Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Oct-2018

وليد السعد... يوم نجح بامتحان الدبلوماسية - د. فيصل غرايبة

 الراي - كنا طلبة وفي الصف الثاني الثانوي أدبي بمدرسة حسن كامل الصباح في اربد، عندما وضعت الحكومة الأردنية برئاسة المرحوم وصفي التل في اول تكليف له من الملك الراحل الحسين بن طلال لتشكيل الوزارة في العام 1962 والتي قوبلت بالحماس والانتظار بشوق لاتخاذ خطوات اصلاحية في الجهاز الحكومي والوظيفة العامة. وكان من بين مدرسينا في ذلك العام مدرس جامعي يحمل درجة البكالوريس في التاريخ من جامعة القاهرة، اسمه وليد السعد البطاينه، وشرع في تدريسنا مقررين من المقررات هما»التاريخ العام»و»القضية الفلسطينية»، وقد ابهرنا اسلوبه بالحديث وصوته الجهوري وتنمقه اللفظي وتقيده باصول النحو، وقد شدنا لشرحه وشوقنا لدرسه، لا سيما وانه كان يعطي لحديثه طابعا سياسيا يرتبط بالواقع، وخاصة في تلك الفترة التي كان الشعب العربي يعيشها وخاصة الشباب فيه، حالة أمل وتفاؤل لاعادة بناء العالم العربي على اساس الحرية والوحدة والعدالة.

وحدث في تلك الفترة ان دعت وزارة الخارجية الأردنية الشباب الجامعيين المتخصصين بالعلوم الانسانية سواء من الموظفين في الجهاز الحكومي أو سواهم في القطاع الخاص او المهن الحرة كالمحاماة، دعتهم للتقدم لامتحان عام لوظيفة«ملحق - دبلوماسي» بكادر هذه الوزارة، وان الامتحان يشتمل على قسم كتابي/ تحريري وقسم شفوي يقوم على المقابلة، ويتضمن هذا الامتحان كذلك الكشف عن المهارة اللغوية باللغتين العربية والانجليزية. وحدث بعدها وفي ضوئها ان غاب مدرسنا وليد السعد نفسه عن المدرسة في احد الأيام، وليكشف لنا في الحصة ذاتها بالاسبوع التالي على انه قد ذهب الى عمان وأدى مع الكثيرين الامتحان الكتابي المقرر لدى وزارة الخارجية،ومضى يشرح لنا فحوى الامتحان ومجمل اجاباته على الأسئلة بقالب يبقيها ضمن اهداف المقرر الذي يدرسنا اياه، وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ودور الاردن كجزء من المنظومة العربية،واضاف بانه بانتظار استدعائه للامتحان الشفوي والمقابلة الشخصية،امام لجنة لانتقاء المؤهلين للوظيفة الدبلوماسية.
وفعلاوما هي الا مسألة وقت حتى غاب وليد مرة أخرى ( وليس من عادة المعلمين أن يغيبوا عن دوامهم المدرسي)، وتوالت الأيام حتى وقد ظهرت النتائج وتم انتقاء الملحقين الدبلوماسيين وتم تعيينهم بملاك وزارة الخارجية، وتبعا لذلك قدم وليد استقالته من سلك التعليم وودعنا بكلمات مؤثرة وبنبرة ممزوجة بفرح المستقبل وتأثر لترك ميدان سابق. واتذكر بهذا المقام من الذين التحقوا بالسلك الدبلوماسي انذاك ووصلوا الى درجة «سفير» السادة: فالح الطويل وخالد عبيدات ومحمد خير المقبل وياسين استانبولي.
لقد كان وليد السعد البطاينه اردنيا وطنيا غيورا وعربيا قوميا مخلصا، سمعت من زملاء وأصدقاء أردنيين وغير أردنيين عن أدائه الدبلوماسي ودوره السياسي وعلاقاته الاجتماعية، في الدول التي خدم فيها سفيرا للمملكة الأردنية الهاشمية، أو ركنا من اركان سفارات أردننا الحبيب، في دول عربية وشرقية وغربية عديدة، كالصين وروسيا ويوغسلافيا والعراق وتونس والامارات العربية المتحدة، كما يشهد للمرحومة قرينته ورفيقة دربه دورها الى جانبه في شد اواصر العلاقة بين الأردنيين المغتربين في هذا البلد او ذاك، الى أن استكمل حياته متقاعدا في العاصمة عمان يطرح الأفكار ويناقش القضايا التي تهم الوطن والمواطن، الى أن أعياه المرض واعتلت به الصحة، ولازم بيته وتوفاه االله قبل ايام وشيعه مريدوه الى البارحة في محيط حاضرة الشمال – اربد – وهم يودعونه الوداع الأخير، ويدعون االله عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته.
dfaisal77@hotmail.com