برعاية الجيش.. المستوطنون يحددون الهدف التالي في المنطقة "ب"
الغد-هآرتس
بقلم: هاجر شيزاف
آلاف من الإسرائيليين، قاموا، أول من أمس، بزيارة الموقع الأثري، الذي يظهر للعين غير الفاحصة مثل كومة حجارة عادية. عمليا، من الصعب الإشارة الى أي شيء يميزه عن المواقع الأخرى التي تنتشر في الضفة الغربية -كومة من الحجارة والصخور بأحجام مختلفة، من دون أي لافتة أو أي شرح. ولكن من استمع لشرح أحد المرشدين في المكان أدرك أن الأمر يتعلق بـ"مذبح يهوشع الذي يوجد على جبل عيبال". هذا الادعاء مختلف فيه. فكثير من رجال الآثار لا يوافقون على تشخيص الموقع كمذبح، وبالأحرى مذبح يهوشع. هذه الحقيقة لا تمنع المستوطنين من الادعاء بأن الفلسطينيين يفعلون كل ما في استطاعتهم بهدف تدمير هذا الموقع التراثي المهم.
الوصول الى الموقع الأثري في جبل عيبال لا يعد موضوعا سهلا. الحديث يدور عن موقع يوجد في المنطقة ب، أي تحت السيطرة الفلسطينية المدنية، والوصول اليه يحتاج الى مرافقة عسكرية. آلاف الزوار الذين أرادوا الوصول الى الموقع، أمس، قامت بتأمينهم وحدتان عسكريتان وقوات أخرى من حرس الحدود والشرطة. الزيارة بادر اليها المجلس الإقليمي شومرون الذي يروج منذ بضع سنوات للاعتراف بجبل عيبال في إطار حملة حوله -في محاولة ناجحة لدفع السلطات الإسرائيلية للعمل في المنطقة- رغم أنه حسب اتفاق أوسلو هو يوجد خارج المجال. مبرر ذلك يكمن في ادعاء المجلس بأن السلطة الفلسطينية تحاول المس بهذا الموقع بشكل متعمد. بعد أن أصبحت "المعركة على المنطقة ج" شعارا سائدا في الجيش وفي وسائل الإعلام الاسرائيلية، فإنه يبدو أن المستوطنين مستعدون للسير قدما نحو المعركة على المنطقة ب.
"الحكومة الإسرائيلية لم تقف في المقابل عندما تقوم السلطة الفلسطينية بتنفيذ هنا في جبل عيبال إحدى الجرائم الخطيرة جدا والتي تتمثل بتدمير إرث"، قالت في الموقع اوريت ستروك، وزيرة الاستيطان والمهمات الوطنية من الصهيونية الدينية. أيضا العضو في حزبها، تسفي سوكوت، جاء للدعم. ستروك تطرقت في أقوالها أيضا الى الحادثة التي جرت قبل سنتين، في حينه الأعمال التي نفذها مجلس قرية عصيرة الشمالية المجاورة، أدت الى أضرار في مقطع من السور القديم في المنطقة. هذا الأمر أدى الى ردود شديدة من قبل المستوى السياسي، وحتى أنه وصل لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي وصفه بـ"حادثة خطيرة"، وهذه الحادثة حصلت على اسم "عمل داعش"، كما أطلق عليها نفتالي بينيت.
شارع شقه الفلسطينيون قرب الموقع ومنشورات عن نية القرية إقامة حي في المنطقة، أدت الى عقد جلسة في الكنيست قبل أسبوع في هذه الجلسة، قال ممثل الإدارة المدنية، آدم افيدان، إنه أثناء شق الشارع مدار الحديث فإن الموقع لم يتضرر أبدا. مع ذلك، قال إن الإدارة المدنية قامت بمصادرة معدات العمل في الموقع، ورئيس المجلس، بسام صوالحة، تم استدعاؤه للتحدث معه وتم التوضيح له بأن "أي عملية تخالف التفاهمات سيتم الرد عليها بقبضة حديدية من قبلنا، بكل الوسائل المتاحة لنا، سواء من ناحية قانونية أو سياسية". ورغم أن افيدان أشار الى أن هناك إشكالية معينة بالنسبة للإدارة المدنية من أجل العمل في المنطقة ب، إلا أنه أكد أن "أي مس بموقع آثار أو موقع ديني سيتم علاجه من قبلنا وسنقوم بمنعه بكل الطرق". هذا رغم أن اتفاقات أوسلو نصت على أنه لا يحق لإسرائيل العمل في المنطقة ب في كل ما يتعلق بالآثار.
