Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Oct-2021

لا للاعتقال التالي

 الغد-إسرائيل هيوم

 
بقلم: بوعز سنجيرو
 
في مقالي السابق (إسرائيل اليوم 4/10/2021)، عللت لماذا يحظر استخدام جهاز الأمن العام للتصدي للجريمة في المجتمع العربي. فالشاباك يستخدم وسائل متطرفة تمس بحقوق الفرد، أقرت بسبب كونه جهاز أمن يحبط عمليات إرهاب وهي غير ملائمة للتحقيق في الجريمة. إضافة الى ذلك، فإن تعريف عمل الشاباك بحيث يوجه نحو مواطني إسرائيل العرب غير لائق من الناحية الأخلاقية، القانونية، الدستورية والديمقراطية، بل ويمكن أن ينتشر ليصل الى كل بيت في إسرائيل -دوما سيوجد نوع آخر من الجريمة سيرغبون في إعلان الحرب ضده.
مر أسبوعان، وها هم قادة الشرطة يطلبون تشريعا يسمح لهم بأن يستخدموا الاعتقالات الإدارية أيضا. الاعتقال الإداري هو وسيلة انتدابية تعسفية، لا مكان لها في الديمقراطية. إذا كانت تتوفر أدلة على ارتكاب مخالفة جنائية معينة، على النيابة العامة أن تتقدم بلائحة اتهام وتنقل الحسم الى المحكمة المخولة بذلك، ولا يجب حبس أحد بلا محاكمة. المعتقل الإداري لا يعرف ما البينات لاعتقاله: لا يعرف ما الاتهامات ضده ولا الأدلة التي يمكن له أن يدافع عن نفسه في وجهها. إذا كانت توجد أدلة، فهي تبقى سرية. تجسيد جيد لوضعه يوجد في وصف انعدام اليقين وانعدام الوسيلة، وعليه فالاختبار الذي تقرر في قرار المحكمة العليا هو “يقين قريب للمس بأمن الدولة أو الجمهور، إذا لم ينفذ الاعتقال الإداري”. يدور الحديث عن وسيلة غير ديمقراطية، تمس بشدة بحقوق الإنسان. لا غرو أن في حينه عارض رئيس الوزراء مناحم بيغن، الذي كان ذا التزام ديمقراطي عميق، استخدام الاعتقال الإداري ضد المواطنين.
مشكلة أخرى هي أنه عندما توسع صلاحيات السلطات للمس بحقوق المواطنين، حتى لو علل هذا بحاجة محددة لفترة محدودة، فالتجربة في البلاد وفي العالم تدل على أنها تبقى على مدى السنين. وللمثال الإسرائيلي هو إعلان وضع الطوارئ القائم منذ أكثر من 70 سنة، منذ 1948. والمثال الأميركي هو الصلاحيات الواسعة التي أعطيت لمحافل مختلفة في أعقاب العمليات الإرهابية في البرجين التوأمين وفي البنتاغون في 11/9/2001، والتي بقي الكثير منها ساري المفعول سنوات عديدة دون مبرر، وذلك فقط لأن السلطات وجدت صعوبة في الإشفاء منها.
للشرطة ميزانية طائلة من نحو 14.5 مليار شيكل. في مثل هذه الميزانية يفترض بها أن توفر لمواطنيها أمنا نسبيا من العنف الجسدي، دون أن تطلب مساعدة الشاباك ودون أن تطلب صلاحيات غير ديمقراطية مثل الاعتقال الإداري. فهل سيطلبون غدا أيضا مساعدة الجيش، بما في ذلك استخدام الدبابات والطائرات، للتصدي للجريمة؟
دون الاستخفاف بالعنف في المجتمع العربي، وفي إمكانية أن يكون بعضه بمنظمات الجريمة، فإن هذه المنظمات ليست أقوى من منظمات الجريمة في المجتمع اليهودي، والتي تنجح الشرطة في التصدي لها وبالتأكيد ليست أقوى من منظمات الجريمة مثل المافيا في الولايات المتحدة، والتي حتى ضدها لم يضطروا لوسائل حربية غير ديمقراطية.
كل ما هو مطلوب هو الإدارة السليمة، الذكاء، التوزيع الصحيح للمقدرات القائمة والمسؤولية. هكذا مثلا ملايين الشواكل الكثيرة جدا التي ضخت لتحقيقات كثيرة المقدرات في وحدة “لاهف 433” ضد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو -كان يمكن توجيهها لزيادة أمن مواطني إسرائيل العرب. هكذا مثلا، يمكن وينبغي تخصيص ألف شرطي آخر للقيام بأعمال الدورية في الشوارع في صيغة الشرطي المسؤول عن منطقة معينة. كما ينبغي بالطبع إرشادهم جيدا بحيث يعملون ضد العنف الخطير وألا يسارعوا لكهربة مواطنين بواسطة مسدسات “تايزر” مثلما يميلون لعمل ذلك أحيانا. هذا مجرد مثال واحد لإجراءات عديدة يمكن اتخاذها. إذا كانت قيادة الشرطة تقدر بأنها غير قادرة على عمل ذلك، بدلا من أن تطلب مساعدة من الشاباك ومن الجيش وبدلا من أن تطلب تشريعا مناهضا للديمقراطية، بما في ذلك الاعتقالات الإدارية، فإن عليها أن تخلي مكانها لقادة أكثر كفاءة. مطلوب شرطة مهنية، تؤدي مهامها كما ينبغي.