Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2018

المرأة والتعليم: 11 استراتيجية حديثة في تهميش دور المرأة - د. ذوقان عبيدات
 
 
الغد- ليس سراً، أن نقول كانت المرأة أكثر المتأثرين بالتراجع الفكري والثقافي في هذا العصر الداعشي بإمتياز: قيما وسلوكا.  وبعد أن قطعت المرأة شوطا في التقدم الاجتماعي عدنا نناقش ادوارها من جديد، وتنميط هذه الأدوار، ونناقش عملها وملابسها ومكياجها بل ونناقش من سيوصلها إلى العمل أو المدرسة، ومن الضروري أن يكون السائق مسلما. إذن هذا هو الجو الثقافي المجتمعي، فما انعكاساته على التعليم؟ وهل ما يزال كافيا أن يقدم التعليم موضوعا أو أكثر عن سيدة عالمة أو رائدة فضاء؟ 
(1)
حكاية مؤهلات المرأة
كانت المرأة تضطهد إداريا بحجة انخفاض مؤهلاتها التعليمية، بل اتهمت في ذكائها وانخفاض قدراتها في التفكير المجرد، وسيطرة الجانب العاطفي على قراراتها. وبعد أن كشفت الوقائع تفوق المرأة الدراسي في المدارس والجامعات، وبعد أن كشف علم النفس الحديث غياب الفوارق في القدرات والذكاء بين الرجال والنساء.
وبعد أن كشفت بحوث الدماغ الحديثة أن العاطفة ضرورة جدا للتفكير السليم.. أسقط الأمر في أيدي أصحاب هذا المنطق ولم يعد باستطاعة أحد أن يشكك في قدرات المرأة ومؤهلاتها وذكائها واستراتيجيات تفكيرها. فلجأوا إلى اساليب جديدة للتقليل من فرص المرأة وتقدمها، ليس أهمها إنكار استقلالها كشخص له كيان، وأنها مكملة للرجل أو أنها أخت الرجل وأم الرجل وعمة الرجال إلى أخره من اوصاف تضعها دائما مضافة إلى الرجل دون أي كيان مستقل، فلجأ المجتمع التقليدي ومن يقوده من أصحاب الاتجاهات المحافظة والتقليدية إلى ابتكار اساليب واستراتيجيات جديدة لتهميش دور المرأة فما هذه الاستراتيجيات؟
(2)
استراتيجيات تهميش المرأة
قلنا لم يعد ممكنا التعلل بمؤهلات المرأة وقدراتها، لذلك لجأ المعنيون من مديرين ومسؤولين واصحاب قرار إلى ابتكار استراتيجيات جديدة لتهميش المرأة، وسأعرض فيما يأتي هذه الاستراتيجيات:
اولاً: استراتيجية المماطلة والتأجيل: حيث تقوم المؤسسة بالامتناع عن إعلان الوظائف المهمة الشاغرة، إذا كانوا يشعرون أن عددا من  النساء أو احداهن من أكثر المستحقين لهذه الوظيفة على أمل أن يتغير شيء ما، مثل مرور المرأة المستحقة بأوضاع أسرية أو فزيولوجية معيقة، أو ظهور فارس مبدع يصعب منافسته. إذن تؤجل المؤسسة تعبئة الوظيفة القيادية الشاغرة على أمل تغير ما يساعدها على تجنب تعيين سيدة.
ثانياً: استراتيجية البحث عن امرأة خارقة: طلب أحد وزراء التربية مني التفكير عن سيدات يصلحن لوظيفة مدير تربية وتعليم. وحدد لي شرطا: اريد سيدات مبدعات مؤثرات، قويات، واثقات، مؤهلات محترمات..الخ، فقلت له: وهل لدينا رجال يمتلكون هذه الصفات؟ لماذا تضع معايير لتعيين سيدات تختلف عن معايير الرجال؟ إذا أردت سيدات بمثل معايير الرجال المدراء فإننا لا شك نمتلك مئات منهن.
اذن؛ نعتذر ونتعلل بغياب السيدات الخارقات لتعيينهن في وظائف يشغلها رجال عاديون جدا وربما أقل!
ثالثا: استراتيجيات المقارنة بنماذج نسائية فاشلة: تعمل بعض المؤسسات ومديروها على التنجيم بالبحث عن سيدات اشغلن بعض الوظائف وفشلن فيها، ليصدروا حكما تنبؤيا على فشل أي سيدة قد تعين في وظيفة قيادية، وكثيرا ما ينسجون القصص عن "نائبة" فاشلة أو وزيرة ضعيفة، أو مديرة استقالت او قيادية بكت .. الخ. ليقولوا: لن نغامر في تعيين سيدة لهذا المنصب.
رابعا: استراتيجيات تعقيد مهام الوظيفة: يعمد بعض المسؤولين الى وضع شروط قاسية للوظائف بحيث لا تقدم أي  سيدة عليها، مثل: - من متطلبات الوظيفة السفر إلى المحافظات والنوم فيها لمدد غير محددة، والغياب عن مكان العمل فترات.
- العمل الليلي والاجتماعات الليلية. - التعامل مع عمال محافظين ومن طبقات اجتماعية لا تؤمن بقيادات غير رجالية.
