Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Mar-2017

اختلاف المناهج وفقدان الأمل يدفعان بأطفال ‘الزعتري‘ إلى خارج المدارس

 

نادين النمري
مخيم الزعتري –الغد-  على بعد أقل من كيلومترين عن مدرسة رقية بنت الرسول في مخيم الزعتري تقطن عائلة الطفلة تمام (12 عاما) والتي اختارت أسرتها عدم إرسالها إلى المدرسة، في وقت تبدو فرص اعادة ادماج الطفلة بالتعليم تتلاشى.
لجأت تمام وعائلتها للأردن قبل ثلاثة أعوام من منطقة الغوطة الشرقية، بعد ان تدهور الوضع الامني هناك. في سورية اختارت العائلة عدم ارسال أطفالها إلى المدرسة خوفا على سلامتهم، لكن بعد استقرار العائلة في الزعتري دخلت تمام وشقيقتها المدرسة في المخيم.
تقول تمام لـ”الغد” “دخلت الصف الثاني بالمخيم، كنت خلصت قراءة الصف الأول في الغوطة، بس هون الدروس صعبة كتير، علاماتي كانت كلها صفر انا ما بحب المدرسة وعشان هيك طلعت”.
وتضيف: “حاولت اني ادرس بس الهمزات صعبة، وأمي أمية ما قدرت درسني، بحب أتعلم بس ما بحب الصفر”.
انقطعت تمام وشقيقتها عن المدرسة لتتفرغان لمساعدة أمهما في شؤون الأسرة إلى جانب رعاية شقيقتهم الصغرى (3 اعوام) والتي تعاني من وجود مياه على الدماغ الأمر الذي تسبب للصغيرة باعاقة حركية.
تقول تمام “السنة الماضية عملوا الدكاترة لأختي عمليه برأسها بس لهلا ما بتمشي، الله أعلم إذا كانت رح تمشي، انا بدير بالي عليها لما تكون أمي برا البيت، امي راحت هلا عشان تسجل اخواني بالروضة”.
رغم إصرارها على موقفها السلبي من المدرسة وكرهها للتعليم، فإن تمام تبدي سعادة كبيرة بالفرصة التي سيحظى بها أشقاءها في دخول الروضة.
في مقابل الأسباب التي دفعت تمام إلى التخلي عن فكرة التعليم، تشير جدة الطفلة والتي التقتها “الغد” إلى أن العائلة أيضا لم تشجع الطفلة على البقاء في المدرسة.
تبين الجدة: “احنا هون اغراب ما بنعرف حد، وهذول بنات وبنخاف عليهن من الطلعة برا البيت”. تعكس قصة تمام قصص العديد من الفتيات في مخيم الزعتري، واللواتي تسربن من التعليم رغم توفر الخدمات نتيجة لاسباب تتعلق بالموروثات الاجتماعية، الزواج المبكر أو ضعف التحصيل الدراسي.
لسن الفتيات فقط ضحايا التسرب المدرسي فأرقام منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تشير إلى ان 51% من الاطفال الملتحقين في التعليم داخل المخيم هن من الاناث مقابل 49 % للذكور.
تختلف اسباب تسرب الذكور عن الاناث، اذ غالبا ما يتسرب الذكور عن المدرسة للالتحاق بسوق العمل، وفق احصائيات “اليونسيف” فإن 3300 من اطفال المخيم يعلمون بدوام كامل نسبة الذكور منهم 95 %.
مقابل حالات التسرب من المدراس، فإن نسبة كبيرة من الاطفال نجحت “اليونسيف” في اعادة ادماجهم في المدارس، وهو الامر الذي تدلل عليه ارقام المنظمة حيث أن 78% من أطفال المخيم بسن المدرسة ملتحقون بالتعليم.
مقابل ضعف الإقبال على التعليم بداية تأسيس المخيم، ارتفعت نسبة الاطفال الملتحقين بالمدرسة بشكل كبير خلال العامين الماضين.
