Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2020

استرجاع الذكريات في متحف آرمات عَمَّان

 الراي - وليد سليمان

 
في عمان بالقرب من درج الكلحة وفوق مقهى السنترال؛ هناك متحف ومعرض جديد بتخصصه بعرض لوحات وآرمات الخط العربي البديع التي كانت تُثبت عند مداخل وأبواب وواجهات المحلات التجارية والخدمية القديمة في عمان.
 
وهذا المتحف المتميز بفكرته–على مستوى الوطن العربي وربما العالم- يُعد اضافة نوعية وجديدة الى متاحف عمان الفنية والتراثية.
 
أربعون عاماً من جمع الآرمات
 
فنان الخط «غازي خطَّاب» وابن عمان العاشق لها هو مَن أعد محتويات هذا المتحف منذ سنوات طويلة بلغت 40 سنة.. حتى تمَّ مؤخراً افتتاح «متحف آرمات عمان» للجمهور والزوار في قاعة كبيرة تقع في وسط البلد بعمان, وذلك منذ عدة شهور سابقة.
 
ففي هذا المتحف يتم استرجاع ذكريات عمان القديمة وذكريات الآباء والأجداد والمعارف والاصدقاء والحركة الاقتصادية والتجارية من خلال زيارة هذا المتحف والتأمل بلوحاته وآرماته.
 
محلات متنوعة
 
وهذا المتحف هو توصيف لجزء من تاريخ مدينة عمان, عن طريق لوحات وآرمات متاجرها ومؤسساتها وخدماتها المتنوعة من محلات بيع السلع وغير ذلك وتقديم الخدمات مثل: عيادات الأطباء ومكاتب المحامين وصالونات الحلاقة والمطاعم والمقاهي والمكتبات والمدارس والفنادق والبنوك والمخايط والكراجات ومحلات التصوير الفوتوغرافي والصيدليات والشركات والجمعيات..الخ.
 
دراسة في ألمانيا
 
وكان الخطاط غازي خطاب قد بدأ ولعه بالخط العربي منذ كان طالباً على مقاعد الدراسة، وقد عمل لدى العديد من الخطاطين، إلا أنه طوَّر تلك المهارة لاحقاً من خلال دراسته في ألمانيا لفن تصنيع اللوحات في ثمانينيات القرن الماضي.
 
التجوال في شوارع عمان
 
وكانت متعة الخطاط غازي خطاب قديماً–أيام الشباب- التجوال في مدينة عمان بين شوارعها لملاحظة الآرمات وتأملها جيداً، حتى أنه عشق هواية الخط والتخطيط أكثر من أية هواية ثقافية أخرى.. حتى أنه كان يتناقش مع أصدقائه عن تلك الآرمات والمحلات: أين توجد!! وفي أي شارع!! وما نوع الخط فيها!! وما اسم الخطاط!! وما الألوان المستخدمة فيها!!.. ثم أنهم كانوا ينزلون لوسط البلد في عمان للتأكد من رأي كل شخص منهم حول ما قالوه أو تذكروه عن آرمات المحلات والمتاجر والمؤسسات في عمان.
 
ولوحات المتحف التجارية الخدمية هذه كانت تزين محلات عمان قديماً.. لأنها آرمات ويافطات بالخط العربي اليدوي الجميل.. تلك التي تم صنعها وتخطيطها على يد الخطاطين الأردنيين منذ الأربعينيات حتى التسعينيات.
 
شكر للخطاطين القدامى
 
والمتحف كذلك هو عبارة عن رسائل شكر وتقدير لمجمل الخطاطين القدامى البارعين الذين زينوا قديماً شوارع ومحلات عمان بلوحات وآرمات فنون خطوطهم العربية البديعة، والذين من بعضهم ما زالوا أحياء حتى الآن، إذ يشعرون بالفخر لهذه الذكريات وهذا التكريم الثقافي والاجتماعي والفني لمسيرة حياتهم في عالم الخطوط العربية الشهيرة عالمياً.
 
وضمن حرص المتحف للحفاظ على اللغة العربية والخط العربي فقد استحدث المتحف ركناً تم تخصيصه لأشهر الخطاطين في عمَّان يتضمن مخطوطاتهم وأدواتهم تقديراً لدورهم البارز في إبراز جماليات الخط العربي وتوثيق هذه المهنة الفنية الجميلة, ومن بعض هؤلاء الخطاطين الأردنيين مثلاً: ياسين.. سبانخ.. فضل.. طبال.. نبهاني.. أنطون.. حميد.. تركي.. حمدي.. عبد جوخي.. هارون.. سلامة... وغيرهم.
 
