Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Jul-2020

التشويه المعيب لصورة الوطن الحبيب!*د. زيد حمزة

 الراي

والله لقد شعرت بالخجل حتى لا أقول بالخزي والعار بعد أن قرأتُ التحقيق الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية قبل أسبوعين عن تفاقم آفة التدخين في الأردن وعرفتُ منه أننا حُزنا قصب السبق ‏بين المدخنين في كل دول العالم وقفزنا إلى الدرجة الأولى بعد ان سبقنا إندونيسيا!
 
لن اجعلكم تضجرون باجترار الأرقام الفاضحة عن الارتفاع المطرد لأعداد المدخنين والمدخنات عندنا على مدى الأعوام الأربعين الماضية ولن أعيد عليكم وصف جهود نبيلة متنوعة بذلها أعداء التدخين ممثلين بجمعيتهم الرائدة التي قادها الراحل الدكتور زهير ملحس وسط إحباطات كثيرة وسرْنا معه طويلا طويلاً في رحلة التوعية وفي استنباط الأنظمة التي تحد من اخطار التدخين حتى جاءت منظمة الصحة العالمية باتفاقية الإطار عام 2008 وكنا في مقدمة الدول التي صادقت عليها، ولقد التقطتْ الراية في السنوات الأخيرة جهاتٌ أخرى نقدّر إصرارها تحت شعار واسع شمل مكافحة السرطان كواحد من بلاوى هذا الإدمان وبمشاركة فاعلة من الأميرة دينا مرعد كما أوردت الصحيفة البريطانية، لكن هذه الجهات عند تطبيق الاتفاقية بمنع التدخين في الأماكن العامة مثلاً اكتشفتْ كما اكتشفنا عدم جدية القائمين على القانون وضعفهم حيال ضغوطٍ علنيّة لا تخشى افتضاح أمرها وبموجهة تواطؤٍ خفي مع صناعة التبغ العالمية التي بعد ان ضيّقت الخناق عليها القوانينُ والمحاكم في عقر دارها (وأكبر الدُور أميركا!) وذلك بغرامات كبيرة تُفرض عليها تباعاً كتعويضات لضحايا التدخين، مالت بإنتاجها الهائل على الأضعف من دول آسيا وأفريقيا وراحت تهيمن شيئاً فشيئاً على صناعة التبغ المحلية كي تحتكر الأسواق وتذعن لها الحكومات تحت تهديد سيف ((التجارة الحرة))! ولم يعد هذا سراً فقد أكّده تقرير الغارديان بزيادة استهلاك التبغ في الأردن سواءً للسجائر العادية أو السجائر الإلكترونية الخادعة او الأرجيلة الملوثة والمعسل الأكثر ضرراً فكلها تؤدي للإدمان لاحتوائها على النيكوتين وهو لا يختلف سمّيةً وخطورة عن باقي المخدرات كالأفيون الذي حدثتكم عنه في الاسبوع الماضي وكيف فرضتْه بلا أي وازع أخلاقي شركةٌ تجارية بريطانية على شعب الصين بالحرب والاحتلال عام 1840!
 
يعترف تقرير الغارديان للأردنيين بوعيهم العالي لأضرار التدخين لكنه يشير بالمقابل الى تراخي الحكومة في إنفاذ القانون منذ وقّعت عليه قبل اثني عشر عاماً وعذرها الواهي الذي تستحي الجهر به أنه يؤثّر على سياحة مقاهي الأرجيلة طوراً وطوراً آخر على دخل الخزينة من الضرائب على التبغ (يبلغ 18%!)..
 
وبعد.. فنحن الذين حققنا انتصاراً صحياً نفخر به في مجال مكافحة كورونا نجد أنفسنا مع الأسف نسقط أكثر فأكثر في أحضان الإدمان على التدخين وبتآمر إجرامي بين الضالعين الفاسدين والمتاجرين من بين ظهرانينا الذين لا يهمهم كم يشوَّهون صورة وطننا الحبيب بهذا التردي المعيب ولو على حساب صحة وحياة مواطنيهم!
 
فإلى متى نبقى صامتين مستسلمين لمصير أحمق نراه.. قادماً حتما؟!