Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-May-2018

هل ما يحدث في الوطن العربي هو تنفيذ لمخططات برنارد لويس؟ - د. سمير قطامي

الراي -  منذ أيام توفي المستشرق المشهور برنارد لويس عن مئة واثنتين من السنوات، بعد أن ملأ الدنيا بأفكاره ونظرياته الاستعمارية ، وشغل الناس في حياته ،وسيظل يشغلها بعد مماته لزمن طويل.

ارتبط اسم هذا المستشرق بما ينفّذ هذه الأيام في الدول العربية من نزاعات وحروب طائفية وصراعات مذهبية وإثنية... وقد كتب عنه الكثير ، وسيظلّ الناس مختلفين حوله وحول دوره الاستعماري ، فهل صحيح أن خططه وخرائطه التي وضعها للشرق الأوسط هي التي تنفّذ اليوم ؟
برنارد لويس البريطاني / الأميركي الجنسية ، اليهودي الديانة ، الصهيوني الهوى ، متخصص في تاريخ
الإسلام وصراعات الدول الإسلامية في الشرق الأوسط ، ومشهور ببحوثه عن الدولة العثمانية ، درس في
السوربون ، ودرّس في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن ، وعلى يديه تتلمذ عدد كبير من الطلبة
العرب والأفريقيين ، وكثير منهم شغل مناصب حساسة في بلده.
عمل في بداية الحرب العالمية الثانية في هيئة الاستخبارات البريطانية، ولأهمية دراساته للشرق العربي
والإسلامي ، أعير إلى وزارة الخارجية البريطانية التي أفادت من آرائه وبحوثه في تعاملها مع الدول العربية
والإسلامية.. انتقل بعد ذلك إلى أميركا وعمل في جامعتي برنستون وكوريل، وهناك اشتهر ببحوثه
ودراساته عن العالمين العربي والإسلامي ، وحصل على عدد من الجوائز عليها، وقد اعتمد بعضها وثائق
سياسية للإدارة الأميركية ، وعدّ صاحبها أبرز الخبراء في شؤون الشرق الأوسط ، وشؤون العرب والمسلمين ،
وقد قال عنه المؤرخ الأميركي جولد بنين: «لربما كان برنارد أكثر مناصري الصهيونية ذوي اللسان المبين في
أميركا «، كما قال عنه ديك تشيني ، نائب الرئيس الأميركي بوش الثاني: «إن صانعي السياسة والدبلوماسيين ، يسعون يوميا إلى حكمته!!»
كان برنارد لويس من النقاد اللاذعين للاتحاد السوفياتي ، ومن الداعين الأشداء لتوطيد علاقات العالم الغربي
بإسرائيل وتركيا ، لأهميتهما في الوقوف بوجه المدّ الشيوعي ، وقد اشتهر بكونه سياسيا أكثر من كونه
عالما ، وبرز اسمه عندما وضع مخططا لتقسيم الوطن العربي على أسس طائفية ودينية وعرقية وقومية ،
في ثمانينات القرن العشرين ، بتوصية من بريجنسكي ، مستشار الأمن القومي الأميركي ، الذي كان همه
إشعال حرب خليجية ثانية لتصحيح حدود سايكس بيكو.. ومنذ ذلك الحين وهذا المخطط مدرج على قائمة
السياسات الأميركية الخارجية ، ومعتمد من قبل الكونغرس الأميركي بلا تغيير ، في جلسة سرية سنة 1983
، كخطة استراتيجية مستقبلية ، مع توصية للإدارات المتعاقبة بضرورة العمل على تنفيذ المخطط ، مهما
اختلف الرؤساء ، وهذا ما نرى ترجمته على أرض الواقع العربي في السودان والعراق وليبيا وسورية واليمن....
والبقية على الدرب ، ومع ذلك عندما نقول إن المؤامرة رهيبة على العالم العربي ، تجد من يتهمنا بأننا مغرمون بنظرية المؤامرة!!
من أقوال طيب الذكر برنارد لويس أن العرب والمسلمين أقوام فاسدة مفسدة فوضوية لا يمكن تحضيرها ،
وإذا تركوا لأنفسهم سوف يفاجئون العالم المتحضّر بموجات بشرية إرهابية تدمّر الحضارات ، ولذلك فالحلّ
السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية.. والاستعمار نعمة تخلّص شعوب الشرق الأوسط من آفات الأديان !!.
وبعد ، أليس هذا ما يمارس على شعوب هذا الشرق الممزق المرزوء بالمصائب والحروب والخراب والفقر ؟
وهل ما يزال بعضنا يعتقد أن ما حدث ويحدث في بلادنا ، أمور داخلية ذاتية لا علاقة لها بما وضع من مخططات لبلادنا وشعوبنا؟
qatamisamir@hotmail.com