كيف تم جمع الآرمات!
 
كان غازي خطاب يجمع ويحصل على بعض آرمات المحلات واحتفاظه بها مدة العقودالسابقة بطرق مختلفة, وربما في بعض الأحيان بصعوبة، حيث كان يقنع بعض أصحاب المحلات أنَّ آرمة محله أصبحت قديمة ويعلوها بعض الصدأ مثلاً، وأنه سوف يقوم باستبدالها له مجاناً بآرمة حديثة جداً، أو أنَّ بعض المتاجر قد غيرت مهنتها الى مهنة أخرى، فأصبحت الآرمة غير مهمة لأصحاب المحل, أو بعرض شرائها مثلاً.. وكل ذلك لأنها لوحات خط تراثية وتاريخية تحكي قصة تلك المحلات القديمة التي كانت مشهورة جداً في وسط مدينة عمان وجبالها.
 
حكايات وتاريخ
 
ففي هذا المتحف يتم استرجاع ذكريات عمان القديمة وذكريات الآباء والأجداد والمعارف والأصدقاء والحركة الاقتصادية والتجارية من خلال زيارة هذا المتحف والتأمل بلوحاته وآرماته.. فوراء كل آرمة ولوحة حكاية وتاريخ هو جزء من ذاكرة عمان الحنونة.
 
دورات خط عربي
 
ومتحف آرمات عمان هو عبارة ذكريات معلقة على جدران هذا المتحف في جاليري فني ثقافي اجتماعي وبالذات لفن الخط العربي العريق الذي سيتم احياؤه مجدداً بهمة الخطاطين وهواة فن الخط العربي حيث ستعقد فيه مستقبلاً دورات لهذا الفن.
 
والفنان الخطاط خطاب شخص عمّاني أحب مدينته عمان التي يعتبرها حديقة تزينها آرمات عمان الجميلة، وظهر ذلك جلياً باقامته هذا المعرض الدائم وسط البلد في قلب العاصمة عمان، وذلك لاطلاع الجيل الجديد عن ذكريات الحياة والفنون للجيل القديم.
 
فكل من دخل المتحف من الزوار الكبار في العمر لا بد ان تسمعه يهمس بموقف او حنين او ذكريات عن محل او شخص أو خطاط او تاريخ عايشه قديماً وسط مدينة عمان من خلال مشاهدته لبعض الآرمات القديمة التي يبدو فيها إبراز جماليات الخط العربي، لتوثيق هذه المهنة اليدوية الفنية العريقة عربياً.
 
وجميع آرمات المحلات المعروضة في هذا المتحف تم عرضها دون أي عمليات ترميم أو تجديد.. حيث بقيت على حالتها كما كانت قديمة واضحة أو غير واضحة قليلاً في بعضها, ولكنها مقروءة ومفهومة للمشاهدين من زوار المعرض.
 
وفي المتحف الجديد هذا هناك ركن لممارسة القراءة من خلال مكتبة صغيرة, وكن آخر لممارسة الموسيقى, ويستضيف هذه الأيام معرض صور عن جلالة الملك المرحوم الحسين بن طلال المصور الفوتوغرافي الشهير «زهراب».
 
ذكريات محلات اختفت
 
ومن خلال ذكرياتي الخاصة عن بعض المحلات المشار إليها في هذا المتحف من خلال آرماتها القديمة.. أذكر ان هناك العديد من المحلات التي اختفت مع مرور الأيام والسنين، وقد تبدل نوع أو مهمة استخدامها لأسباب متعددة.. ومن تلك المحلات التجارية والخدمية مثلاً لا حصراً :
 
- محلات أهرام.. وهومحل تجاري كان بالقرب من البنك العربي وتحت ديوان الدوق بالضبط، وكان المحل متخصصاً فقط ببيع الأقمشة النسائية الفاخرة.
 
- محلات الدباس.. لبيع الأزرار والكلف والشبر الخاص بملابس النساء، وكان من أشهر المحلات وأرقاها المتخصصة بهذه الأدوات في مدينة عمان قديماً.
 
- مكتبة الاقصى.. وكانت تقع في أول شارع الأمير محمد بجانب البريد الآلي، تحت مسجد قارة الشركسي، وكانت المكتبة من أقدم المكتبات في عمان المتخصصة بالكتب الاسلامية والتراث العربي.
 
