Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Jun-2019

التغييرات في مراكز الضباط العراقيين: من المستفيد؟

 الغد-مايكل نايتس وألكسندر ميلو – (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) 6/6/2019

في 29 أيار (مايو)، أعلنت الحكومة العراقية أن القائد العسكري الرئيسي في الموصل اللواء نجم عبدالله الجبوري سيتقاعد في حزيران (يونيو). وسيحلّ محلّه اللواء الركن نومان عبد الزوبعي قائداً لـ”قيادة عمليات نينوى”، والذي سينتقل إلى منصبه الجديد بعد أن قاد لفترة وجيزة “قيادة عمليات صلاح الدين”، التي ستنتقل قيادتها إلى اللواء الركن عبد المحسن العباسي، الذي سيُخلي منصبه في “قيادة عمليات ديالى” لصالح قائد فرقة هو اللواء الركن غسان العزي. 
ولا يمكن اعتبار الضباط الجدد خيارات سيئة بالضرورة. فاللواء الزوبعي، السنّي، لديه تاريخ طويل في محاربة “داعش” إلى جانب تشكيلات ضمن الجيش العراقي في محافظة الأنبار. وبخلاف سلفه، فهو ليس من مواليد محافظة نينوى، وإنما ينحدر من غرب بغداد. أما اللواء العباسي، قائد المعارك السنّي القادم من كركوك، فيتمتع بخبرة واسعة في قيادة الفرقة الرابعة عشرة في الجيش قرب الفلوجة. وكان اللواء العزي قد تولى سابقاً قيادة الفرقة الحادية عشرة شمال شرق بغداد. ويبقى القاسم المشترك الوحيد بين جميع هؤلاء القادة هو أنه تمّ مؤخراً نقلهم من بيئات اضطروا فيها إلى التعامل يومياً مع قادة ميليشيات نافذين.
لكن ما يثير القلق بشكل أكبر هو ظروف هذه التغييرات وتوقيتها. وكان اللواء الجبوري قد شغل سابقاً منصب قائد شرطة وقائمقام مدينة تلعفر، حيث أثمر تعاونه مع القوات الأميركية بين العامين 2005 و2008 عن أولى الانتصارات الواضحة في مجال مكافحة التمرد ضد تنظيم القاعدة في العراق، سلف تنظيم “داعش”. وبعد طرده من البلاد العام 2009 على يد عناصر شيعية ضمن قوات الأمن، عمل في “جامعة الدفاع الوطني” في واشنطن حتى العام 2014. ومع ذلك، عاد إلى العراق في العام 2015 ليقود الجهود المبذولة لتحرير الموصل وحكمها ضمن محافظة نينوى، مسقط رأسه. وعلى الرغم من استياء بعض العناصر منه لكونه ضابطاً في قوات الدفاع الجوي يطلع بدور عسكري بارز، إلا أنه نجح في تجنيد قبائل محلية في المعركة ضد “داعش” وإقامة شراكة مع التحالف بقيادة الولايات المتحدة. كما سعى إلى تطبيق سياسة الحكومة العراقية القائمة على تقليص الخطر المحدق بالاستقرار المحلي الذي تشكله عناصر ميليشيا قوات الحشد الشعبي في مدينة الموصل وسهل نينوى. ووفقاً للتفسيرات الرسمية، فإنه يتقاعد الآن بسبب عامل السنّ، على الرغم من أن العديد من الجنرالات الأكبر منه سناً ظلوا في الخدمة.
يأتي تسريح اللواء الجبوري في وقت أبرمت فيه العناصر الموالية لإيران ضمن قوات الحشد الشعبي ذات الأغلبية الشيعية اتفاقيات مع شركاء محليين من السنّة والأكراد لانتخاب منصور المرعيد –وهو عضو في التكتل السياسي المرتبط بقوات الحشد الشعبي- محافظاً لنينوى ذات الأغلبية السنّية. وقد تسبّبت هذه الخطوة المثيرة للجدل في انقسام الفصائل السنّية ضمن مجلس المحافظة وبغداد على السواء. وإلى جانب تقاعد الجبوري ورفض الميليشيات في سهل نينوى الامتثال للأوامر القانونية التي تقضي بوضعها تحت سيطرة “قيادة عمليات نينوى”، فإن الدور المفرط الذي تلعبه قوات الحشد الشعبي في تعيين المحافظ يرسل رسالة مقلقة.
على كل حال، هكذا اندلعت أعمال الشغب في الموصل في الفترة 2011-2014، عندما انتقلت المدينة من حالة استقرار نسبية لتسقط في قبضة تنظيم “داعش”. وبعد أيام قليلة فقط من انسحاب القوات الأميركية في أواخر العام 2011، بدأ العراق بعزل ضباط جيش بارزين كانوا قد تلقوا تدريباً أميركياً من مناصب قيادية أساسية. وخلال العامين اللذين سبقا سقوط الموصل، تمّ استبدال أبرز ضباط الجيش في المنطقة سبع مرات على الأقل، وقائد الشرطة المحلي مرتين، حيث كان كل تغيير أسوأ من الذي سبقه. وفي المقابل، كانت إحدى الخطوات الأولى التي اتخذها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي فور توليه منصبه في العام 2014، هي العمل بسرعة على إعادة الجبوري وغيره من القادة الذين تلقوا تدريباً أميركياً، وكانت النتيجة تحرير أربع وعشرين مدينة في غضون ثلاث سنوات فقط.
لواشنطن مصلحة في أمن العراق، ولا سيما على صعيد قيادة القوات العسكرية النظامية، التي تُعدّ أهم شريك لأميركا في حربها ضد تنظيم “داعش”. ولذلك، يجب على الحكومة الأميركية تكريس المزيد من الجهود للإنذار المبكر والتقييم الخاص بالتغييرات التي تطرأ على المناصب القيادية الرفيعة في العراق، ولا سيما عمليات الاستبدال المتعددة للضباط الذين لديهم سجل حافل مثبت في محاربة تنظيم “داعش” أو منع عودة ظهوره. ويتعين على “قوة المهام المشتركة” والسفارة الأميركية أن تقوما بتقديم تقارير منتظمة إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إذا قدّم القادة الجدد خدمات خاصة للميليشيات، أو كانوا أقل تعاوناً من أسلافهم، أو رفضوا الأوامر القانونية الصادرة عن بغداد.
قد تكون مساعي الجيش العراقي لاستيعاب الميليشيات والسيطرة عليها في سهل نينوى بمثابة اختبار مبكر للنجاح على هذا الصعيد. وتبقى معرفة من الذي كان وراء قرار تنحية الجبوري -وسبب ذلك القرار- مسألة مهمة أخرى يجب تقصيها. وقد يوفّر التدقيق في دور “الحزب الديمقراطي الكردستاني” في اختيار محافظ نينوى الجديد معلومات إضافية عن موثوقية شركاء الولايات المتحدة. ولا يمكن لواشنطن أن تأمل في منع حدوث انزلاقات في القيادة العسكرية والمدنية في العراق إلا من خلال الإصرار على تسليط الضوء على السلوك السلبي.
 
*مايكل نايتس: هو زميل “ليفر” البارز في معهد واشنطن، وكان قد قضى وقتاً طويلاً مندمجاً مع قوات الأمن العراقية منذ العام 2003.
*ألكسندر ميلو: هو محلل الأمن الرئيسي في شركة الخدمة الاستشارية في مجال الطاقة “هورايزن كلاينت آكسس”