Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Oct-2017

ملك السعودية زار موسكو ... الحدث الأبرز - د. حسام العتوم

 

الراي - شكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى موسكو بتاريخ 4 تشرين الأول من الحاي ولقائه رئيس الفدرالية الروسية فلاديمير بوتين خطوة تاريخية وحكيمة تسجل لصالح الزعيمين وبلديهما وسط ظروف سياسية واقتصادية وعسكرية متسارعة وحرجة تعصف بالمنطقة.

وتأتي الاستدارة السعودية الناجحة صوب موسكو مفاجئة بحجمها الكبير الذي نراه اليوم، وعلى مستوى الاتفاقات الاقتصادية الجديدة ومنها العسكرية الضخمة. لكن المدقق في صورتها سيعرف عمق ومدى الخطوات السعودية والروسية السياسية والاقتصادية والدبلوماسية السابقة، وكذلك التاريخية التي مهدت لمرحلة عام 2017 المشرقة التي أبهرت الرأي العام العالمي، والشرق الأوسطي.
 
يبقى الملف الإيراني المحرك الأكبر للتوجه السعودي تجاه موسكو، فإيران دولة أيديولوجية مذهبية لا تلتزم بحدودها الجغرافية الطبيعية، ولها مطامع صفوية وسط بلاد العرب. ترتكز على نسب مئوية لتجمعات الشيعة البشرية، وهي محتلة لجزر الإمارات الثلاث (طنب الكبرى والصغرى وأبوموسى)، ومماحكة لاستقرار وسيادة السعودية مباشرة، ومسيطرة على قرار العراق السياسي، وعلى القرار السوري أيضاً، ولها إطلالة في لبنان عبر (حزب االله).
 
وفي الملف السوري الذي سيطرت على مجريات أحداثه أميركا أولاً، ووقفت وراء مطالبة الأسد بالتنحي، وأدخلت الخطة (ب) الانقلابية في سوريا حيّز التنفيذ، دخلت بعد ذلك روسيا وحركت مؤتمرات جنيف، واقترحت العمل مع أميركا، ودول المنطقة، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن للوصول إلى المرحلة الانتقالية عبر صناديق الاقتراع، وبعد توجيه صفوف المعارضة السورية نفسها، وتمكنت روسيا بعدها من إقناع دمشق، وبعد الاتفاق مع أميركا، والأمم المتحدة ومجلس الأمن من جديد، للتخلص من سلاحها الكيماوي الخطير، فكان لها ذلك، وواصلت جلسات (جنيف) وطورتها إلى (استانا) بالتعاون مع قازخستان، حتى أصبحنا أمام منطق وواقع (مناطق خفض التصعيد)، الممكن أن توصل لإيجاد حل لمسألة اللاجئين السوريين، ولسلاح المعارضة السورية الواجب تنحيته جانباً، وطرد الإرهاب من (داعش)، و(نصرة)، وغيرها.
 
وفي كل الملفات السياسية سابقة الذكر كان للسعودية في التاريخ المعاصر وجهة نظر، وكان لروسيا وجهة نظر أخرى. وفيما يتعلق بإسرائيل فإن السعودية لا تقيم علاقات دبلوماسية معها أسوة بباقي الدول العربية التي تنتظر الحل العادل لشامل، ورغم أن لروسيا علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية قوية مع تل أبيب إلا أنها ساندت مبادرة السعودية في بيروت عام 2002 التي قادها ملكها الراحل عبداالله بن عبدالعزيز، ووقفة واحدة سعودية روسية مع حل الدولتين وإنهاء مسألة المستوطنات غير الشرعية العالقة، ومع قرارات الأمم المتحدة وفي مقدمتها (242 و194 (الخاصتين بالانسحاب الإسرائيلي واللاجئين.
 
