Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Apr-2019

“هذا الوطن لي”* جهاد المنسي

 الغد-يختلف أسلوب الإدارة الأميركية عن أساليب ادارات سابقة سكنت البيت الابيض، فالرئيس دونالد ترامب يفكر بطريقة مختلفة عن اقرانه من رؤساء سابقين، باستثناء احتفاظه بنفس انحياز الرؤساء الأميركان للكيان الصهوني، لا بل إن ترامب توسع في انحيازه لدرجة ضرب فيها عرض الحائط بكل القرارات الدولية والاممية التي تدين حليفه الكيان الصهيوني.

الادارة الأميركية تقول علنا انها تعد منذ اشهر طويلة لخطة في الشرق الأوسط اطلقت عليها مجازا (صفقة القرن)، وهي لم تعلن عن تفاصيلها بقدر ما بشرت بها اسما فقط، وتركت وسائل اعلامها ووسائل اعلام عبرية تسرب بعضا منها دون الاتكاء على مصدر محدد، ودون نفي أو تأكيد ما يجري تداوله من معلومات، بمعنى ترك الامور ضبابية، ووضع الجميع في المنطقة الرمادية في انتظار شيء ما.
طبعا التسريبات مختلفة ولكن هدفها واحد، وهو جس نبض دول وشعوب تتأثر بشكل مباشر بصفقة القرن، وقياس مدى تقبل الناس لبعضه ورفضهم للبعض الآخر، ومن ثم قد يخرج علينا مسؤول اميركي ليقول ان ما يجري تداوله ليس صحيحا، ومن المبكر الكشف عن تفاصيل الصفقة، كما تم التصريح به مؤخرا من قبل مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير الذي اكد ان ما يتم تداوله حول شكل صفقة القرن غير صحيح واعدا بأن يتم الاعلان عنها بعد شهر رمضان.
حقيقة الأمر التي يجب أن نلمسها ونأخذ الحذر منها ان الولايات المتحدة تمارس على الشعبين الفلسطيني والأردني سياسة عض الاصابع، فهي تريد من تلك الشعوب ان تقول (اخ)، وبعد تلك الكلمة سيكون من السهل عليها الانتقال للمرحلة الثانية من الخطة، والخطة تلك او صفقة القرن المجازية ليست عبارة عن اوراق يتم التوقيع عليها، حالها حال اي اتفاقية دولية كوادي عربة أو اوسلو أو كامب ديفيد، وانما هي اشبه بوعد بلفور المشؤوم، وهي عبارة عن خطوات يجري تنفيذها على الأرض دون الكشف المسبق عن طبيعة تلك الخطوات، ولعل ابرز الخطوات المتعلقة بصفقة القرن تلك نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، واعتراف واشنطن بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني، والاعتراف الأميركي بضم الجولان السوري المحتل، وايضا التضييق على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) لإنهاء تلك المنظمة الدولية التي يعتبر وجودها والحفاظ عليه دليلا أمميا كبيرا على وجود احتلال صهيوني غير شرعي على أرض عربية فلسطينية، وهو ما جرى ويجري اليوم، وكذا انسحاب الولايات المتحدة من كل المنظمات الدولية التي تدين الكيان الصهيوني لجهة التقليل من اهمية وشرعية تلك المنظمات، وايضا التضييق على الضفة الغربية والأردن وغزة ماليا واقتصاديا بأمل أن يقول الناس (اخ)، وبعدها يجري الانتقال للمرحلة الثانية من الترويج للصفقة وتنفيذها على أرض الواقع.
عمليا، ومن الواضح حسب تراتبية الاحداث والمواقف فإن ما يعرف بصفقة القرن ليس عبارة عن أوراق للتوقيع، بقدر ما هي مواقف سياسية تنتهجها الادارة الأميركية لصالح الكيان الصهيوني بهدف تثبيت الكيان ودعمه سياسيا واقتصاديا وديمغرافيا مستقبلا، وتأمين انسياب اقتصادي وسياسي ومن ثم اجتماعي للكيان مع دول الجوار، وبالتالي فرض امر واقع جديد على تلك الدول، والضغط عليها للاعتراف بما اعترفت به الولايات المتحدة، والانتقال لتنفيذ الخطط الأخرى في صفقة قرنهم التي لا يمكن أن تنفذ طالما وُجد رفض أردني فلسطيني لها.
فرغم حالة الانغلاق التي نمر بها والانكماش الذي نلمسه يوميا، ورغم تفتت البعض وانكسار البعض الآخر، فإن أحلام الكيان الصهيوني، والولايات المتحدة ليست بالضرورة ان تنعكس حقيقة على ارض الواقع، اذ يكفي ان نبقى نقول بصوت عال سواء في الأردن او في فلسطين إن هذا الوطن لي، إن هذا البحر لي، وأن نبقى متماسكين دون أن نقول (اخ)، فذاك كفيل بجعل الولايات المتحدة تخلط اوراق لعبتها من جديد وتفكر بطرق اخرى.