Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Oct-2017

...في عمان - عبدالهادي راجي المجالي
 
الراي - في عمان لم يعد هنالك من مكان حميم, كل مطاعمها صارت تعاقبك, فأنت حين تجلس في مطعم شعبي وتدقق في الفاتورة, تشعر بأنها عقاب وليست فاتورة.. وتشعر بأن النادل يحاول الإنتقام منك, وتبلع ريقك ولا تدري هل ستهضم معدتك ما بلعته من طعام أم أنك ستمضي ليلتك (تتلوى) وتخجل أمام أطفالك, أن تدقق أو تراجع الفاتورة.. وتمضي.
 
في عمان وحدها, صار الناس لا ينظرون لتاريخ الصلاحية والإستهلاك بل ينظرون للسعر, وفي كل دول العالم أول شيء يقلبه الزبون هو المحتوى وتاريخ الإنتهاء ثم ينظر للسعر.. لدينا سلوك المستهلك تغير تماما.. فالأسعار مثل شمس آب لا تدري متى تلسعك, ومتى تهدأ ومتى تشتعل.
 
في عمان وحدها, تجد سيارات متوقفة بجانب الطريق, وتظن أنها تعطلت وتحاول تقديم المساعدة لصاحبها, وفي لحظة تكتشف أن البنزين قد نفد منه.. ويخبرك كذبا بأن العداد معطل.. وأنه لم ينتبه, وبعضهم يترك السيارة ويغادر, ونظن في لحظة أن عداد البنزين قد يكون رحيما علينا، قد يفهم ظرفنا.. ولكنه يخذلنا في منتصف الطريق.
 
في عمان وحدها, تعيد سيدة بعض مواد التنظيف وتطلب من الرجل الذي يعمل على (الكاش) بأن يشطبها من الفاتورة, وتحاول أن توهمنا نحن المنتظرين في الطابور بأنها ليست بحاجة لها, الحقيقة أن ما معها من مال لايكفي لدفع الفاتورة.. في عمان وحدها تصاب النساء بالخجل والمواقف المحرجة كثيرا..
 
وذات ليلة انتظرت سيدة على الصراف الالي, والجهاز لايكذب.. تحاول عبثا أن تعيد تفقد الرصيد, وتحاول عبثا أن تتأكد أكثر.. وأنا أحاول أن أخبرها بأن الصراف لا يوجد فيه إحساس, لايفهم حاجة النساء, لايفهم معنى أن هنالك بعض الأطفال ينتظرون السندويشات.. أحاول أن أقول لها إن البنوك من دون نبض أو عرق يسفح على الجبين... ومن ثم تستسلم وتمضي, والدمعة تعاند محجر العين!.
 
في عمان وحدها.. كل هذه المشاهد أصبحت اعتيادية, هل صارت تلك المدينة قاسية علينا إلى هذا الحد؟!