Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Jan-2018

عدنان أبو عودة يحاكم «الخلل الثقافي والعلمي العربي» - يوسف عبداالله محمود

 «التغلب على حال التخلف مسألة ممكنة بجهد الانسان» صادق العظم

الراي - د. عدنان أبو عودة أحد المثقفين العرب الذين عاصروا تطورات القضية الفلسطينية منذ البداية عاش نكبات فلسطين بدءاً من نكبة 1948 ووصولاً الى مأساة 1967 واحتلال كل فلسطين. من هنا فهو حين يكتب عن «اشكاليات السلام في الشرق الأوسط» يكتب بوعي نقدي، لا يجامل وهو يسوق الحقائق والوقائع التاريخية، يذكر ما له وما عليه.
 
من المسائل ذات الأهمية والتي تطرق اليها عدنان أبو عوده في كتابه «إشكاليات السلام في الشرق الأوسط» ما أسماه بِ»الخلل الثقافي والعلمي» في البنية العربية، وهذا ما سأركز عليه فقط «يكفي ان اقول في هذا الصدد ان علومنا مازالت حبيسة النظرية المتمثلة بالشهادة والتعليم. وعلومهم (ويعني علوم الاسرئيلين) تأخذ باستمرار طريقها الى التطبيق.
 
لدينا علماء وخبراء، لكن علومهم مبعثرة في الافراد ومشتتة في مختلف الاصقاع، ولديهم علومهم وخبرتهم، ولكنها مجندة في المؤسسات والمصانع». المرجع السابق 69. ما ذكره هذا الباحث والمفكر صحيح تماماً، هم يرفعون من قدر علمائهم ومثقفيهم لأنهم يدركون -واعني حكام اسرائيل- ان هؤلاء هم «صانعو التقدم». اما نحن «فروحنا السائدة هي روح المستهلك بما يعنيه من هيمنة همّ الحصول على المال لتحقيق الرغبات الفردية على حساب الهمّ العام». ص 70. وما أشار اليه من افتقارنا الى «سياسة عربية عملية واضحة في بناء المؤسسات العلمية واخراج المؤسسات القائمة من مفهوم هياكل بدون مضمون الى مراكز وأبحاث واختراع وتطوير وصناعة».
 
صحيح ايضاً، فنحن كعرب بالرغم من وفرة المال لدينا ناهيك عن صفوة من العلماء الكبار، ما زلنا نتخوف لسبب او لآخر من الاقدام على تنمية مؤسساتنا العلمية تنمية حقيقية ينعكس مردودها على التنمية بشتى انواعها. أموالنا -مع الاسف الا القليل منها- لا يذهب للمشاريع التنموية العربية، فالكثير منها تختزنه البنوك الاجنبية اي انه «مُجمد» للمنافع الشخصية قسم منه لا يستهان به لا يوظف في مشروعات انتاجية حقيقية. تستهلكه مشروعات غير انتاجية يشير بعضها الى ما اسميه « بطر الثروة».
 
اموالنا العربية لا ينفق منها الا اقل القليل على البحوث العلمية التي من شأن تفعيلها ان تخدم اقتصادنا! اموالنا العربية لا تخدم -مع الاسف- اوجاع امتنا وما اكثر اوجاعها!
نحن متخلفون عن غيرنا ممن لا يمتلكون ما نمتلكه من موارد واموال. هم معنيون بالتقدم العلمي ونحن - مع الاسف - معنيون باشياء اخرى لا علاقة لها بالتقدم! نحن معنيون بالمتع الشخصية والبذخ!
 
وكما قال مؤلف الكتاب «همنا الحصول على المال لتحقيق الرغبات الفردية على حساب الهم العام».
اموالنا العربية - مع الأسف - يتم انفاقها بسخاء ما بعده سخاء على بناء القصور وتمضية اجازات الاستمتاع في الخارج بينما من حولنا ملايين العرب الجياع! كأني بهولاء من «جِبلة» أخرى!
 
ما هو مطلوب للخروج من هذا الحال المزري - وكما يذكر عدنان ابو عودة - هو «الوعي لاهمية ما بحوزتنا والارادة الصلبة لاستخدامها في مجال بناء القوة العربية الذاتية» ص 7. ذات مرة سخر شيمون بيريز رئيس دولة اسرائيل من طبيعة «العقل العربي» وانه غير قادر ان يجاري «العقل اليهودي» المتمتع بالذكاء. بالطبع هذه نظرة عنصرية عهدناها من قادة اسرائيل.
 
اتساءل هنا: لماذا لا يقدم بعض اثرياء العرب من أصحاب المليارات على بناء جامعات غير ربحية تستوعب الطلبة العرب «الغلابى» والاذكياء بالمناسبة؟
مع الاسف هذا غير وارد لدى الكثيرين منهم «الربح» هو شاغلهم! صحيح ان منهم من يرصد مبالغ كبيرة لمن ينجز عملاً علمياً او أدبياً متميزاً. لكن هذا لا يكفي حتى مثل هذا «الانجاز» يظل حبيساً لا تترجم مفرداته على ارض الواقع!
«ان أُمة هذه حالها ستنتج أجيالاً بلا ظلال، فلا قضية تجمعهم ولا شأنا عاماً يهمهم». (عدنان ابو عودة، المرجع السابق).
نحن أُمة مُدمنة على «الاستهلاك»، ما نستهلكه لا نُصنِّعه أو ننتجه، لكن نستورده، مع اننا قادرون ان نفعل ذلك لو توفرت لدينا الارادة والنية!.
 
أقولها بصراحة: إنساننا العربي بات مُدمراً إنسانياً، مُحبطاً، يلوذ الكثيرون منا «بالدين» دون ان يفهموه على حقيقته. يُصغون –أو يصغي الكثيرون منهم- إلى بعض المشايخ والعلماء ممن يناهضون سلطة «العقل» بدعوى انها معادية للدين! من قال هذا، غيرهم! وفي تصوري ان التطرف الديني الذي ينتشر بسرعة هذه الأيام، سببه تسطيح العقل وفرض حالة «الاستسلام» عليه! نحن بحاجة إلى اخراج إنساننا العربي من «عنق الزجاجة» ومن القُمقُم! لا يجوز ان نسمح لِـ«الدروشة» ان تذهب به بعيداً، فتجعله يعتبر كل ما ينادي به «العقل» علمانية ملحدة! الدين نورٌ ومعرفة.
 
لقد كرم االله -سبحانه- العقل فلماذا يحشره بعضنا في «خانة آليك» اذا جاز التعبير؟ هذا الخلل الثقافي والعلمي الذي أشار اليه عدنان أبو عودة ينبغي ان يُعالج وان تُسد ثغراته لا بالكلام بل بالفعل. نحن في عصر الحداثة والتحديث فلماذا نحارب مفرداتهما! نتغنى بأمجاد الماضي، وحاضرنا بلا أمجاد.