Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Nov-2018

حقيقة لا يوجد نصف مليون مستوطن - شاؤول اريئيلي

 

هآرتس
 
الغد- منذ تشكيل حكومة نتنياهو الأخيرة، وبصورة أدق منذ انتخاب ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، نحن نشهد سيلا من البيانات حول رفع كل القيود والمعيقات السياسية، لتطوير مشروع الاستيطان في الضفة الغربية. وزراء واعضاء كنيست في اليمين واعضاء مجلس المستوطنات "ييشع" و"شبيبة التلال" عادوا واحتفلوا بنمو المستوطنات وتثبيت حقائق على الأرض لا يمكن تغييرها. لاستكمال النشوة قاموا بوضع عشرات مشاريع القوانين والخطط لضم أجزاء من الضفة الغربية وربما جميعها. كل ذلك كما يبدو هو واقع متخيل نتاج العقيدة الوطنية ومحاولة لتبرير الميزانيات الكبيرة التي تصب هناك.
الايهام وتضليل الجمهور خلال السنوات الاخيرة، تتحطم على صخرة منشورات المكتب المركزي للاحصاء. عدد الإسرائيليين في يهودا والسامرة ارتفع في العام 2017 مثل كل سنة من السنوات الخمس الاخيرة بـ 14 ألف شخص، من 399.043 في نهاية 2016 إلى 413.400 في نهاية العام 2017. ليس نصف مليون، وبيقين ليس 300 ألف إسرائيلي يعيشون في يهودا والسامرة، مثلما يواصل ممثلو اليمين المسيحاني تضليل الجمهور. 13 في المائة فقط من اجمالي السكان في الضفة الغربية (باستثناء شرقي القدس).
هذا المعطى هو "الأكثر وردية" من ناحية مؤيدي مشروع الاستيطان. الزيادة السنوية في منطقة يهودا والسامرة، التي ما زالت أعلى من المتوسط في إسرائيل، تستمر في الانخفاض كل سنة تقريبا. والاهم من ذلك هو أن ميزان الهجرة في 2017 هو الأدنى منذ العام 2005، وبلغ 1300 شخص فقط. نعم، فقط 1300 شخص أكثر اختاروا الانتقال من إسرائيل إلى يهودا والسامرة، من اولئك الذين اختاروا العودة إلى داخل حدود إسرائيل السيادية.
هذا المعطى يعود مرة اخرى ليشير إلى منحى "التصويت بالأرجل" للإسرائيليين في السنوات العشرين الأخيرة، رغم كل المزايا التي تقدمها الحكومة لسكان هذه المنطقة. أيضا "موجة الهجرة" ذات الـ 800 شخص من خارج البلاد، الذين وصلوا مباشرة إلى المستوطنات، لم تحسن الصورة البائسة.
إذا كان الأمر كذلك، وكما في العقدين الاخيرين، فإن مصدر الزيادة هو التكاثر الطبيعي. هذا المعطى يتعلق اساسا بالحريديم، الذين يعيشون في معظمهم في المدينتين الأكثر فقرا في إسرائيل: موديعين عيليت وبيتار عيليت. وهما تقعان على الخط الأخضر، وغير متماهيتين مع ايديولوجية اليمين المسيحاني والسكان فيما اجتازوا الخط الاخضر فقط بسبب أزمة السكن للحريديم في القدس وفي بني براك (مستوطنون رغم أنفهم). السكان فيهما يبلغون اليوم 30 في المائة من اجمالي السكان اليهود الذين يعيشون في 127 مستوطنة، التي في معظمها هي مستوطنات معزولة وصغيرة. أيضا هذه السنة ساهمت المدينتان تقريبا بنصف الزيادة العامة لعدد المستوطنين (6156 نسمة).
