Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Apr-2019

الحرب لم تنته في سورية* ماهر أبو طير

 الغد-التيار المؤيد للنظام السوري، في سورية او الأردن، وفي العالم العربي، احتفل مبكرا، بنهاية الفوضى السورية، ومعهم أولئك الذين لا يحسبون انفسهم على دمشق الرسمية، لكنهم يعتقدون أيضا، ان الفوضى السورية، انتهت، وان دمشق حسمت الأمور لصالحها، بعد سنين من الحرب التي شارك بها كثيرون، سرا وعلنا.

ربما استعجل هؤلاء، النهايات، لان الأدلة تثبت ان الفوضى السورية، التي بدأت ثورة طبيعية، وتحولت الى فوضى، وحرب إقليمية ودولية، تريد انهاك الدولة السورية، وارهاقها، وتدمير بنية الشعب السوري، لم تنته بعد، واذا كان هؤلاء يعتقدون ان الحرب انتهت، لان النظام استطاع تطهير مدن ومواقع كثيرة، فإن التطورات تقول ان الحرب باتت تأخذ شكلا جديدا، بما يثبت ان اجندة الذين يشنون الحرب لم تنته، أيضا، وهذا يعني ان امام السوريين مرحلة اصعب.
العقوبات المفروضة على النظام السوري، والتي يدفع ثمنها أبرياء السوريين، وتلك العقوبات المفروضة على الإيرانيين، والتي يدفع ثمنها أيضا أبرياء السوريين، في الحلقات المتصلة بين سورية وايران، وما نراه في ملف البنزين في سورية، من حيث وقف تدفق البنزين الى سورية، ووقوف مئات الآلاف يوميا، امام محطات الوقود، من اجل تعبئة خزانات سياراتهم، نقرأ بشكل واضح، ان النية تتجه لمعاقبة السوريين، من اجل تثويرهم ضد النظام، على ذات الطريقة التي شهدناها في العراق، وشهدناها في غزة، دون ان يأبه احد لوضع السوريين العاديين في ظل هذه التطورات السيئة، والتي تعد امتدادا لكل ما يعانيه السوريون.
هذا يعني ان واشنطن، ودولا أخرى، باتت لديها اجندة مختلفة، من حيث الأدوات ضد النظام السوري، يضاف اليها، ضغط واشنطن من أجل عدم الانفتاح على دمشق الرسمية، ومواصلة التدخل العسكري الأميركي والإسرائيلي، ضد النظام السوري، في ظل سكوت وقبول الروس، الذين يصر بعض المراقبين على اعتبارهم حلفاء لدمشق الرسمية، فيما هم يسكتون امام كل العمليات العسكرية، ضد سورية، وضد العقوبات، التي يعانون منها بطريقة مختلفة، في موسكو، والمؤكد هنا ان فروقات الحسابات بين الروس والسوريين، واضحة، بسبب العقدة الإيرانية، والتنافس الإيراني الروسي على المصالح في سورية، وهذا ملف آخر.
القراءة الإقليمية للوضع في سورية، بشأن ملفات التدخل التركي، من جهة، ووجود جماعات متطرفة، واستمرار تهريب السلاح والمال، لجماعات متشددة، والرعاية للمشروع الكردي في سورية، تثبت أيضا، ان الملف السوري، لم يتم حسمه بعد، فما تزال إدارة هذا الملف تخضع لعنصرين اساسيين، أولهما مواصلة ارهاق السوريين، وثانيهما تحقيق الغاية المرجوة، أي إيقاع الطلاق بين دمشق وطهران، وبدون هذا الطلاق، لن تتوقف الاجندة الأميركية في سورية، فيما خيارات دمشق الرسمية، تبدو محدودة هنا، لاعتبارات كثيرة.
ما يمكن قوله هنا، ان الازمة السورية، ليست في طريقها للنهاية، كما يظن كثيرون، بل ان اغلب السوريين الذين خرجوا من سورية الى الأردن وتركيا ولبنان، يرفضون العودة، إدراكا منهم ان ازمة بلادهم تتجدد، ولا تصل الى نهاية، بما يؤشر على توطين فعلي، او إقامة طويلة المدى في دول الجوار، فوق ان النظام السوري، مشغول بإعادة ترسيم الديموغرافيا، ولا يحض هؤلاء على العودة، مسببا ازمة مركبة لسورية، فوق الازمات التي يواجهها مع دول الإقليم والعالم.
من المؤسف هنا ان يقال ان إعادة تأهيل النظام السوري، بمعايير واشنطن، تكاد ان تكون مستحيلة، كونها ترتبط بثلاثة ملفات، مصالح إسرائيل، اقدام ايران في المنطقة، التنافس مع الروس، وهذه هي الملفات الثلاثة الأساسية، التي تدير الموقف من النظام السوري، وبدون حسمها او الوصول الى تسويات بشأنها سوف تتجدد الازمة في سورية، بوسائل مختلفة، من تصنيع الجماعات المتطرفة وصولا الى ازمة البنزين.
لا حل امام دمشق الرسمية، الا واحد من اثنين، أولهما التورط في صفقة لاعادة تأهيل النظام بمعايير أميركية وإسرائيلية، وبتوافقات إقليمية او دولية، وهذا امر يبدو مستحيلا، على الأقل في هذا الوقت، او المراهنة على أي تطور في الإقليم، يعيد خلط الأوراق كليا، بمساعدة من الإيرانيين وحزب الله، والعراق، وجبهات أخرى، وهو تطور محفوف بالخطر أيضا، وله كلفته الكبيرة.
بدون احد الحلين، ستتواصل الازمة في سورية، حتى اشعار آخر.