Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Oct-2017

الدولة المدنية: بين ثقافتيْ التشكر والاعتذار - ناديا هاشم العالول
 
الراي - لن اخوض بمسميات الدولة المدنية ومضامينها ومدى قربها أو بُعدها عن العلمانية، فقد اشبعناها تنظيرا وقياسا ومعيارا مجيّرين موازين الماضي والحاضر والمستقبل، فتتخلّلها مطالبات بإجراء المزيد من الإصلاح والديمقراطية.. آخذين بالإعتبار أن غالبية الدول المدنية العربية التي تدين بالإسلام تعلن بأن الإسلام هو دين دولتها.
 
والسؤال الذي يطرح نفسه: ترى هل اننا ادركنا كشعوب ماهية الديمقراطية، وأبعادها ؟علما بأنه لا توجد ديمقراطية كاملة.. وحتى أكثر البلاد المتطوّرة ديمقراطيا نراها بين حين وآخر تهجر مضامين العدالة والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص بسياستها الخارجية الموجّهة «خارج «حدودها..
 
ناهيك عن بعض البلاد العربية التي لا تفهم من الديمقراطية سوى مظهرها دون جوهرها، مركّزة على حرية بلا قيود وبلا رقيب او بلا حسيب لا من داخل النفس أوخارجها.. ضاربة بعرض الحائط (تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية غيرك)، فما معنى الطخطخة بالأفراح دونما وجَل فيُقتَل ويُجرَح الأبرياء!
 
وما معنى قيادة السيارة بحرية مطلقة غير عابثين بالمصائب المترتبة على هكذا «سولافة»! وحدث بلا حرّج عن السلوكيات والأفعال المستهترة بالغير.. معلقين بدورنا: ديمقراطية حقيقية أهلا وسهلا.. اما الفوضى يفتح الله.. إحنا مش ناقصين!
 
فالديمقراطية تحتاج إلى عمل متواصل وإلى وقت طويل وصبر أطول، وثمار الديمقراطية لا تُجنى على المدى القريب.. فهي ثقافة تهذّب الفكر والسلوك للعيش مع الآخرين واحترامهم رغم الخلافات العميقة بين طبقات المجتمع سياسيا واجتماعيا..
 
فالديمقراطية الحقّة المتوخّية للإصلاح والتي نصبو اليها لها مرجعية قانونية مدنية تنبع قوانينها من صميم ثقافتنا.. الثقافة المستوحاة من أحسن القديم واحسن الحديث.. منتقين الأفضل من الأصالة والأفضل من المعاصرة..مغربلين كل ما ينهال علينا بغربال الحكمة والموضوعية.. وإلا فلا !
 
فهل يعقل ان نرتقي للمدنية بدون ضوابط معيارها الفن والذوق والأخلاق فإن لم نستجب للذوق ولم نستفد من تربيتنا الأخلاقية فكأننا نضرب بالقانون بعرض الحائط..
 
يكفينا فخرا اننا بالأردن تجنّبنا مطبّات « الربيع العربي» التي أغرقت أمواجها المتلاطمة بلدان الجوار فتلطّم مواطنوها برّا وبحْرا..
 
وهذه مؤشرات تحمل بطيّاتها نيّة صادقة تتطلع للمضي قدُما على نهج التطوير والإصلاح تلبية للرؤى الملكية والمطالب الشعبية ،والتي وجدت ضالتها
 
بأوراق الملك النقاشية ونخص بالذكر الورقة النقاشية السادسة منها ،الواضحة المعالم والطاردة لأية ظنون أو شكوك ، والتي تطالب بوضوح بدولة «مدنية» تعتمد على سيادة القانون..
 
نعم ما أحوجنا فعلا الى سيادة القانون على الصعد كافة..داخل الأسرة وخارجها.. في الشارع والمصنع وبالحقل وبالمؤسسة..الخ.. فلا صلاح ولا إصلاح بدون معاييرنرجع لها بداية بالأسرة لتحافظ على ابنائها ومستقبلهم وعلى كل ما هو خاص يخصّهم...
 
والشيء نفسه ينطبق على القوانين العامة من سير وعمل وصحة وسياسة واقتصاد وبيئة.. الخ
 
وعلى ذكر البيئة اسمحوا لي التوقف معترضة مسيرة المقالة بوقفة اعتراضية تعترض على احدى الممارسات اللابيئية..
 
: فبالامس القريب بدأت طقوس حرق القمامة بمنطقتنا بين البيوت في الساعة الثانية بعد الظهر حتى منتصف الليل.. فيا أيها المواطن – الحارق–الذي يبث السموم بمسالكنا التنفسية مُحْرِقا أنفاسها.. ما هو مضمون حريتك.. وهل هذه مدنيتك ؟
 
تتخلص من قمامتِك لتستقر بأجسادنا داءات وأمراض ألا تعلم انك مسؤول امام الله والقانون ؟ فالحرية لا تعني أن تتخلص من سمومك المنزلية او التجارية بتسميم الآخرين شاملا بذلك نفْسَك ونَفْسك ؟
 
وانت ايها المسؤول.. من وزارة بيئة وشرطة بيئية اين دوركم بحماية البيئة؟
 
نعَمْ للقانون ونِعْمَ الأساس للدولة المدنية، القانون المنطلق من مضمون وروح دستورنا.. القانون المعشعش بأعماق نفوسنا..القانون الذي يحترم الآخر..فلا فرق بين الخاص والعام.. كلاهما يسيران نحو هدف واحد..
 
. ولعل مصيبتنا تكمن باللغط الذي يدور حول مفهوم المدنية نتيجة خلْط المفردات وربط المدنية بالمدينة.. وكأنه لا علاقة لأهل البادية او الريف بالمدنية ، ومن اجل ذلك ترى تعصبا من قبل البعض ضد الدولة المدنية وسيادة القانون المدني معتقدين انها من صميم وتصميم اهل المدينة..
 
وهذا لُبْس يجب توضيحه ، فالتراجع الفعلي الملموس بسيادة القانون أدى بدوره لتراجع الدولة المدنية ،لغياب روح العمل كفريق واحد على المستويات كافة من بادية وريف وحضَر ،نتيجة بعض ممارسات لا تنمّ عن احترام الرأي الآخر ، فما احوجنا لسيادة قانونية لا ترفع من شان فئة على فئة أخرى الإ بالجد والاجتهاد والتقوى..
 
وحتى ننشر الثقافة المدنية فلابد من اتقان اولا ثقافة الشكر والأعتذار ، والتحفيز دون التثبيط ، « لئنْ شكرتم لأزيدنّكم «..
 
فما احوجنا الى مبادرة إطلاق مبادرة « شكرا.. عذرا»..فإن لم نتقن مهارة الشكر والاعتذار كاساس التطور فلا مجال للوصول للدولة المدنية التي نريد..
 
hashem.nadia@gmail