إن مثل هذه الشروط قد ترعب اي سيدة وتمنعها من التقدم أو التفكير في هذه الوظيفة.
خامسا: استراتيجية الحفاظ على سمعة العاملات وسمعة المؤسسة: تثار عادة عقبات امام الوظائف القيادية مثل، هذه الوظيفة قد تعرض السيدات للقيل والقال، ونحن نربأ بالعاملات معنا من ان يتعرضن للتشويه والاشارات، فسيداتنا ماجدات ومن مسؤوليتنا حمايتهن من اشكال التشويه كالتحرش والاشاعات والاتهامات.
فالمرأة حساسة وسمعتها حساسة، ولن نهين العاملات في مؤسستنا ونعرضهن لأي كلام. اما سمعة المؤسسة فلا نريد ان يقال عنا: مؤسسة تديرها النساء، او تملك النساء فيها ادوارا قيادية.
سادسا: استراتيجية الدوام المستمر والمنتظم: يثير المسؤولون بأن القيادة تتطلب حضورا قويا وفاعلا ومستمرا فلا قيمة لقائد يضطر للغياب تحت شعار اجازة امومة مثلا، أو اجازة عائلية أو غيرها. ان المرأة القائدة هي من تكون على رأس عملها دائماً، ولا تحتاج لقيادات تضطر على فترات مغادرة العمل! حتى أن بعض المؤسسات تشترط غير متزوجة في احسن الاحوال.
سابعاً: استراتيجية الوضع على الرف Shelving : تقوم هذه الاستراتيجية باخفاء الوظيفة القيادية أو تأجيل عرضها، أو التقليل من اهميتها، كأن تعلن انها وظيفة مهمة، ولكن! اشغالها غير ملح في الوقت الحالي، وان المؤسسة تستطيع العمل دون وجود هذه الوظيفة التي يمكن تأجيلها.
ثامنا: استراتيجية اللجان: وهي استراتيجية شائعة الاستخدام، تتعلق بالمماطلة وشراء الوقت، واحداث الملل، فحين تشغر وظيفة ما، يمكن للمرأة ان تشغلها تشكل لجان مثل: - لجنة وضع معايير للوظيفة. - لجنة الإعلان عن الوظيفة. - لجنة جمع الطلبات والنظر فيها.
حيث ينسى الجميع هذه الوظيفة ليقوم المدير بتعبئتها لاحقاً. ومن الجدير بالذكر ان استراتيجية اللجان قد تستخدم ضد الرجال ايضا ممن لا يرغب بتعيينهم.
تاسعاً: استراتيجيات المقابلة المباشرة: المقابلة سلاح ذو حدين، وغالباً ما تستخدم للتعرض الى الشخصية ومستوياتها الثقافية والمعرفية، وفي مقابلات المرأة يمكن ان تستخدم لافشالها، كأن تسأل اسئلة تعجيزية مثل: ما عاصمة كذا؟ كم عدد سكانها؟ بماذا يشتغل اهلها؟ و.. الخ من اسئلة.
وفي المقابلات والامتحانات يمكن لأي مدير أن يثير اسئلة لن ينجح فيها افلاطون أو ارسطو. فاستراتيجية المقابلات يمكن ان تستثنى أي سيدة من أية وظيفة.
عاشرا: استراتيجية التكيف والقبول الاجتماعي: تستخدم هذه الاستراتيجية في وضع عقبات أمام عمل المرأة تحت اعذار دينية او ثقافية، حيث نسمع عادة اقوالا مثل: - من يوصل المرأة الى العمل؟ - هل يستطيع زوجها ان يوصلها؟ - هل لديها سائق مسلم؟ هل استأذنت زوجها أو ولي امرها في الخروج من المنزل؟ ان مثل هذه الاسئلة غالباً ما تثار امام المرأة في الوظائف العادية فكيف بالقيادية.
أحد عشر: استراتيجية غياب نساء فاعلات: عند استعراض حاملي جوائز نوبل، نجد عدد النساء محدودا وباستعراض رئيسات الوزراء نجد عددهن محدودا، فلا توجد نماذج نسائية ملهمة أو مشجعة. فلماذا تغامر مؤسستها بتعيين باحثات أو قائدات؟؟
فعلى المستوى العالمي والمحلي لا وجود واضح لقيادات تربوية او سياسية، او مجتمعية، او عسكرية. 
(3) 
المناهج والتربية في مواجهة استراتيجيات التهميش
تبدو أمام التربية والمناهج مهمتان أو أكثر في هذا المجال:
اولاً: مهمة تقديم المرأة كانسان مستقل قادر على التفكير واتخاذ القرار، لا فروق تعود إلى الجنس في هذا المجال. وهذا غير موجود في مناهجنا.
ثانياً: تخصيص نصف المواقف الإنسانية في المناهج للمرأة، بحيث تعرض شاعرات وعالمات وحكيمات ومغامرات وشخصيات تاريخية او اي نموذج آخر، كما تعرض تماما النماذج والادوار الرجالية.
ثالثاً: التوسع في عرض النماذج النسائية تماما دون تمييز أو انحياز أو تعصب.
رابعاً: تطوير مهارات التفكير الناقد ليتمكن الطالب من كشف اساليب الخداع والتضليل والتحيزات والمغالطات.
 
* خبير تربوي