الدستور -
قال رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز، أنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة وبناء جسور التعاون بين المجتمعات، والوصول الى عالم ينعم بالامن والاستقرار والسلام، في ظل الفوضى والصراعات السياسية والحروب التي تجتاح عالم اليوم، وفي ظل وجود دول خارجة على القانون والشرعية الدولية، وتعتاش على الحروب، ولا تؤمن بغير سياسات القتل والتدمير.
جاء ذلك في الكلمة التي القاها في مؤتمر قمة البوسفور الخامس عشر، الذي بدأت اعماله الخميس، في اسطنبول، تحت عنوان « بناء الجسور نحو المستقبل – السلام والابتكار والاستدامة «، بمشاركة عدد كبير من السياسيين والبرلمانيين والمفكرين، والعديد من ممثلي الدول والخبراء وممثلين عن وسائل اعلام ومراكز البحوث والدراسات الدولية.
وقال الفايز، انه عند الحديث حول بناء الجسور بين المجتمعات، والسعي نحو احداث التنمية المستدامة، وتجاوز الصراعات والازمات وتحقيق السلم الدولي، وتعزيز الابتكار، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في خدمة قضايا التنمية، لا بد من الاشارة الى ان الوصول للتنمية المستدامة والمنشودة امر يحظى بالاهتمام الكبير، باعتبارها تشكل خط الدفاع الاول في مواجهة تحديات الجوع والفقر والبطالة، ومواجهة قضايا التطرف والارهاب والجنوح نحو مجتمع الكراهية والعنف.
واكد اهمية الاستغلال الامثل للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتسخيرها كأداة استباقية واستشرافية لمنع حدوث الأزمات، وتمكين صناع القرار من اتخاذ الاجراءات العلاجية والتصحيحية والوقائية، لمنع الضرر على المجتمعات الهشة، والتصدي للتحديات المعيقة للتنمية الشاملة.
وقال الفايز ان احداث التنمية المنشودة، يتطلب تبني استراتيجيات من شأنها تعزيز القدرات على تحقيق التنمية المستدامة، من خلال التنوع الاقتصادي، وتنفيذ الإصلاحات بمختلف القطاعات، والاستثمار في رأس المال البشري، وبناء خطط تركز على الاستدامة والابتكار، وتمكن من تحقيق الأهداف التنموية المستقبلية للبشرية، وتعمل بذات الوقت على بناء قاعدة اقتصادية قوية ومستدامة.
واكد ان التنمية تحتاج الى البيئة الامنة المستقرة، والالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية والقيم الانسانية النبيلة، فلا يمكن بناء السلام وتحقيق التنمية وتعزيز الابتكار، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة، في ظل استمرار الصراعات وسياسات الهيمنة، وتعرض الشعوب للظلم والاضطهاد.
وطالب الفايز بضرورة وضع خارطة طريق باهداف واضحة وعملية، تعيد التعاون بين الجميع، خاصة بين دول الشمال والجنوب، على قاعدة الاحترام وتعزيز المصالح المشتركة، وتعمل ايضا على تقليص الفجوة التكنولوجية والرقمية والتنموية بينهما، وتقدم حلولا ومقترحات عملية لانهاء الصراعات والازمات التي تعصف بعالمنا، وتساعد الامم المتحدة والمؤسسات الدولية المعنية بتحقيق السلم الدولي وصون كرامة الانسان وامن واستقرار الدول من القيام بدورها، الامر الذي من شأنه ان ينهض بالتنمية ويعزز الابتكار ويحقق السلم الدولي.
وبين ان معالجة التحديات التي تعصف بعالم اليوم، تتطلب تجاوز الخلافات وتعزيز التضامن، والبناء على القواسم الثقافية والحضارية والقيم المشتركة التي تجمع مختلف الشعوب، اضافة الى تعزيز الشراكات الاستراتيجية بمختلف القطاعات، ودعم المبادرات المتعلقة بمواجهة التحديات المرتبطة بالمتغيرات الجيوسياسية العالمية، التي ساهم في تناميها مؤخرا تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية الاوكرانية، والعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
واضاف رئيس مجلس الاعيان « انني اليوم لست بحاجة لتذكير المجتمع الدولي، بأن العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة قد تجاوز عامه الثاني، وهناك مئات الالاف من الشهداء والجرحى، الذي قضوا جراء حرب الابادة وجرائم الحرب، التي ترتكبها اسرائيل في قطاع غزة ولبنان».
واشار الى ان العديد من الدول تناست عن قصد وسابق اصرار، الحقيقة التي تؤكد انه عندما يحل السلام والامن، عند ذلك فقط يمكن التغلب على الصراعات والتحديات، وترسيخ مبادئ سيادة القانون، والتمكن من تجاوز مشكلات وتحديات التغيير المناخي والتنمية المستدامة، والحد من مشكلتي الفقر والبطالة، وتقليص فجوة المعرفة والتكنولوجيا بين الدول والشعوب، وعندها فقط يمكننا بتعاوننا واتحادنا، بناء مجتمع انساني خال من الدمار والعنف.
واضاف « ان الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يضم جهوده لكافة جهود الشعوب المحبة للسلام، من أجل خلق بيئة يسودها التسامح والعدل واحترام القانون والتعاون، مبينا انه قد آن الأوان لاجراء مراجعة شاملة للاوضاع البائسة والصراعات التي تسود عالم اليوم، وأن يتم التنبه الى ان الكثير من مقدرات وثروات الدول تذهب اليوم هدرا، ولتغذية الصراعات والحروب بدلا من توجيهها للتنمية الشاملة والمستدامة.
وكان الفايز في بداية كلمته، قد اكد على عمق العلاقات الاردنية التركية، وقال بانها علاقات متينة ومبنية على الاحترام المتبادل، وتحقيق مصالح البلدين والشعبين الصديقين، مشيرا الى ان هناك تواصلا دائما بين البلدين من اجل تحقيق مستقبل آمن ومستقر لدول المنطقة وشعوبها.
وسيعقد المؤتمر على مدى يومين عددا من جلسات العمل يناقش خلالها سبل تعزيز التكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطناعي والاستخدام الامثل لهم لتحقيق اهداف التنمية المستدامة، والوقوف كذلك على تداعيات الصراعات والازمات واثرها على التنمية وتحقيق التعاون، وسبل مواجهة مختلف التحديات التي تعصف بعالم اليوم.