تبين ابتسام، إحدى المعلمات السوريات في مدرسة رقية بنت الرسول أن “اوضاع المدارس حاليا افضل بكثير من السابق، ففي حين كان عدد الطالبات يصل إلى 100 في الصف الواحد، فان اعدادهن اليوم تتراوح بين 45 الى 48 في  وذلك نتيجة لزيادة عدد الصفوف وافتتاح مدارس جديدة”.
تدرّس ابتسام طالبات الصف الرابع ممن تتراوح اعمارهن بين 10 الى 13 عاما، إذ ان عددا من الفتيات الملتحقات بالمدرسة حاليا كن قد انقطعن عن التعليم بسبب الحرب.
تشير ابتسام الى ارتفاع في نسبة الوعي لدى الاسر لجهة تعليم بناتها، لكن يبقى الزواج المبكر احد ابرز اسباب التسرب المدرسي، تلجأ العائلات للزواج المبكر بقصد حماية بناتهن او لمواجهة الضغوطات الاقتصادية على الاسر.
رغم ذلك تزخر مدارس المخيم بعدد كبير من قصص النجاح للطلبة السوريين، في العام 2016 تمكن نحو 14 طالبا من اجتياز امتحان الثانوية العامة بنجاح.
بحسب أرقام  “اليونيسيف” يبلغ عدد أطفال في سن المدرسة (6 إلى 17 عاما) نحو 26732 طفلا، نحو 21 الفا منهم ملتحقون بالمدارس اكثر من نصفهم من الاناث فيما يبلغ عدد الأطفال خارج المدرسة 5774.
وفيما تبلغ معدلات التسرب المدرسي 22 %، يتلقى نحو 8361 طفلا خدمات الدعم التعليمي عبر مراكز مكاني التابعة لليونيسيف.
يشير المتحدث باسم “اليونسيف” سمير بدران إلى أن “اليونيسيف تسعى لإدماج أكبر عدد من الأطفال بالمدارس”.
ويتابع “هناك أطفال متسربون ولذلك وفرنا خدمات التعليم غير النظامي لهم عبر مراكز مكاني، يوجد في المخيم نحو 23 مركزا لمكاني يستفيد منها نحو 8361 طفلا”.
ويزيد “بعض الأطفال يعانون من صعوبات نتيجة للاختلافات بين المناهج او ظروف اللجوء، يستطيع الاطفال كذلك الاستفادة من خدمات دروس التقوية للغة العربية والإنجليزية والرياضات والعلوم”.
يلفت بدران الى جلسات التوعية الدورية التي تعقدها “اليونيسيف” مع الاهالي لتعريفهم على خدمات التعليم سواء النظامي او التقوية او الاستدراكي، الى جانب جلسات لإقناع الأهالي بأهمية ادماج بناتهم وأبناءهم في التعليم والحد من الزواج المبكر وعمل الأطفال.
يقول بدران “يتخوف بعض الاهالي من ارسال اطفالهم الى المدرسة خوفا من تعرضهم لمضايقات او نتيجة لموروثات ومعتقدات نسعى كذلك لتوعية الأسر على اهمية التعليم والإجابة على تخوفاتهم”.
من جانبها تقول مديرة مؤسسة ارض العون القانوني سمر محارب، والتي تقدم مؤسستها  خدمات للاجئين في المخيم ونشرت مؤخرا دراسة حول واقع التعليم للأطفال السوريين أن هناك عددا من قصص النجاح في التعليم للطلبة السوريين وهنا طلبة تمكنوا من استكمال تعليمهم لكن التحديات كبيرة وموجودة.
تلفت محارب إلى التحدي الأكبر المتعلق بجودة التعليم، مبينة “عدد ساعات الدراسة اليومية في المخيم 3 ساعات وهي غير كافية ليتلقى الطالب المنهاج المطلوب”.
وتزيد “يشعر بعض الاهالي بعدم جدوى التعليم اضافة الى الخوف على بناتهم من التحرش أو الاساءة اثناء ذهابهم الى المدارس والعودة منها، لغاية الان لم ننجح بشكل تام بإقناع الأسر بأهمية التعليم”.
وتشير محارب كذلك الى القناعة لدى بعض الاسر بان وضعهم مؤقت وان الأمور ستتغير لاحقا لذا فلا جدوى من التعليم، مع طول امد الصراع باتت هذه القناعة قابلة للتغيير لدى الأهالي.