أيضا، بالنسبة للضفة الغربية فإن جبل عيبال هو مكان بعيد، ومن أجل الوصول اليه يجب السفر نحو نابلس والاستمرار من هناك في السير في طريق متعرجة ووعرة، وبعد ذلك الصعود الى شارع آخر منحدر الى القمة التي يوجد عليها موقع عسكري فقط وأشجار زيتون وموقع أثري مختلف فيه. من أجل الحدث تم إغلاق أحد مداخل قرية عصيرة الشمالية القريبة من الموقع. وعند الوصول الى قمة الجبل تلقى القادمون الأعلام من المجلس الإقليمي شومرون؛ علم توجد عليه صورة الهيكل ومكتوب عليه "قوموا ببناء هيكل لي"، بلغات عدة، وبالطبع هدايا للأطفال في العيد، بالونات وبوشار ومنصة مع موسيقا.
القادمون تمتعوا بسماع المغني شولي راند في الوقت الذي رقص فيه الشباب في حلقة أسفل المنصة وتجول مهرج على العصي بين الجمهور. بعض العائلات أيضا جلست تحت مظلات العرش التي أقيمت في المكان. كلوديت وأنال، المهاجرتان من فرنسا ويبدو أنهما علمانيتان، جاءتا الى الحدث في حافلة مع مجموعة منظمة من نتانيا. "هذه نزهة، مشهد جميل. ليس كل من في الحافلة متدينون"، قالت كلوديت. "أنا لا أعرف هذا المكان. هذا جميل جدا. هذا ليس نزهة مثل طبرية أو القدس التي هي عزيزة جدا، هذا شيء آخر". حسب قولها، فإن الحديث لا يدور عن زيارة أولى تقوم بها في المناطق. والمرشدة للمجموعة اعتبرتها "صهيونية جدا".
من أجل الوصول سيرا على الأقدام من المنصة الرئيسية الى الموقع الأثري، استمر القادمون سيرا على الأقدام مسافة 2 كم، الذي في نهايته يوجد هبوط حاد جدا. على الطريق المؤدية الى الموقع كان يوجد طفل يركض وهو يحمل قنبلة غاز، يبدو أنه وجدها على الأرض. وعلى عربة لنقل المعدات كان يوجد ملصق كتب عليه "العدالة لبن اوليئيل"، وكثير من الآباء حاولوا السير مع عربات الأطفال الرضع في هذه الطريق الترابية.
الموقع تم حفره في حفريات أثرية قامت بها بعثة من جامعة حيفا قبل أربعين سنة. على رأس هذه البعثة، كان يقف البروفيسور آدم زرتل الذي قال إن الجبل هو موقع المذبح الذي أقامه يهوشع بن نون بعد دخول بني إسرائيل الى البلاد، كما هو مذكور في التوراة. مع ذلك، هذا الرأي غير مقبول على معظم رجال الآثار الذين يختلفون حول تشخيص الموقع، وتأريخه وطريقة استخدامه. رغم كل ذلك، إلا أن من يأتون الى موقع المذبح حصلوا على مطويات تبدأ بجملة "أمامك زيارة من الزيارات المهمة والمثيرة التي شاهدتها في حياتك: مذبح اكتشف بكامله".
في الموقع شرح مرشدون للقادمين عن الموقع وهم يرونهم صور زرتل وصورة تظهر نموذجا للمذبح. "إذا كان هذا الموقع هو حقا مذبح يهوشع، فإنه توجد لنا مصادقة على كل التوراة"، قال المرشد نتنئيل. هذا الشرح ختمه بالقول إن الفلسطينيين يدمرون المكان. "الوصول الى هنا طوال الأسبوع، هذا ما نحاول أن نفعله"، قال. "هذا هو الحل الوحيد الذي يمكن القيام به من أجل ألا يصبح هذا الموقع موقع تراث عالمي مثل أريحا". في الشهر الماضي، أعلنت اليونسكو عن تل أريحا كموقع تراث فلسطيني.
