Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Jun-2020

كيف ساعد توغل تركيا الأخير في شمال شرق سورية الأكرادَ السوريين

 الغد-ديفيد ليبسكا* – (أحوال تركية) 29/5/2020

 
في حين عانت الحركة السياسية الكردية في تركيا بشكل كبير في الآونة الأخيرة من الاضطهاد الحكومي المستمر، يبدو أن الأكراد في شمال شرق سورية حققوا مكاسب كبيرة نتيجة الغزو العسكري التركي الأخير.
في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، أعلن الرئيس دونالد ترامب أن القوات الأميركية ستنسحب من شمال شرق سورية لتمكين تركيا من تطهير مناطقها الحدودية من قوات سورية الديمقراطية بقيادة الأكراد، والتي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني.
وكان حزب العمال الكردستاني قد شن تمرداً في تركيا منذ أكثر من ثلاثة عقود وتصنفه كل من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كجماعة إرهابية. لكن البنتاغون أغضب تركيا في العام 2015، عندما اشترك مع قوات سورية الديمقراطية في القتال ضد “داعش”.
وعندما تحدثت “أحوال” مع محلل الشؤون الكردية، عبد الله حويز في تشرين الثاني (نوفمبر)، وصف تسليط العالم الأضواء على الأكراد نتيجة لغزو تركيا شمال شرق سورية بأنه فرصة للأكراد السوريين والأتراك. ولكن بعد مرور ستة أشهر، يبدو أن المجموعتين تسيران في اتجاهين متعاكسين.
في شباط (فبراير)، اختار حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد مدحت سانكار وبرفين بولدان كزعماء جدد للحزب، وهي خطوة اعتبرها المراقبون محاولة لتقليل العداء مع الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية. لكن هذه الخطوة باءت بالفشل. وبعد ذلك بشهر، قامت السلطات التركية بطرد ثمانية من رؤساء البلديات من حزب الشعوب الديمقراطي بدعوى ارتباطهم بالإرهاب. وبعد ستة أسابيع من ذلك، فصلت السلطات واحتجزت أربعة عمداء آخرين تابعين لحزب الشعوب الديمقراطي.
ومنذ أن أصبح حزب الشعوب الديمقراطي أول حزب مؤيد للأكراد يكسر عتبة الـ10 بالمائة ويدخل البرلمان في العام 2015، أقالت حكومة حزب العدالة والتنمية أكثر من 120 عمدة ينتمون إلى حزب الشعوب الديمقراطي عبر شرق تركيا وجنوبها الشرقي، بما في ذلك 45 من أصل 65 من رؤساء بلديات حزب الشعوب الديمقراطي الذين فازوا في الانتخابات المحلية التركية في آذار (مارس) 2019.
ويقبع زعيما الحزب السابقين، صلاح الدين دميرطاش وفيغن يوكسيداج، في السجن منذ أكثر من ثلاث سنوات، إلى جانب عشرات السياسيين الأكراد الآخرين.
في الأسبوع الماضي فقط، ربط أردوغان مرة أخرى بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني، وقال إن حزب العدالة والتنمية سوف يسحق حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات طالما احتفظ بالميليشيات الكردية. ورداً على ذلك، دعا حزب الشعوب الديمقراطي إلى إجراء انتخابات جديدة في البلديات التي تم فيها فصل عمداء حزبه -وهو الرد نفسه الذي قدمه الحزب في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وقال حويز لأحوال: “التصريحات التي نراها من قادة حزب الشعوب الديمقراطي ضعيفة حقًا. يبدو أنهم يستسلمون ولا يحاولون بعد الآن”.
استقال عضو البرلمان البارز من حزب الشعوب الديمقراطي، أحمد شيخ، الصحفي التركي المعروف الذي سُجن بسبب تقاريره، من الحزب في وقت مبكر من هذا أيار (مايو)، مؤذناً بنهج يتعارض مع الممارسات الديمقراطية وينقل الحزب بعيدًا عن نقاط قوته وقيمه.
وحث كاتب العمود التركي المخضرم، جنكيز أكتار، حزب الشعوب الديمقراطي على اتخاذ خطوات أكثر جرأة، مثل الانسحاب من البرلمان أو تنظيم أعمال احتجاجية. وقال حويز: “الحزب يفقد قوته لأنه لم يعد قادراً أو غير راغب في تقديم هذا النوع من التنديد والانتقاد الجرئ الذي يتطلبه الوضع. وهذا ينفر المزيد والمزيد من قاعدة ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي في المناطق الكردية. لدي شخصياً الكثير من الأصدقاء الأكراد الأتراك الغاضبين من حزب الشعوب الديمقراطي وكيفية تعامله مع الوضع”.