وفي الوقت الذي لا تمتلك فيه الرياض علاقات دبلوماسية مع طهران، وتعتبر إيران عدوة لها وتتدخل في شؤونها، تتمتع روسيا بعلاقات مؤثرة مع إيران، فلقد عملت على تقريبها من جلسات (الاستانة)، ودخلت معها في عملية تنسيق دائمة في شأن الأزمة السورية وخارجها، وقدمت لها مساعدة دولية كبيرة في الاتفاقية النووية (5 + 1 (سابقاً بعدما كانت معرّضة لمصير يشبه العراق بعد التشكيك الأميركي بوجود صناعة نووية عسكرية لديها مهددة لأمن إسرائيل وأمن العالم، بحكم ما لديها أيضاً من تطرف أيديولوجي مناهض لكل ما هو إسرائيلي وأميركي، وهو الأمر الذي تجدده القيادة الأميركية برئاسة ترمب الآن خوفاً من تراجع قطبها الحاكم أمام نهوض أقطاب العالم.
 
واتفاقات نووية روسية إيرانية في مجال المحطات السلمية في بوشهر وحصلت السعودية على مثيل لها وبحجم وصل إلى (16 (محطة. وحول حرب اليمن والانقلاب الذي جرى على أرضها نظمت السعودية حرباً ضد التواجد الحوثي المسنود إيرانياً تحت اسم عاصفة الحزم، فيما دعت موسكو كعادتها للحوار بين سلطة اليمن والمعارضة، وإلى حوار مماثل بين اليمن والسعودية بوساطة عُمانية.
 
ويبقى الملف السوري هو الأسخن وجهود روسية دبلوماسية كبيرة بذلت بقيادة سيرجي لافروف وبالتنسيق المباشر مع الرئيس بوتين لإبعاد السعودية عن تأثيرات الخطة (ب) الأميركية الصنع والتي كان ينادي بها وزير خارجيتها عادل الجبير، وبدأنا نلاحظ الآن حديثاً مشتركاً سعودياً روسياً يدور حول أهمية توحيد المعارضة السورية وإسناد مناطق خفض التصعيد في جنوب وشمال سورية وصولاً لحل عادل لقضية اللاجئين وسلاح المعارضة ومن أجل استقرار الدولة السورية ووحدة أراضيها.
 
واستقبال كبير ومهيب في قصر الكرملين الرئاسي المطلي بالذهب لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وللقيادة السعودية، واعتبر الرئيس بوتين الزيارة الملكية السعودية تلك (الحدث الأبرز)، رغم البروتوكول الروسي لاستقبال زعماء العالم في المطارات الروسية والذي يبعد رئيس الدولة عن استقبال كبار ضيوف روسيا مباشرة، والذي هو خاص بالدول العظمى بطبيعة الحال.
 
ولاحظنا وهو الأمر المفاجئ لنا كيف اندفعت السعودية للاستثمار في موسكو وبحجم ملياري كبير دون الالتفات كثيراً لاستثماراتها في أميركا، ولهذه الخطوة معنى وفيها حكمة إيجاد حالة من التوازن للرياض بين الشرق الروسي والغرب الأميركي إن صح التعبير، وتصب في مصلحتها الوطنية والقومية العربية، فلقد أكدت وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 7 تشرين اول الحالي قول رئيس صندوق الاستثمارات الروسية المباشرة كيريل ديمتريف أن الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا تكللت بالنجاح الكبير، وأشار بأن قيمة الاستثمارات السعودية بلغت حالياً (10 مليارات دولار) في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، وإعلان شركات روسية بترولية وفي مجال الغاز الاستثمار في السعودية وفقاً لرؤية المملكة لعام 2030 ،وكذلك في مجال الأسمدة وبحجم وصل إلى (200 شركة)، وحديث إعلامي أظهر رغبة السعودية شراء شبكة من صواريخ (أ.س.400 (الروسية الدفاعية، وطائرات (ميج 35 (المتطورة وبحجم (60 طائر