Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Aug-2017

سوريا بعد مناطق خفض التصعيد ومعركة الرقة.. - فيصل ملكاوي
 
الراي - مع انشاء ثلاث مناطق خفض تصعيد، الاولى في جنوب غرب سوريا والثانية في الغوطة الشرقية والثالثة في حمص وقرب الانتهاء من ترتيبات المنطقة الرابعة والاخيرة في محافظة ادلب في شمال سوريا، يكون المشهد السوري قد انفتح على مرحلة جديدة من الازمة عنوانها تقاسم النفوذ على الجغرافية والديمغرافيا السورية بين القوى الاقليمية والدولية كل وفق تحالفاته وعوامل واوراق الضغط التي يملكها على الساحة وما يمكن ان يؤدي اليه هذا الواقع من سيناريوهات يمكن بلورتها الى حلول في المستقبل.
 
وسيكون المشهد اكثر وضوحا بالنسبة للازمة السورية ايضا مع انتهاء التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية من معركة الرقة لطي صفحة داعش الارهابي، حيث ستجد القوى الاقليمية والدولية بعد الانتهاء من تنفيذ مناطق خفض التصعيد الاربع كاملة لتغطي نحو ثماني محافظات سورية والانتهاء من معركة الارهاب انها امام سؤال المرحلة التالية من الازمة السورية وامكانية ان تشكل تلك المرحلة نواة للنجاح بالتوصل الى الحل الذي فشل فيه الجميع خلال السنوات الست الماضية.
 
ومنذ اللقاء الاول الذي جمع الرئيس الاميركي دونالد ترمب بالرئيس الروسي فلادمير بوتين خلال قمة العشرين في الثامن من الشهر الماضي، فان ملامج مقاربة اميركية–روسية ظهرت على واجهة الاحداث بالنسبة للازمة السورية، ففي هذا اللقاء تم الاعلان من هامبورغ ومن عمان بالتزامن عن انشاء منطقة خفض التصعيد الاولى في جنوب غرب سوريا وكان هناك اصرار على ان تكون هذه المنطقة مقدمة لاقامة بقية المناطق وهو ما حدث بالفعل فقد نفذت من ذلك التاريخ ثلاث مناطق من اصل اربع وكل المعلومات والمعطيات تشير الى المنطقة الرابعة في ادلب قيد التنفيذ ولن يطول الوقت قبل الاعلان عن اقامتها.
 
وقد اخذ التفاهم الاميركي الروسي في سوريا سياسة (الخطوة مقابل خطوة) ومبدأ البناء المتدرج لمحاولة احداث اختراق متدرج مقابل العجز عن احداث حل شامل نظرا لصعوبة المشهد على الارض وكثرة اللاعبين وتناقض الاجندات حتى بين الحلفاء احيانا كل وفق مصالحه ورؤيته ومساحة نفوذه ونوعية اوراق الضغط التي يملكها على ساحة الازمة.
 
لكن بالتوازي مع اكتمال المشهد بالنسبة لمناطق خفض التصعيد والاهداف المرجوة منها فان متغيرات اساسية حدثت وان لم يتم الاعلان عنها صراحة بين القطبين الاميركي والروسي بالنسبة لسوريا وهذه المتغيرات تضع مصالح القطبين بالدرجة الاولى وتساعد على تنفيذ استراتيجية كل منهما على الارض السورية بتفاهم يؤمل ان يؤدي الى نجاحهما دون مخاوف التصادم او تقاطع المصالح والاهم ايضا انها تضع القوى الاقليمية امام واقع يقلل من امكانية التخريب التي كانت تمارسها بعض الاطراف الاقليمية خلال المراحل الماضية من الازمة كون بعض التفاهمات والمستجدات الروسية الاميركية لا تلبي مصالح تلك القوى وخصوصا طهران التي جاءت مناطق خفض التصعيد لتقلص دورها خاصة ان دول جوار سوريا هي المعنية على الارض بانفاذ هذه المناطق في حين ان ايران ليست دولة جوار في سوريا بل دولة متدخلة باتت معظم القوى بما فيها روسيا مقتنعة بخروجها مع مليشياتها من سوريا.
 
من اهم المتغيرات التي حدثت ان الولايات المتحدة الاميركية خلافا لسنوات ادارة الرئيس اوباما التي اتخذت سياسة الفراغ والانسحاب فان واشنطن في هذه المرحلة موجودة على الارض بقوة ومتدخلة عسكريا تحت غطاء الحرب على الارهاب اذ بات لديها نحو عشر قواعد عسكرية في شمال شرق سوريا ولديها كل النفوذ الاستراتيجي مع حلفائها في جنوب غرب سوريا فيما روسيا عززت مصالحها الاستراتيجية على الساحل السوري ومناطق ما يطلق عليها سوريا المفيدة.
 
هذا التوازن يجعل امكانية نجاح تفاهم اميركي روسي اكثر واقعية في سوريا رغم ازمة الرئيس الاميركي دونالد ترمب الداخلية خصوصا ازاء العلاقة مع روسيا، لكن الذي يتضح اكثر مع مرور الوقت هو ان مسألة الحلول العسكرية لاجبار النظام السوري على الرحيل باتت جزءا من الماضي حتى ان برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية المتواضع اوقفته واشنطن قبل ايام بل وعلى الارجح فان الولايات المتحدة ومعها الحلفاء في الغرب قد اوكلوا مهمة (مصير الاسد) على موسكو بالكيفية والطريقة التي تراها مناسبة وعلى قاعدة انه لا مكان له وعائلته في مستقبل سوريا وهو ما يشكل ايضا اعترافا واضحا بان موسكو هي صاحبة اليد العليا في الازمة السورية وانه لا حل اطلاقا دون ان تكون فيه لاعبا مركزيا خاصة بالنسبة لمصير النظام السوري الذي استطاعت روسيا حمايته وانقاذه اكثر من مرة من حافة الانهيار والسقوط وهي في هذه المرحلة باتت صاحبة القرار الوحيد في مصيره.
 
الولايات المتحدة الاميركية التي تركز الان على هزيمة داعش في اخر معاقله في الرقة السورية، بالقطع فان لديها مرحلة تالية بعد مرحلة داعش وفي اليوم التالي لسقوطه وهذه الاستراتيجية ستكون مرتكزة لوجود عسكري على الارض باذرع وحلفاء على الساحة السورية، اذ تريد واشنطن تحقيق اهداف استراتيجية ابرزها حفظ مصالحها ومصالح حلفائها على الساحة السورية وفي جوارها وضمان عدم تجدد وعودة الارهاب واخراج ايران واذرعها من الاراضي السورية كما انها وضعت اقدامها في مناطق استراتيجية جوهرية على الارض السورية تحسبا لاي احتمالات مستقبلية يمكن ان تؤدي اليها سيناريوهات مثل تقسيم سوريا بانفصالها الى دويلات او على الطريقة الروسية (الفيدرالية) مع الاحتفاظ بالدولة المركزية وهو السيناريو الاكثر ترجيحا على ما يبدو.