهام التاريخ لتجاور الواقع.
منذ سنة 1948 شكل صمود أقلية من الفلسطينيين في أرضهم معجزة تنامت رغم كل الظلم الذي لحقهم من القريب قبل الغريب وفي كل لحظة صعبة في عمر القضية شكلوا الرافعة التي اعادت للقضية بعدها الوطني ومنعت عدوها من التفرد بها وانهائها.
في يوم الأرض وفي انتفاضة الأقصى شكل تحدي هؤلاء الابطال للمنظومة الاسرائيلية المتغطرسة داخل إسرائيل الانكسار الكبر لكل مشاريعها لتصفية القضية فلولا صمودهم فوق أرض اجدادهم لما يقي اليوم لفلسطين من وجود غير رمزية لا قيمة لها في الواقع.
غياب نتنياهو سيغيب معه صفقة القرن التي ستتأجل لما بعد الانتخابات الأمريكية نهاية السنة القادمة والفرصة ستكون مناسبة للبحث عن آليات جديدة لإطلاق عملية السلام بعيداً عن مخاطر الصفقة وخارج اوهام نتنياهو الذي يريد ان يكون احد انبياء بني إسرائيل.