Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-May-2018

الشجعان والجبناء - عميرة هاس

 

هآرتس
 
الغد- الجدار الذي يحيط بقطاع غزة يفصل بين الشجعان والجبناء، بين المسلحين بأيد فارغة وطائرات ورقية واطارات مشتعلة وبين قوة عظمى إسرائيلية وجنودها. بين سجناء مؤبدين وسجانيهم.
الشجاعة اليائسة التي يظهرها في الأسابيع الاخيرة، والتي أظهرها اليوم عشرات آلاف سكان قطاع غزة، هي فقط اشارة على الطاقة والقدرات والاحلام والابداع والحياة المكتنزة لدى سكان قطعة الأرض هذه، التي سياسة الاغلاق والحصار تحاول منذ 27 سنة خنقها وتدميرها، ليس بنجاح كامل، لكن بنجاح كاف، من اجل أن يكون الكثيرون جدا مستعدين للانتحار بوعي. في موتهم هم يأمرون اصدقاءهم وعائلاتهم بالأمل أن يقوم شخص من وراء الجدران بالدهشة وتفهمهم أخيرا.
الجُبن المتعجرف الذي يظهره الجنود وقادتهم المحميون جدا، عند كتابة هذه السطور قتلوا 18 شخصا، هو بطاقة الزيارة الحقيقية لإسرائيل. حيث أنه ما هو الجُبن إذا لم يكن اختيار القتل الجماعي لسجناء غير مسلحين يحتجون على حبسهم المستمر؟ مراسلون يبلغون أن اربعة من القتلى بالنار الإسرائيلية هم ضباط في موقع مراقبة للأمن الفلسطيني. حسب قوانين التناظر، إذا كان الأمر كذلك، فإن كل جندي إسرائيلي موجود في مئات مواقع الرقابة في الضفة وحول قطاع غزة، هو أيضا يستحق الموت.
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أبلغ عن ثلاثة قتلوا بنار الجنود، عندما حاولوا زرع عبوة ناسفة قرب الجدار. وحتى لو كان هذا الامر صحيحا (بالمناسبة، إذا كانت غزة ذات سيادة ومستقلة مثلما يدعون في إسرائيل، فإن لها الحق في الدفاع عن نفسها من الداخل، من غزوات العدو)، ما هو تفسير المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي لكل ما بقي؟ عند كتابة هذه السطور وصل عدد القتلى الفلسطينيين إلى 37 شخص، بينهم قاصران. كم من الجنود احتجنا من اجل قتل العشرات واصابة المئات بالنار الحية؟
رغم تحذيرات إسرائيل الواضحة، والإشارات إلى أن الجيش ينوي قتل وإصابة بدون حساب، خرج عشرات آلاف سكان القطاع للتظاهر. لقد قاموا بذلك رغم معرفتهم أن المستشفيات في قطاع غزة غير قادرة على التعامل مع مئات وربما آلاف المصابين الذين سيتراكمون، وأنه أكثر من المعتاد، فإن نار القناصة تصيب وتدمر الأنسجة اللينة والعظام والعضلات، إلى درجة الاعاقة الدائمة. هذا اظهار لشجاعة يائسة، وجهه لدول العالم، واوروبا بشكل خاص التي لشديد الخجل مكنت إسرائيل الديمقراطية في نظرها من تحويل الجيب الفلسطيني إلى منشأة الاعتقال الفظيعة هذه.
على الرغم من توسلات منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والدولية، وهذه الصحيفة أيضا، بأن يتوقف الجيش الإسرائيلي عن سياسة قتل المتظاهرين، وعلى الرغم من تحذيرهم من أن اطلاق النار على المدنيين غير المسلحين يخالف القانون الدولي ومن شأنه فقط أن يؤجج الاشتعال، الجيش لم يكترث. تحت قيادة وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ورئيس الاركان غادي أيزينكوت فإن المستشارين القضائيين في الجيش الإسرائيلي يقولون للعالم إننا المفسرون الأعلى للقانون الدولي، حيث أن ترامب إلى جانبنا.
بنيامين نتنياهو وليبرمان وأيزينكوت أصدروا الاوامر، والضباط والجنود نفذوا. ولكن بهذا المعنى نحن ديمقراطية: خلف نتنياهو وليبرمان وأيزينكوت يقف معظم الجمهور الإسرائيلي اليهودي، الذي يمنحهم تأييده الكامل. أي حقيقة وأي مظاهرة لن تقنع هذه الاغلبية، بأن السجناء بدون محاكمة يتمردون ضد سجنهم. السجان يتمسك بتفوقه.
بهذا المعنى نحن أيضا أمة ناشئة لمنتجي ووسطاء ومصدري السلاح، الذين يعيشون من توفر المختبرات الإنسانية وجاهزيتها، التي نجرب عليها ونطور دون توقف وسائل القتل الشعبية والمربحة الخاصة بنا. والآن عند الوصول إلى السطر الأخير فإن عدد القتلى وصل إلى 41.