Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Feb-2018

بو الغيط إن «كَتَب».. أو «ملاحظاتِه» على الأزمات - محمد خروب

 الراي - العربيّة! على ابواب القمة العربية العتيدة المتوقَّع انعقادها في الشهر القريب (إن عُقِدت).. كتب أمين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط, الذي مضى على تسلّمه منصبه اقل من عامين (منذ .(1/7/2016 دون تحقيق اي انجاز يُذكر في اصلاح الجامعة, او الاصطفاف الى جانب مطالِب منحِها دورها الطبيعي والميثاقي, في ما كان يسمى ذات يوم «العمل العربي المشترَك» او حتى الإنحياز الى الشعار الذي لم يُطبَّق ذات يوم حول ضرورة وأهمية التمسّك بنظرية «الامن القومي العربي» التي باتت محل سخرية العواصم المُتحكِّمة بقرارات الجامعة.

 
وإلزام بل التزام ابو الغيط كما «الامناء» الذين سبقوه, الصمت ازاء تغوِّل تلك الدول, التي ما تزال تمارس دورا خطيرا وتآمرياً في تعطيل دورها، وخصوصا في تحويلها الى منصة لخدمة أهدافها غير المتطابِقة او المنسجِمة بالضرورة مع المصالح العربية المشتركة, ولا تنظر (تلك العواصم) الى الجامعة الان، الاّ ككيان لا وظيفة له او دور, سوى اصدار «القرارات»المتواطِئة والمبرِّرة لمواقف وسياسات تلك الدول, وتعزيز هيمنتها على الفضاء العربي. رغم انكشافها كقرارات داعمة لتحالفات عربية عابرة ومؤقتة,تروم تعطيل وكبح اي محاولات لتفعيل دور الجامعة, ووضع حد لراهنها البائس والمقَيَّد الذي لا يخدم سوى مصالح وسياسات العواصم المتغوِّلة.. إياها.
ما علينا..
كتَبَ ابو الغيط مقالة في صحيفة «الشرق الاوسط» يوم اول من امس، حفلت بكثير من الإنشاء واللغة ذات المصطلحات العمومية, التي تقول كل شيء ولا تقول شيئا في واقع الحال. رغم محاولاته الظهور بمظهر المُفكِّر والمُحلّل والمشخّص «الصريح» للمشهد العربي الراهن، كما أكثَرَ من النطنطة والمزاجِية والإنتقائية, في اختيار العناوين وتحديد المحطات الرئيسية التي افضت الى راهن عربي رديء, كهذا الذي نعيش.
 
وكان لافتاً ان «التأريخ» لمرحلة الانحطاط العربي هذه, بدأ عند وزير الخارجية المصري الاسبق, «فقط» منذ العام 2011, اي سنة اندلاع موجات ما سمي «الربيع العربي»، ما افقد ملاحظاته «العَشر»... القيمة والأهمية, كونها اتّكأت – ضمن امور اخرى – على هذا المرحلة, التي زعم انها خلقت ظاهرة «فراغ إستراتيجي», متجاهلا عن عَمْد المراحل الأُخرى الأكثر خطورة وتأثيراً على المسار والمصير العربي, اللذيْن واصلا انحدارهما بتسارع شديد, منذ سبعينيات القرن الماضي وتحديدا بعد ما سمي – وما يزال – انتصار اكتوبر 73) عندما وعَدَ السادات بأن تكون آخر الحروب مع اسرائيل) بعد إسقاط مفاعيله السياسية وانتهاء هذا الانتصار على النحو الكارثي الذي افضت اليه مفاوضات الكيلو 101, واتفاقيتي الفصل على الجبهتين المصرية والسورية وفشل مؤتمر جنيف, الى ان كبَّلَت نتائج زيارة السادات للقدس والتوقيع على معاهدة السلام المنفرد مع اسرائيل في العام 1979 مصر, وأفقدَتها القدرة والرغبة على مواصلة دورها الريادي والقيادي للمنطقة العربية, وتفرّد اسرائيل في شن الحروب ومحاصرة المقاومة الفلسطينية، وزرع الاراضي المحتلة بالمستوطنات وباقي «التاريخ» الذي تجاهَلَته مقالة ابو الغيط... معروف ومكتوب على الحائط.
 