- أحذية عاشوري.. وكان هذا المحل تقع في شارع بسمان بجانب سينما رغدان، وقد تخصص ببيع الاحذية الجلدية الفاخرة، وبتفصيل الأحذية حسب طلب الزبون.. وقد اختفى هذا المحل منذ نحو سنة, وحلَّ مكانه محل آخر صالون حلاقة.
 
- مدرسة الاردن.. وكانت من أشهر المدارس الخاصة التي تعلم الطلاب لمراحل عمرية كبيرة كالثانوية الأردنية والمصرية، وكانت تلك المدرسة تدرس بعض الطلاب بشكل مسائي غير النهاري، وكانت تقع مقابل نفق الحدادة بشارع السلط–شارع الملك الحسين- في عمان.
 
- محل عقيل.. وهو محل صغير متخصص ببيع العطور الفاخرة، وكان يقع بالقرب من صيدلية يعيش اول مدخل سوق الخضار بشارع الهاشمي.
 
- مكتبة الضفتين.. وكانت متخصصة فقط ببيع المجلات والكتب القديمة، وكانت تقع في شارع قريش » سقف السيل».
 
- أوتيل منصور.. كان في دخلة بالقرب من مقهى عفرا والبنك العربي في شارع الملك فيصل الأول.
 
- شركة البلاستيك الاردنية.. وكان موقعها في شارع قريش–شارع سقف السيل مقابل سبيل الحوريات، وهي من أوائل الشركات والمصانع في صنع الأواني والأدوات البلاستيكية مثل الأباريق والصحون وعبوات الماء وغير ذلك.
 
- جمعية عمال المطابع التعاونية.. والتي كانت تقع عند اول طلوع سرفيس جبل الحسين رقم 9 في الشارع المؤدي إلى آثار جبل القلعة في عمان.
 
أنديرا للملابس الداخلية الفاخرة.. هو محل قديم في بداية شارع الشابسوغ تحديداً في سوق عالية بعمارة الايتام والذي افتتح منذ عام 1970 لصاحبه المرحوم احمد جلوق.
 
ذكريات محلات موجودة
 
مقهى السنترال.. منذ بداية سبعينات القرن الماضي كنا قد أنهينا الثانوية العامة وبدأنا نجلس نحن الأصدقاء بعض الأيام في تلك الساحة المعرشة الواسعة التابعة لمقهى السنترال والتي تطل على عدة شوارع في قاع المدينة منها شارع فيصل وبداية شارع الملك الحسين وبداية شارع الأمير محمد.
 
وفي منتصف السبعينيات أخذنا نحن بعض الأدباء والكُتّاب نلتقي في بعض الأماسي في هذا المقهى سواء في صالته الداخلية أوالخارجية المعرشة بالقش والقصيب حيث نتجاذب أطراف الأحاديث والأخبار الثقافية.
 
مكتبة المحتسب.. هي مكتبة عريقة للكتب الثقافية والتي تقع مابين مطاعم القدس وسينما زهران في عمان, كانت ومنذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي محجاً شهيراً للمثقفين والمبدعين الاردنيين في عالم الادب والفنون والفكر والدراسات الاكاديمية الجامعية لشراء الكتب الحديثة.
 
مطحنة قهوة الشربجي وفيومي.. أو قهوة بن سمراء عدن هي من أعرق مطاحن القهوة في عمان القديمة، تحدثك عن نفسها وهي تشمخ حتى يومنا هذا بعراقتها التي تمتد لنحو 80 سنة، بنفس مكانها منذ التأسيس، في شارع فيصل وسط البلد بجانب كنافة حبيبة.
 
مسجد أحمد قارة.. مسجد قارة قديم بُني عام 1934م وكان على مستوى الشارع, ثم تم هدمه و إنشاء بديل عنه في الطابق الثالث من عمارة ضخمة في نفس الموقع.
 
صالون الكرمل للحلاقة.. صالون قديم يقع في إحدى دخلات شارع الملك فيصل النافذة الى سوق منكو الشهير, وصاحبه محمد حجير» عميد المزينين الأردنيين» الذي تحدث لنا سابقاً بقوله:
 
لقد أكرمني الله سبحانه وتعالى ان اكون في فترة ماضية المزين الخاص لجلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني- عندما كان أميراً- وكانت تلك الفترة من السنين من أجمل أيام حياتي.. إذ أنني تعلمت من جلالته حب التواضع والتعامل اللين مع الجميع.. فجلالته مدرسة في الحياة يعتز بها الانسان دائماً.
 
وسبق ان كان لي الشرف ان قمت شخصياً بتزيين شعر جلالته يوم زفافه على جلالة الملكة رانيا العبدالله في العام 1993.