في الأثناء، عانى المجتمع الكردي في شمال شرق سورية بشكل كبير من عملية “نبع السلام” التركية في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، والتي أثارت تقارير عن جرائم الحرب والتطهير العرقي.
ومع ذلك، فإنهم اكتسبوا أيضًا أرضية بطرق عديدة. في البداية، وبسبب الاهتمام الإعلامي الداعم الكبير في الأسابيع الأولى من العملية العسكرية التركية -بالإضافة إلى المعارضة الحزبية لخطة ترامب للتخلي عن قوات سورية الديمقراطية- بقيت مجموعة من القوات الأميركية في شمال شرق سورية واستمرت في التعاون مع قوات سورية الديمقراطية.
وقال حويز: “لقد ساعدهم التضامن العالمي مع الأكراد السوريين كثيرًا. كان ذلك بشكل جزئي بسبب كل هذا التضامن الدولي الذي دفع الإدارة الأميركية إلى وقف انسحابها الكامل”.
لو انسحبت القوات الأميركية بالكامل، لكان من المحتمل أن يتم سحق قوات سورية الديمقراطية مما سيدفعها إلى التحول إلى الرئيس السوري بشار الأسد لطلب الحماية، كما توقع العديد من المحللين. وبدلاً من ذلك، فإن الدفاع القوي لقوات سورية الديمقراطية عن منطقة شمال شرق سورية، إلى جانب هزيمتها لـ”داعش” والعديد من الجنود الذين خسرتهم في تلك المعركة، عزز سمعتها إلى درجة أن ما يصل إلى 65 بالمائة من الأكراد السوريين يدعمونها الآن، وفقًا لحويز.
وأيضًا، بسبب بقاء القوات الأميركية، لدى الأكراد السوريين الآن فرصة للوحدة والتعزيز. وقد أرسلت الولايات المتحدة وفرنسا وفوداً إلى المنطقة لتشجيع الاتحاد بين المجموعتين الكرديتين الرئيسيتين، وهما حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الذراع السياسي لقوات سورية الديمقراطية، والمجلس الوطني الكردي، الذي يرتبط بشكل وثيق بمنطقة كردستان العراق.
وقال حويز: “الطريقة الوحيدة التي أعتقد أنها ستمكّن الأكراد السوريين من تجنب الغضب التركي هي محاولة الجمع بين الأكراد أولاً وقبل كل شيء، ثم محاولة إبعاد قوات سورية الديمقراطية عن حزب العمال الكردستاني بطريقة ما. ويعتمد مدى نجاح ذلك على مدى استعداد كل من قوات سورية الديمقراطية والمجلس الوطني الكردي لتقديم تنازلات”.
لم يتوقع حويز أن يضحي المجلس الوطني الكردي بعلاقاته مع تركيا من أجل عقد صفقة مع قوات سورية الديمقراطية. ومع ذلك، أشار إلى فائدة أخرى للغزو التركي: من خلال وضع زعيم قوات سورية الديمقراطية، مظلوم عبدي، في دائرة الضوء العالمية، فقد مكنه ذلك من صياغة الكثير من سياسة المجموعة وكبح نفوذ حزب العمال الكردستاني.
وقال حويز: “لدى الأكراد السوريين الآن شخصية يعتبرونه زعيماً لهم، وهي نقطة مهمة لأي مجموعة. إن ارتباط قوات سورية الديمقراطية بحزب العمال الكردستاني ليس قويا كما كان من قبل”.
وبشكل قاطع، ما يزال الأكراد السوريون يواجهون عقبات كبيرة.
حيث خضعت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي لضغوط من روسيا والأسد وأوقفت تمويل مجموعات الإغاثة التي تقدم الإغاثة الطبية إلى شمال شرق سورية. لكن حويز رأى أن هذا أحدث تأثيراً ضئيلاً حيث استجابت المنطقة التي يديرها الأكراد والمعروفة باسم “روجافا” بشكل جيد للوباء ولم تواجه المنطقة خطر حدوث تفشٍ كبير أو أزمة إنسانية في الأشهر المقبلة.
لكن حويز قال إن التهديد بتوغل تركي آخر بعد جرابلس وعفرين ورأس العين ظل قوياً. وفي الأسابيع الأخيرة، عرضت روسيا والأسد رواتب مغرية للشباب العربي في المنطقة للتخلي عن قوات سورية الديمقراطية والانضمام إلى ميليشيا جديدة.
وقال حويز: “إنهم يعلمون أن الولايات المتحدة ستنسحب في مرحلة ما، ولذلك يحاولون بناء هذه الميليشيات لاستخدامها كوسيلة ضغط ضد قوات سورية الديمقراطية في المستقبل”.
قد يفسر هذا أحدث مشروع للبنتاغون، الذي خصص تمويلًا للمساعدة على بناء قوة خاصة من قوات سورية الديمقراطية يصل قوامها إلى 10 آلاف جندي تحت قيادة عبدي.
وقال حويز: “لقد قرأت تقريرين على الأقل حول هذا الموضوع”، مضيفاً أن الأخبار ظهرت في شبكة الأخبار الكردية العراقية “رووداو”. وأضاف: “ربما يكون الغرض من هذه القوة هو حماية هذه المنطقة في المستقبل وتعزيز مكاسب قوات سورية الديمقراطية ضد الأتراك والأسد”.
 
*كاتب وصحفي مختص بالشأن التركي وخصوصاً أكراد تركيا