عمليا، الآن في الموقع يتم إجراء جولات، لا سيما في فترة الأعياد، على الأقل مرتين في السنة. قبل سنتين، في أعقاب ما نشر في وسائل الإعلام عن الضرر الذي لحق بالمكان، بادر المجلس الإقليمي شومرون الى إجراء حدث كبير آخر. حسب تقدير المجلس، فإن حدث أول من أمس أكبر، وقد جاء اليه عشرات آلاف الأشخاص.
في السنة الماضية، نقل مستوطنون ترابا، حفر في السابق من قبل زرتل في الموقع، الى مستوطنة شفيه شومرون. الحفر جرى بدعم الجيش، من دون رخصة للحفر وبمساعدة متطوعين من معهد آثار افنغلستي في أميركا. في إطار الاحتفالات بالعيد المتعلقة بالمكان سيقام غدا حدث، دعي اليه أطفال من أجل غربلة تراب من الموقع، الذي يتم تسويقه على أنه "ذكرى توراتية لكل العائلة". على سؤال "هآرتس" رد يوسي دغان، رئيس مجلس شومرون، وقال إن نقل التراب تم بشكل قانوني. ولكنه رفض ذكر اسم من صادق على ذلك. غربلة التراب تحتاج الى مصادقة سلطة الآثار المخولة.
رئيس مجلس عصيرة الشمالية عارض في محادثة مع الصحيفة الادعاء بأن الفلسطينيين يريدون المس بالموقع. "هذا موقع أثري يوجد على مساحة 9 دونمات. نحن نحافظ على الموقع الأثري ولا نريد المس به. ولكن حوله توجد أراض خاصة"، قال. "هناك خطة لإقامة حي في المنطقة، ورخص البناء تم إعطاؤها من قبل السلطة الفلسطينية". حسب قوله المجلس كان يريد تطوير موقع سياحي هنا، لكنه يفترض أن الجيش سيمنع هذا الأمر.
الون اراد وهو من منظمة عيمق شفيه، قال إن الحملة بخصوص جبل عيبال وتحويله الى موقع رئيسي بدأت قبل بضع سنوات عندما في تلك الفترة كانت توجد خطة للقرية الفلسطينية من أجل تحويله الى موقع سياحي. وفيما يتعلق بحقيقة أن إسرائيل تعمل في المنطقة ب، قال إن اسرائيل تستخدم بشكل ساخر القانون الدولي. "القانون الدولي ينص على أنه توجد لإسرائيل مسؤولية مطلقة من أجل الحفاظ على الآثار في أرجاء الضفة الغربية، لأن هذه منطقة محتلة. هكذا، الدولة تدعي بأن المسؤولية تم إعطاؤها للسلطة الفلسطينية في المنطقتين أ وب. ولكن عندما ترى إسرائيل أن هذه السلطة لا تقوم بعملها، فعندها يجب عليها القيام بذلك، قال. وحسب قوله، فإنه في المنطقة ب يوجد وضع غير معقول، فيه الجهة المسؤولة عن إنفاذ قانون الآثار هي السلطة الفلسطينية، لكن في كل ما يتعلق بسرقة الآثار، مثلا، فإن الجهة المخولة بالعمل، هي سلطة الآثار التي تمنعها إسرائيل من العمل في المنطقة ب لأنها جهة أمنية.
أثناء العودة من الموقع الأثري، وجد الكثيرون صعوبة في تنظيم النفس في الصعود الحاد الى قمة الجبل. دوفيف بندنغر، من مستوطنة نيريا، جاء الى المكان مع أولاده. "هذا جيد لعيد المظلة، لقد نشروا في شومرون بأنه يوجد موقع نادر جدا، بشكل عام لا يسمحون لليهود بالوصول اليه. لذلك نحن جئنا"، قال، وهو يعمل كحاخام في مستشفى هيلل يافا. "هذا مكان بشكل عام لا يسمحون بالدخول اليه. لذلك فإنه توجد أهمية للسيطرة. وإذا تم القدوم معا، فإنه من السعادة الكبيرة رؤية أبناء شعب إسرائيل وهم يتنزهون في طول البلاد وعرضها".
رئيس المجلس الإقليمي شومرون، دغان، قال في هذا الحدث ما أمله الكثيرون في أعماقهم "أرض إسرائيل ودولة إسرائيل ستجسد هنا سيادتنا، من هذا المكان في جبل عيبال، في مذبح يهوشع بن نون، سيكون موقعا تراثيا مناسبا لمكان رئيسي في تاريخ شعب إسرائيل، الشعب الخالد".