مطاعيم الأطفال.. بين مؤيد ومعارض
الراي - سائدة السيد
تعد التطعيمات من أهم وسائل الوقاية الصحية المستخدمة عالميا لحماية الأطفال من الأمراض المعدية الخطيرة، وفي الأردن أصبحت جزءا من الرعاية الصحية المجانية ومع ذلك يبقى الجدل قائما بين المؤيدين والمعارضين لتطعيم أطفالهم.
ووفق مدير الخدمات الطبية الملكية السابق وعضو اللجنة الاستشارية في مجلس السياسات الوطني الدكتور عادل الوهادنة، فإن الجدل حول التطعيمات للأطفال في الأردن له أبعاداً علمية ومخاوف مجتمعية، مؤكدا على أهمية تعزيز الإقبال على التطعيمات لتحقيق الحد الآمن، الذي يجب أن يتجاوز نسبة 95% لتأمين مناعة مجتمعية فعالة.
وبين الدكتور الوهادنة الى «الرأي» أن الدروس التي نتعلمها من تجارب الدول الأخرى تؤكد ضرورة التصدي للشائعات والمخاوف غير المبررة بشأن مطاعيم الأطفال، بحيث لا يكون هناك عودة لإشاعات مستباحة، إنما الدفع بصدها وتعزيز الإقبال.
واعتبر أن المؤيدين لتطعيمات الأطفال لديهم نقاط رئيسية تدعم رأيهم، وهي:
- الحماية من الأمراض الخطيرة، فالتطعيمات ساهمت بشكل كبير في الحد من انتشار الأمراض الفتاكة مثل الحصبة، وشلل الأطفال، والنكاف، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فهي تمنع 2-3 ملايين حالة وفاة سنويا.
- تحقيق مناعة القطيع، فعندما يتم تطعيم نسبة كافية من السكان، فإن ذلك يمنع انتشار الأمراض، مما يحقق مناعة مجتمعية أو ما يعرف بـ «مناعة القطيع»، وهذه المناعة تحمي الأفراد الذين لا يستطيعون تلقي التطعيمات بسبب حالات طبية.
- الدعم العلمي المؤكد، فالدراسات العلمية مثل تلك المنشورة في مجلة The Lancet، أكدت مرارا وتكرارا سلامة وفعالية اللقاحات، ولقاح الثلاثي (MMR) أثبت أمانه بشكل قاطع، وتم نفي أي علاقة له بالتوحد.
- إلزامية التطعيمات للصحة العامة، فالحكومات بما في ذلك الحكومة الأردنية، تفرض التطعيمات كشرط لدخول الأطفال إلى المدارس، للحد من انتشار الأمراض المعدية وحماية الصحة العامة في البيئات الجماعية.
أما المعارضون للتطعيمات فلديهم أيضا نقاطاً رئيسية تعبر عن وجهة نظرهم، وهي كما ذكرها الدكتور الوهادنة:
- المخاوف من الآثار الجانبية، حيث أن بعض الأهالي يعبرون عن مخاوفهم من الآثار الجانبية النادرة التي قد تصاحب التطعيمات، مثل الحساسية الشديدة أو الحمى، ورغم ندرة هذه الحالات، إلا أنها تسبب قلقا بين الأهالي.
- حرية الاختيار والمسؤولية الفردية، فهناك بعض الأهالي يرون أن إلزامية التطعيمات تتعارض مع حقهم في اتخاذ القرارات الصحية الخاصة بأطفالهم، وهم يطالبون بحرية اختيار التطعيمات بناء على معتقداتهم الخاصة، بعيدا عن الضغوط الحكومية.
- نظريات المؤامرة، إذ تنتشر بعض النظريات التي تزعم وجود ارتباط بين التطعيمات وأمراض مثل التوحد، أو أنها تحتوي على مواد ضارة، ورغم أن هذه الادعاءات قد تم دحضها علميا، إلا أنها تستمر في التأثير على قرارات البعض.
- الاعتماد على المناعة الطبيعية، حيث أن بعض الأهالي يعتقدون أن تعريض الأطفال للأمراض بشكل طبيعي يقوي جهاز المناعة على المدى الطويل، ومع ذلك يمكن أن تكون هذه العدوى الطبيعية خطيرة، وقد تؤدي إلى مضاعفات لا يمكن التحكم فيها.
وأشار الدكتور الوهادنة إلى أن التطعيمات للأطفال في الأردن تظل قضية معقدة تجمع بين الأدلة العلمية التي تدعم فعاليتها، وبين المخاوف الشخصية التي يعبر عنها بعض الأهالي، ورغم التباين في الآراء، يبقى الإجماع الطبي العالمي داعما للتطعيم كوسيلة فعالة في حماية صحة الأطفال والمجتمع.
ولتحقيق مناعة القطيع وضمان حماية المجتمع بأكمله، لفت إلى أنه يجب أن يتجاوز معدل التطعيم 95%، فالدول التي لم تحقق هذا الهدف تعاني من انتشار الأوبئة، ولذا يجب التصدي للشائعات وتعزيز الثقة في التطعيمات لضمان صحة الجميع.