Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2019

صفقة أي قرن؟*كمال زكارنة

 الدستور-يجب ان يسجل التاريخ بكل شرف وصدق وأمانة، موقف جلالة الملك عبدالله الثاني والاردن حكومة وشعبا، القوي والشجاع المتطابق تماما مع الموقف الفلسطيني قيادة وشعبا، الرافض جملة وتفصيلا بكل بسالة وحزم وحسم منذ البداية لما سمي بصفقة القرن وما تحمله من تفاصل تصفوية للقضية الفلسطينية وتآمرية على الاردن، وما ستجلبه من ضربات قاصمة لمستقبل الشعبين الشقيقين والوطنين المتلاصقين الاردن وفلسطين، وان يدوّن هذه المواقف الوطنية والقومية المشرفة باحرف من ذهب بكل فخر واعتزاز، لانها افشلت الصفقة التصفوية بحكمة وذكاء شديدين وهدوء العاصفة وليس الذي يسبقها كما يعتقد البعض، ولان الموقف الاردني الفلسطيني هو الفيصل فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي، فقد اضطرت ادارة ترامب الى تأجيل الاعلان عن الصفقة التصفوية اكثر من مرة، فبعد ان اعلنت نهاية العام الماضي موعدا للاعلان عنها، اجلته الى شهر حزيران الحالي، وهي الان بصدد اتخاذ قرار بتأجيل الاعلان الى العام القادم، بسبب فشل نتنياهو في تشكيل حكومة صهيونية واعادة الانتخابات الصهيونية في ايلول المقبل، وهكذا اختلطت اوراق المتآمرين في البيت الابيض ومعسكر الاحتلال الصهيوني، وتبعثرت جهودهم ومؤامراتهم، وتشتت افكارهم وفقدوا صوابهم، وعليهم ان يخلصوا الى نتيجة مفادها .. لن تمر اية صفقات تآمرية على القضية الفلسطينية .

 تأجيل الصفقة ذاتها بات في حكم المؤكد، الى العام المقبل وربما الى القرن القادم، يلغي او يؤجل بشكل تلقائي كل متعلقاتها وما يرتبط بها من مشاريع وانشطة سياسية او اقتصادية الى العام المقبل، وكل حديث عنها وحولها في هذا الوقت وهي ما تزال في حكم المجهول يظل بلا فائدة ولا جدوى .
الموقف الاردني الفلسطيني الصلب والعنيد، الذي تزامن مع تحرك سياسي ودبلوماسي نشط وفعال على الساحة الدولية والاقليمية، لم يؤدِّ الى افشال الصفقة فقط، بل افشل الاجراءات الاخرى التي رافقتها والتي حرصت الادارة الامريكية على اتخاذها لتشكل روافع اساسية للصفقة، فقد استطاع الجهد الاردني الفلسطيني المشترك انقاذ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا من الازمة المالية الخانقة التي سببتها ادارة ترامب، والحد من نقل سفارات العديد من الدول الى مدينة القدس المحتلة، واسقاط محاولات نتنياهو وحليفه ترامب في هذا الاتجاه، فقد كان موقف جلالة الملك حادا وحاسما جدا تجاه اي دولة تفكر بنقل سفارتها الى المدينة المقدسة .
هذا الموقف المبدئي والثابت اربك الوضع الداخلي في الكيان المحتل ونحن نشاهد ما يجري هناك من انهيار في البناء السياسي والبرلماني الصهيوني، وتضييق الخناق على نتنياهو الذي اصبح في طريقه الى اللارجعة، الذي شقّه بنفسه نحو النهاية، اما ترامب فانه يخشى بكل جدية اما من نهاية مبكرة او فشل مؤكد في الانتخابات الرئاسية القادمة.
الخلاصة، موقف اردني فلسطيني صلب وثابت، افشل اخطر صفقة تصفوية استهدفت القضية الفلسطينية منذ بداية الصراع الفلسطيني الصهيوني، وتآمرية استهدفت مستقبل الاردن وفلسطين اوطانا وشعوبا، وفشل مشاريع المتآمرين الرديفة للصفقة، وظهور مؤشرات قوية على قرب سقوط رأسيّ المؤامرة ومغادرتهما الحياة السياسية بشكل نهائي، وعليهما قبل فوات الاوان استخلاص العبر، بأن الشعب الفلسطيني 2019 يختلف تماما عن 1947 رغم انه امتداد طبيعي له، لكن الوعي تغيّر وتطور وكذلك المفاهيم، بينما الثوابت والمبادئ لم ولن تتغير او تتبدل، والحقوق لن تسقط مهما طال الزمن.