Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Dec-2017

أميركا والشرق الأوسط: في الداخل أم في الخارج؟ - نداف ايال

 

يديعوت أحرونوت
 
الغد- ثمة سلسلة من المسلمات في الشرق الأوسط الآن، وهي ثورية حقا. تعالوا نحصي بعض منها. في سورية انتصر الأسد في الحرب على حراب الروس والايرانيين. وهاتان القوتان العظميان ستديران الدولة وحكم الأسد مستقر. بوتين دخل إلى الشرق الاوسط بشكل عميق بينما الولايات المتحدة تواصل انسحابها وانعزالها عن المنطقة. 
هذه الاقوال تستقبل في الجمهور وفي وسائل الإعلام كتشخيص واقعي للوضع الشرق أوسطي، ولكن زيارة إلى واشنطن تجسد بان الأمور تبدو من هناك مختلفة تماما. فقد شرعت الولايات المتحدة في الاسابيع الاخيرة بهجوم مضاد من الاستعراضات الصحفية، التي غايتها الايضاح للعرب، للروس، للإيرانيين وكذا للإسرائيليين بان أميركا لا تنثني. وقال لي مصدر رفيع المستوى في الادارة الأميركية مؤخرا أن الادعاء بانتصار الأسد في الحرب السورية هو "احبولة اعلامية" من الروس فقط. 
"70 في المائة من احتياطات الغاز والنفط السورية توجد في المناطق التي يسيطر عليها الثوار"، قال المسؤول. وأضاف بان أجزاء مهمة من سورية توجد تحت السيطرة الفاعلة لقوات سورية الديمقراطية، وهو تحالف من الثوار السنة والمقاتلين الاكراد. وأشار إلى أن "الحرب ضد داعش هي الاخرى لم تنته. وعليه فإن الولايات المتحدة ستواصل العمل في سورية". ولم يقصد فقط العمل من الجو، بل مئات عديدة من "المستشارين العسكريين" الأميركيين الذين في الميدان ويساعدون الثوار. 
ونقلت استعراضات صحفية من هذا النوع ليس فقط من الموقع ادناه بل ولسلسلة طويلة من الجهات الدولية والإسرائيلية – وليس فقط الصحافيين. وهدفها الايضاح بانه رغم أن بوتين يحاول خلق الانطباع بان الحرب في سورية انتهت، فإن الوضع على الارض بعيد عن أن يكون موحدا أو متواصلا، وان أميركا لن تترك الساحة لحسم موسكو لمستقبل نظام الأسد. وأضاف المصدر الأميركي رفيع المستوى بان مسيرة جنيف للمحادثات على مستقبل سورية هي "المسار الوحيد للتقدم". واوضح بان هذه ستنتهي بانتخابات حرة، يشارك فيها كل اللاجئين السوريين الذين هاجروا من بلادهم. 
أجدني ملزما بان أقول انه كان من الصعب علي أن اصدق اني اسمع هذه الاقوال، ولكن هذا لم يكن هزلا. فقد صادق الرئيس على هذه السياسة، كما تقول محافل في واشنطن. وهذه لم تؤثر على نحو خاص على الرئيس الروسي، الذي أجرى امس ظهور ضيافة على الارض السورية كالسيد الذي يصل إلى عزبته. إذا كان بوتين يلعب لعب العلاقات العامة بالفعل، فإنه يقوم بعمل ممتاز.
في الأيام الاخيرة لم تصدر مرة اخرى بيانات عن التعاون الروسي- الإيراني- التركي في محاولة للحديث والقرار في الوضع ما بعد الحرب في سورية. اضافة إلى ذلك، علم أن المصريين يوشكون على التوقيع مع موسكو على اتفاق بقيمة عشرات مليارات الدولارات لشراء مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء. لقد دعمت مصر من الولايات المتحدة لسنوات طويلة، ولكن قبل اسبوعين نشر أن المصريين وقعوا على عقد مع موسكو يسمح لسلاح الجو الروسي باستخدام مطاراتهم العسكرية. اذا ما حصل شيء كهذا بالفعل، فإنه سيمنح روسيا ذراعا استراتيجية إلى داخل افريقيا. ويقول مصدر أميركي رفيع المستوى (آخر) هذه الامور: لن يحصل. تحدث معنا عندما ترى طائرة روسية تقلع من مطار مصري عسكري. 
إذن ما هي الحقيقة؟ هل الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة وتتركها لرحمة الروس، أم أن وسائل الاعلام في الغرب تقع ضحية مناورة روسية ذكية- في الوقت الذي بقي الأميركيون ويواصلون الاستثمار في ذخائرهم الاستراتيجية؟ هذا سؤال كبير ولكن جوابا واحدا لازما: لا يهم ما هي النية الأميركية الداخلية في الشرق الاوسط ملزمة بأن تجد لها تعبيرا خارجيا. لا يكفي أن يكون الأميركيون هنا، يجب ان يشعر الناس بهم وبتصميمهم. والتصميم الأميركي لن يقاس باستعراضات كبار المسؤولين الصحفية بل بتصريحات وبأفعال واضحة من الرئيس، مثل ذاك الهجوم في سورية بعد هجمة الغاز الفتاكة التي قام بها الأسد. فقط ترامب يمكنه أن يدعي بحزم القول الأميركي انهم يبقون في المنطقة بقوة.