الطريف في ما كتب امين عام الجامعة, التي لا تجْمَع, هو أنه يتحاشى تسمية الاشياء بأسمائها, ولا يحدِّد محاوِر او محطات وعناوين جادة وحقيقية لـِ»الحوار المفتوح» الذي دعا اليه «المفكّرين وأهل الرأي والمتخصِّصين»، وإن كان حصرها في «عشر ملاحظات», كل ملاحظة منها تُغرِق في العمومية والإنحياز لمواقِف سياسية لم يغادر مربّعاتِها معالي الامين منذ ان كان رئيسا للدبلوماسية المصرية, حتى مغادرَتِها «مُجْبَراً» خلال ثورة 25 يناير, الى ان تسلّم امانة الجامعة خلفا لنبيل العربي.... العربي الذي صعد إليها هو الآخر, بعد ان كان عمرو موسى قد ارتهنها لخدمة مشروعات بعض العواصم العربية المتغوِّلة وغير المنسجمة مع ميثاق الجامعة نفسه, والمتماهية الى حدٍ كبير مع المشروع الصهيواميركي. ولم تكن «شرعنتها» للغزو الاطلسي لليبيا, سوى الدليل الساطع على التحوَّل الخطير الذي أُريد للجامعة العربية ان تكرِّسه في المشهد العربي, الذي تواصل منذ حرب الخليج الاولى (1991 (ووصوله «أبهى تجليات انحطاطه... بالغزو الاميركي للعراق العام 2003.
 
ملاحظات ابو الغيط «العشْر» التي لا يمكن لمعظمِها تشكّيل بداية جادّة ومطلوبة, لحوار عميق بين «المفكرين وأصحاب الرأي والمتخصصين» الذين حدّدهم ، كونها – كما قلنا – عمومية ومنحازة وانتقائية، لم يُبدِ صاحبها اي اهمية او يولي اهتماماً للهموم والمشكلات التي تواجه عموم المواطنين العرب في معظم أقطارهم, التي تغيب عنها الحرية والديمقراطية وحكم القانون واحترام الكرامات والنساء, ولا يدعو «معاليه» لضرورة تنظيم انتخابات ديمقراطية في بلاد العرب تكون جزءاً رئيساً من الفضاء العربي، وإن كانت (الإنتخابات) ليست مؤشرا, كما ثبت طوال عقود مضت على «استقلال» معظم الدول العربية، على انها مقارَبة حضارية, تروم معظم الانظمة العربية ترسيخها لدى شعوبها, او خيارا لإصلاح مجتمعاتها وإبداء أستعدادها للإلتحاق بقطار الحداثة والانضمام لنادي الدول الديمقراطية, التي يصعب على أمين الجامعة الادعاء ان اصوات الذين اوصلوه الى منصبه –يُقيمون وزناً لـِ»الديمقراطية» او يرونها جزءا من تقاليد أنظمَتِهم.
 
ما يدفع لدمغ ملاحظات ابو الغيط العشر بـ»التهافت» وافتقادها للعمق الفكري والمعرفي,هو ان الرجل استخدم لغة «الراهن العربي» التي تفوح منها رائحة الطائفية والمذهبية, التي ترطن بها معظم الانظمة العربية, لصرف النظر عن ارتكابات وجرائم وخطورة مشروع العدو الرئيسي والاساسي والوجودي للعرب, وهو «العدو الصهيوني» الذي تحدث عنه ابو الغيط بـ»لغة الغائب» وبنعومة وعمومية, تُذكِّرنا ببيانات ال»قمم» العربية, التي لا تجد توصياتها وقراراتها اي فرصة للتنفيذ, ولاتحظى باهتمام أو احترام... الشعوب العربية.