Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2017

«الحَرِيرِيّان».. إن «هَدَّدا»!! - محمد خروب

الراي -  ثمة «حَريرِيّان» في المشهد العربي المأزوم الراهن.. احدهما هو رئيس حكومة لبنان»المُترِّيث» عن تقديم استقالته, في انتظار خضوع حزب االله..»شريكِه»القوي في الحكومة, والتي لا تقوم إلاّ بمشاركَته السياسية وخصوصاً الطائفية، كون المعادلة اللبنانية لا تنهض الا على اسس طائفية ومذهبية, منذ ان «نال» لبنان استقلاله قبل «74 «عاماً حتى الآن وفي المدى المنظور – في ما يبدو ـــ بعد ان اصرّ زعماء الطوائف والمذاهب من نخَب سياسية واخرى حزبية وثالثة دينية وغيرها مالية وعشائرية وجهوية ومناطقية, على رفض احد اهم بنود اتفاق الطائف, وهو الغاء «الطائفية السياسية» وفق خطة مرحلية, وها هو «الطائف» يوشِك على اتمام (30( عاماً على توقيعه, دون ان تلوح في الأفق اي بوادر لتطبيق بند حيوي.. كهذا.

 
اما الحريري الآخر فهو «نصر الحريري» الذي جيء به في مؤتمر الرياض 2 ليقود وفد المعارضات السورية الى مؤتمر جنيف 8 والذي يبدو – المؤتمر في نسخته الثامنة – يواجِه فشلا قبل انعقاده، الا ان الحريري (السوري هذه المرة) ما زال يواصل عنترياته ويُصِر في تصريحاته على ان «هدفه» هو اطاحة الرئيس بشار الاسد, وان لا دور للأخير و»زمرته» في سوريا الجديدة, حيث يتوجب عليهم تسليم «مفاتيح» السلطة لفاتح دمشق الجديد نصر الحريري ومَنْ يرأسهم, من الذين لا يعرف السوريون معظمهم, كونهم حملة جنسيات اجنبية ويدينون بالولاء للدول والاجهزة التي انتموا اليها «طواعِية» او بترتيبات يعرفها الجميع.
 
ما علينا.. كلاهما – الحريريّان – يَشعُر بفائض قوة. احدهما (اللبناني) بعد تداعيات الملابسات الغامضة التي احاطت باستقالته المفاجئة في الرابع من الشهر الجاري, قبل عودته الى بيروت عن طريق باريس وما رافقها من تحشيد سياسي وحزبي وشعبي لبناني لِصالِحِه, كان الفضل فيه لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي ادار ببراعة ازمة طارئة كادت ستُفضي – لو قُيِّض لها النجاح – لسحب لبنان الى مربع الفوضى والاحتراب وربما الغزو، على نحو يعصف بكيانه والتعايش الهشّ بين طوائفه ومذاهبه (اقرأ شعوبه)..
كذلك في نبرة التهدئة والتعاطي الايجابي والمرن من قبل حزب االله والقوى الحليفة له, رغم ما تعرَّض له من هجوم إعلامي شرس وانتقادات لاذعة. فيما ترَّبص حلفاء الحريري.. به، وعلى رأسهم سمير جعجع وبعض «رموز» قادة تياره السياسي (المُستقبَل), الذين وجدوا في ما تعرَّض اليه مستقبله السياسي والشخصي، فرصة لـ»وِراثَته» وتقدُّم المشهد اللبناني وربما الاقليمي, إذ ظنُّوا ان موازين القوى ستكون الى جانبهم, بعد ان اختلَّت لصالِح... «اعدائهم».
 
اما الحريري «السوري» فهو الآخر لم يتَّعظ من المصير الذي انتهى اليه من سبقوه في «رئاسة» وقيادة المعارَضات, التي تم تصنيعها في الخارج على يد الغرف الاستخبارية السوداء الاقليمية الدولية على حد سواء، وخصوصا منذ استيلاد «المجلس الوطني» بنسخته التركية الاولى, الى ان تم «دفنه» على يد هيلاري كلينتون لصالح «كيان» تابع جديد اسمه: «إئتلاف قوى الثورة والمعارَضة» والذي وُلِد مشوهاً ومعاقا وتوالى على رئاسته عديدون تماما كما مجلس اسطنبول، من امثال برهان غليون وعبد الباسط سيدا واسماء غيرهما, الى ان انتهت عند الماركسي «المُتأخْوِن».. جورج صبرا، فيما تمت اطاحة سلف الحريري, الذي يُعتبر الخاسر الاكبر في مغامرته البائسة التي بدأت بانشقاقه عن وطنه مقابل ثلاثين فضة (50 مليون دولار) ونقصد هنا رئيس الوزراء السوري الأسبق.. رياض حجاب, الذي لا يجد الان – كما السابق – من يحفَل به او يُهاتِفه.. لكنه (الحريري) لا يريد ان يتعظ من البؤس الذي آل اليه هؤلاء, بل والذين ترأسوا الهيئة العليا للمفاوضات كأسعد الزعبي ومحمد صبرا ومحمد علوش... وَجُرّ.
 
لهذا يواصِل الحريري السوري القول بان» لا دور للاسد وزمرته» في المرحلة الانتقالية وما بعدها, وانه سيطيح الاسد وانه وانه... دون اي اعتبار او اهتمام بقدراته وإمكاناته – هو ومعارَضاته – السياسية وخصوصا العسكرية والميدانية, وما اذا كان حلفاؤه.. الجدد منهم والقدامى, يشاركونه الرأي هذا؟ او هم بِصدَد دعمه او موافقته على جنوحه بل جنونه السياسي هذا؟ فضلا عما اذا كان هؤلاء فعلا قد دفعوا به الى مقدمة المشهد, كي يرصدوا ردود الفعل على تهوّره ثم يسارعون لإزاحته واختيار «نجم» جديد اكثر عقلانية ومرونة وواقعية, يلحظ..ومشَغِّلوه على الدوام, موازين القوى؟.
 
في مقلب آخر يبدو تهديد الحريري اللبناني بـ»الاستقالة» اذا لم يَقبَل «حزب االله» تغيير الوضع الراهن، محاولة لتحسين شروط تفاوضه على البقاء في موقعه, الذي يعلم انه قد لا يستعيده، اذا ما اقدم على تقديم استقالته رسمياً, بعد ان «تَرَيَّث» في تقديمها مكتوبة, استجابة لـ»تمني» رئيس الجمهورية, حيث بادر الاخير قبل يومين الى ادارة مروحة مشاورات واسعة مع رؤساء الاحزاب والكتل البرلمانية لتجاوز ارتدادات «ازمة الحريري» حيث يبدو سعد الحريري في وارد استثمارها سياسياً , بعد شعوره انه على وشك فقدانها واقتراب نهاية مستقبله السياسي, اذا ما قرر رعاته وداعميه استبداله بشخصية «سُنِيّة» اخرى. لهذا لم يكن مفاجِئا قوله في مقابلته مع تلفزيون «Cnews «الفرنسي، انه مُستعِد للذهاب الى انتخابات «مبكرة».. ما يشي بانه يريد الاستفادة من التعاطف الشعبي الاخير معه, قبل ان يتبَدّد هذا التعاطف, او يتخلى عنه الداعمون الخارجيون. حتى لو واصل تكرار اسطوانته المعروفة, عن ضرورة التمسك بـ»سياسة النأي بالنفس», التي لا يَعْرِف احد في لبنان او خارجه.. معنى لها, سوى انها تستهدف سلاح حزب االله ودوره.