Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2019

هذا هو مؤسس داعش الحقيقي.. رواية مختلفة لنشأة التنظيم
الصوت الإخباري - اهتمت وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث منذ ظهور تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بتتبع تاريخ التنظيم ودراسة أفكاره وأصولها، للخروج باستنتاجاتٍ تُساعد في فهم كيفية نشوء تلك الظاهرة التي أفضت إلى عنفٍ هائل في الشرق الأوسط وخارجه. وبينما تتفق جميع الروايات تقريبًا على أنَّ التنظيم كان نتاج أفكار أبي مصعب الزرقاوي، القيادي السابق بالقاعدة، فإنَّ الكاتب حسن حسن يعرض روايةً مختلفة تمامًا في تقريرٍ نشرته مجلة «ذي أتلانتيك» الأمريكية.
 
يوضح حسن أنَّ مُعظم المؤرخين ممن يتابعون تنظيم داعش يتَّفقون على خروج هذا التنظيم من رحم تنظيم القاعدة في العراق، ردًّا على الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، ويتفقون أيضًا على أنَّ تنظيم داعش تشكَّل في الأصل على يد أبي مصعب الزرقاوي، الجهادي الأردني الذي تزَّعم تنظيم القاعدة في العراق في يومٍ من الأيام. إذ كانت لدى الزرقاوي رؤيةٌ سوداوية: إشعال فتيل حربٍ أهليةٍ بين السنة والشيعة وتأسيس خلافةٍ إسلامية. ورغم مقتله عام 2006، فقد تحقَّقت رؤيته عام 2014، وهي السنة التي اجتاح خلالها داعش شمال العراق وشرق سوريا.
 
ويضيف أنَّ الروايات المُتعلَّقة بجذور أيديولوجية داعش تُركِّز عادةً على حقيقة خلاف الزرقاوي وأسامة بن لادن بشأن فكرة قتال الشيعة ومسألة التكفير، وتشير إلى أنَّ حدة تلك الخلافات زادت في العراق لتنتهي بانشقاقٍ بين داعش والقاعدة. واستنادًا إلى هذه السلسلة من الافتراضات، توصَّل الكثيرون إلى أنَّ الزرقاوي هو من وضع الإطار الفكري لداعش.
 
لكن يؤكد حسن أنَّه مؤخرًا بدأ يُشكِّكُ في هذه الفكرة السائدة، وأنَّه يُمكن القول جدلًا بأنَّ أساس داعش قد وُضِعَ قبل الغزو بوقتٍ طويل، وإذا كان هناك شخصٌ مسؤولٌ عن طريقة عمل التنظيم فلا بد أنَّه عبد الرحمن القادولي، وليس الزرقاوي.
 
يوضح حسن أنَّ القادولي مواطنٌ عراقي من مُحافظة نينوى يُعرَف علنًا باسمه الحركي: أبو علي الأنباري. كان الأنباري هو الرجل الثاني بعد الزرقاوي خلال أيامه في القاعدة، وهو من وضع ملامح منهج داعش «المتطرف» أكثر من أي شخصٍ آخر، إذ كان تأثيره أكثر منهجية وأكثر عمقًا من زعيمه الزرقاوي، واستمر مدة أطول.
 
وفقًا للتقرير، حصل حسن على وثيقةٍ من 93 صفحةً تُؤرِّخ حياة الأنباري، فضلًا عن مناخ «التطرِّف» الذي أحاط به في التسعينيات بالعراق. كتب نجله عبد الله هذه السيرة الذاتية من أجل الاستخدام الداخلي في داعش، ونُشرت أجزاء منها في مجلة النبأ الأسبوعية الخاصة بالتنظيم عام 2016 في أعقاب مقتل الأنباري. ونشر المُنشقُّون عن داعش تلك الوثائق كاملةً على الشبكات الاجتماعية مؤخرًا، وهكذا حصل حسن عليها. وأوضح عبد الله بن الأنباري أنَّ السيرة الذاتية كانت نتاج 16 عامًا من العمل عن قُربٍ مع والده، والمذكرات التي احتفظ بها الأنباري، وشهاداتٍ مُباشرةٍ عن الأنباري من زملائه من أعضاء داعش.
 
