Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Apr-2020

من يستغل «صدمة» الجائحة؟!*د. زيد حمزة

 الراي

صحيح ان تقييم الأداء الاستراتيجي العام ومراجعة الأخطاء التكتيكية يُعكف عليهما عادةً بعد المعركة لا اثنائها لكن ذلك ليس صحيحاً بالمطلق فبعض ما يحدث ينبغي رصده بعناية لتقويم المعوجّ منه أولا بأول ففي ذلك ما قد يقود الى النصر او ما يمنع انتكاسات من الصعب تجاوزها فيما بعد..
 
وفي نفس السياق لا احد يستطيع ان ((يزايد)) على ابطال الميدان الحقيقيين ممن يتصدون على مدار الساعة لعدو شرس كفيروس الكورونا، ولا احد اليوم يستطيع ان ينكر الدور العظيم الذي تتولاه وزارة الصحة في هذه المحنة لتطبيق مبادئ الرعاية الصحية الأولية قليلة الكلفة كبيرة النفع وهو دور بعيد عن الأضواء طالماً أشدنا به على مدى العقود الماضية وحذرنا من تجاوزه لحساب الافراط في بناء المستشفيات دون دراسة جدية لعدد السكان وتباعد المواقع ثم اغراقها بالأجهزة الطبية باهظة الثمن التي ينكشف ان الهدف من ورائها عدا عن سياسة الترضيات هو تنفيع المستوردين ووكلائهم!
 
أخيراًوبعد زمان طويل من عدم التيقن اتضح للدولة في مواجهة الخطر الداهم لهذا الوباء الجديد ان العمل المشترك الموحد ليس ضرورياً فحسب بل ممكن وقابل للتطبيق بين المؤسسات المعنية الثلاث؛ وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية وكليات الطب ومستشفياتها الجامعية تحت قيادة دستورية واحدة لضمان وضع جميع أسلحة الدفاع والمقاومة في خدمة المعركة، كما اتضح لهذه القيادة نفسها انها تملك صلاحية استخدام ما تراه نافعاً من قدرات وكفاءات متوفرة في القطاع الطبي الخاص.
 
اننا وايدينا على قلوبنا خوفاً على النجاحات الأولية التي تحققت حتى الان في أدارة المعركة، نرى من واجبنا ان نحذر من خطر المصطادين في الماء العكر فبالإضافة لمن وصفهم الناطق الرسمي باسم الحكومة ((مستغلي الازمات)) ممن يرفعون الأسعار او يخفون البضائع، هناك هيئات ((غير حكومية)) تحاول ان تنتهز فرصة ((الصدمة)) العامة التي يعيشها الوطن فتتسلل الى ما لم يكن لها متاحا في الأوقات العادية لأنها لا تحمل أي صفة دستورية، وذلك بأن تقدم دراسات مطولة وتقارير منمقة تدبج فيها شتى الاستخلاصات والتوصيات (باللغة الإنجليزية للتمويه!)، ليس فيها للعارف المتمعن أي ابداع وطني فبعضها مُعَدّ على طريقة ((قص والصق)) من مصادر جاهزة كما انها ممولة من قبل جهات لا تعنيها صحة الناس بقدر اعتنائها بالمكاسب التي سوف تجنيها بعد هدوء العاصفة وانحسار الجائحة إذ انها تسعى لترسيخ اقدامها داخل بعض مؤسسات الدولة تمهيداً للحلول محلها او على الأقل أن تصبح شريكة لها او وارثة اجبارية لبعض وظائفها المكرسة في الأصل لخدمة كل المواطنين فقرائهم قبل إغنيائهم وليس العكس..!
 
وبعد.. هل تذكرون كتاب ((مذهب الصدمة)) Shock Doctrine للكاتبة الكندية الرائعة نعومي كلاين وقد تحدثتُ عنه في هذه الزاوية قبل عشر سنوات وعما حوى من نماذج لشعوب عديدة جرى استغلالها بعد صدمات الكوارث الطبيعية الكبرى أو شبيهاتها لتمرير سياسات ومشاريع اقتصادية معينة، فهل هناك ما هو اشد واشمل من صدمة كارثة فيروس الكورونا التي تصيب اليوم ولأول مرة في التاريخ.. كل شعوب الأرض بلا استثناء!؟