كما هي العادة، معظم السكان (80 في المائة تقريبا) يتركزون في كتل وبلدات "الصف الأول" الذي يقع غرب مسار جدار الفصل. من جنوب غوش عصيون ومن شمال مستوطنة ألفيه منشيه ومن شرق معاليه ادوميم، نسبة الإسرائيليين من اجمالي عدد السكان تتراوح بين 1 في المائة في معظم المنطقة وحتى 4 في المائة في جزء صغير منها. الهيمنة الديمغرافية والمناطقية الفلسطينية الكاملة، التي يتم خرقها من قبل مستوطنات صغيرة ومعزولة وبؤر استيطانية غير قانونية، وبالاساس من قبل نشاطات الجيش الإسرائيلي المطلوبة من اجل الدفاع عنهم.
هذه هي السنة الرابعة على التوالي التي فيها نسبة الزيادة في المستوطنات المعزولة في حالة انخفاض، رغم أن هذه تشكل بيت اتباع ارض إسرائيل الكاملة و"غوش ايمونيم" على مر اجيالها، ومصوتو البيت اليهودي بالأساس. مشروع الاستيطان الذي استثمر فيه خلال العقود الخمسة الاخيرة مئات مليارات الشيكلات لم ينجح في تحقيق الهيمنة اليهودية في المكانة والديمغرافيا باستثناء "الكتل" التي تمتد على أقل من 5 في المائة على أراضي الضفة الغربية.
رغم حقيقة أن اقلية يهودية صغيرة في الضفة الغربية تسيطر ديمغرافيا على نسبة صغيرة من الضفة، وأن ثلثها هو الأكثر فقرا في إسرائيل (العنقود 1) و71 في المائة منها توجد تحت متوسط المؤشر الاقتصادي – الاجتماعي في إسرائيل، يواصل من يرفضون الاتفاق الدائم تقديس الوضع الراهن. الوهم الذي لا يتحقق منذ خمسين سنة، بأنه بالتدريج سيحدث الانقلاب، لا يتوقف عن الاضرار بإسرائيل: الجمود السياسي الذي يقوض مكانة م.ت.ف والسلطة الفلسطينية ومن يقف على رأسهما، محمود عباس، والذي يمكن أن يؤدي إلى حل السلطة الفلسطينية واعادة المسؤولية عن 2.6 مليون فلسطيني إلى أيدي إسرائيل؛ وجولات العنف المتكررة مع حماس في القطاع، التي تجبي ثمنا باهظا من سكان بلدات غلاف غزة والجنوب، ومن اقتصاد إسرائيل، ومن صورة الجيش الإسرائيلي ومن مكانة إسرائيل في العالم.
هذا الفشل الذريع لا يضعف عزيمة من يؤمنون بهذا الوهم، الذين يواصلون محاربة حل الدولتين لشعبين، المطلوب لمستقبل إسرائيل والفلسطينيين. في اعماق قلوبهم هم يدركون الفشل في تثبيت وقائع غير قابلة للعودة عنها على الارض، وتهيئة الظروف المطلوبة لضم يهودا والسامرة دون المس بالحلم الصهيوني. بناء على ذلك، نحن نشهد محاولات "تحقيق مكاسب متخيلة" عن طريق ضم اجزاء من المناطق ج أو جميعها، لإسرائيل، والانتقال من "الضم الزاحف" الذي فشل إلى "الضم بواسطة قانون سيحول إسرائيل إلى دولة واحدة تمارس سلطة الابرتهايد الرسمية أو تفقد طابعها اليهودي لصالح الاغلبية العربية.
الاحتمال الوحيد لانقاذ مشروع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، والحفاظ على نظام وهوية دولة إسرائيل، هو من خلال اتفاق دائم، حتى لو احتاج وقت لانجازه وتحقيقه بالتدريج. في كل اقتراح للحدود الدائمة إسرائيل ستحظى بالحفاظ على 80 في المائة من الإسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الاخضر تحت سيادتها.
لعدد من الإسرائيليين، الذين معظمهم ينتمي إلى التيار القومي المتطرف المسيحاني، هذا سيكون نهاية سيئة تتمثل في الاخلاء وتصدع صعب بالايمان. من الافضل لإسرائيل نهاية سيئة (التي يجب فعل كل ما يمكن من اجل تقليصها) لـ 1 في المائة من السكان على شر لا نهاية له لجميع السكان.