وبالإضافة إلى السيرة الذاتية التي كتبها عبد الله، اعتمد حسن في تقريره على مجموعةٍ من المحاضرات التي ألقاها الأنباري بين عام 2014 و2015، وملاحظاته من المقابلات التي أجراها مع أعضاء التنظيم والثوار السوريين. واتضح له أنَّ الزرقاوي هو من تأثَّر بالأنباري، وليس العكس.
نشأة الأنباري
 
وفقًا للتقرير، وُلِد الأنباري في شمال العراق عام 1959 لعائلةٍ تركيةٍ مُتديِّنة من أصولٍ عربيةٍ وأرمنية. ويروي عبد الله أنَّه ذات مرة حاول الأنباري شراء حمامٍ في صغره، فقال له والده إنَّ عليه سؤال إمامٍ محليٍ ما إذا كانت تربية الحمام حلالًا من وجهة نظر الشريعة الإسلامية. أخبره الإمام بأنَّها عادةٌ «شيطانية»؛ فتخلَّى عن الفكرة. (في بعض الدول العربية، لا يُؤخذ بشهادة مُربِّي الحمام أمام محاكم القضاء، إذ يربط العرب بينهم وبين عدم الأمانة، لأنَّ وظيفتهم يُعتقد أنَّها تنطوي على سرقة حمام الآخرين والكذب بشأن الأمر).
 
درس الأنباري الشريعة في معهدٍ بمدينة تلعفر العراقية الشمالية، بعد أن أنهى المرحلة الابتدائية. وتخرَّج في جامعة بغداد عام 1982، وحاز شهادةً في الدراسات الإسلامية. (وهي الجامعة نفسها التي ارتادها القائد الحالي لداعش أبو بكر البغدادي). وفي أعقاب تخرُّجه، انضم إلى الجيش العراقي وخدم فيه سبع سنوات، شارك خلالها في الحرب الإيرانية- العراقية. وكتب نجله: «لقد حصل على تدريبٍ عسكري وديني، وهو مزيجٌ نادر».
 
ويوضح حسن أنَّه مع نهاية خدمة الأنباري العسكرية، تُشير السيرة الذاتية إلى تكليفه بتدريس صف شريعةٍ في بلدة مجمع برزان الصغيرة والمتنوعة. وفي يومٍ من الأيام، دعا أحد أثرياء البلدة مجموعةً من الغجر -وهي جماعةٌ عرقيةٌ تُشبه شعب الرُّوما- لنصب خيمةٍ وإقامة احتفالٍ تملؤه الموسيقى والرقص. وثار غضب الأنباري حين بلغته أنباء الاحتفال؛ إذ رأى في ذلك رجسًا عظيمًا. فأعلن أنَّه سيمنح 10 درجاتٍ إضافيةٍ لكل طالبٍ لا يحضر الاحتفال، لكنَّ هذا الموقف لم يكن قويًّا بما فيه الكفاية. وفكَّر الأنباري في قتل الغجر، لكنَّه لم يمتلك سلاحًا ناريًّا. فطلب من أحد طلابه أن يُحضر له البنزين، إذ كان يُفكِّر في حرق الغجر أحياءً داخل خيمتهم. وفي النهاية، ألقى خطبةً ضد الغجر والاحتفال الدنس المنتظر. وفي ظل الضغوطات الشديدة، صرف الراعي الثري الغجر. لكنَّ الواقعة تركت الأنباري غارقًا في أفكاره: لا بد أن تكون هناك مشكلة في الحكومة التي قد تُفكِّر حتى في السماح بإقامة مثل تلك الفعاليات.