Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2018

القرار الاخطر على حكومة الرزاز …. الحراك يفاوض على الغائه مقابل تمرير قانون الضريبة؟
الصوت - 
أيامٌ قليلة على قرار إلغاء أو تمديد تأجير أراضي الباقورة والغمّر الأردنيتين للإسرائيليين، الأمر الذي يعتبره معظم الأردنيين أخطر على حكومة الدكتور عمر الرزاز من مشروع قانون ضريبة الدخل. الشارع بدأ يراقب بتحفّز القرار حول انتهاء العقد وعنه، والمعادلة التي يتناقلها شباب الحراك الشعبي تحت عنوان “لو ألغت الحكومة عقود الايجار، نمرر لها ألف قانون ضريبة دخل”.
 
موقفٌ كهذا، يعكس الإحباط الشعبي من مخرجات اتفاقية وادي عربة التي مهّدت الطريق امام تأجير المنطقتين، خصوصاً إذا ما أُخِذ المشهد الأوسع حيث الحراك الشعبي ليس وحيداً، فائتلاف الأحزاب القومية واليسارية وجماعة الاخوان المسلمين وغيرها من الجهات السياسية تتخذ ذات الموقف بالإضافة لعشائر مرموقة كعشيرة العبيدات التي كان ابنها (وليد عبيدات) سفير الأردن السابق لدى الإسرائيليين أيضا (السفير اليوم هو غسان المجالي والذي تمت تسميته رسميا قبل نحو أسبوعين).
 
كل المؤسسات المذكورة تطالب بوضوح يعدم التجديد نهائياً، في حين تُطرح التساؤلات بصورة مكثّفة من الإعلام والنواب في قضيّةٍ يبدو أن “إخراج مشهدها” من قبل السلطة التنفيذية يتطلب الكثير من الجهد في الحالتين (عدم التجديد او التجديد)، خصوصاً بعد تصريحات عاهل البلاد حول عدم المساومة في “القضية الفلسطينية”.
 
الملك عبد الله الثاني، كان وخلال أسابيع قد عقد سلسلة من اللقاءات التي حملت رسائل قوية ومتتابعة، حيث أكد أن الأردن “لم ولن” يساوم على القدس ولا القضية الفلسطينية، ولا يضحي بحقوق الفلسطينيين؛ مثل هذه التصريحات قد يتخذها الشارع لمساءلة الحكومة عن مستقبل العقود التي يعتبر المقربون من الملف إنهاءها “يحمي شعور الأردنيين والفلسطينيين بقوة الموقف الأردني”. توقع استخدام تصريحات الملك، يمكن أن يكون كمحاكاةٍ لكون الحراك الشعبي وقبل نحو ثلاثة أشهر استخدم تصريحاته أيضاً في تبرير وجوده في الشارع وبالتالي التأكيد- عبر تكتيكٍ ذكي- على ان الحراك ضد نهج الحكومة وبحماية من مؤسسة العرش.
 
حتى اللحظة تسوّف الحكومة في الحديث المباشر عن القضية، وتؤجل التطرق لها، الامر الذي لن يحصل لأكثر من 10 أيام هذه المرة حيث انعقاد مجلس النواب في دورته العادية والمساءلة عن الملف يتوقّع ان تكون على أشدّها، خصوصاً وقد استبق ذلك النائب الجدلي صالح العرموطي باستجواب للحكومة حول الملف وبالتفصيل. حيث وجه نقيب المحامين الأسبق العرموطي مجموعة من الاسئلة الى رئيس الوزراء حول منطقتي الباقورة والغمر، تساءل فيها حقيقة ان اراضي الباقورة مملوكة لإسرائيليين منذ عام 1926 ومسجلة في طابو اربد آنذاك، او في اي دائرة تسجيل في المملكة (وهذه رواية تحدث عنها عرّاب وادي عربة الدكتور عبد السلام المجالي قبل أشهر).
 
وسأل العرموطي عن مساحة منطقة الباقورة ولمن تعود الملكيات فيها، وكذلك الحال بالنسبة لأراضي الغمر، وهل هناك نية لإلغاء الاتفاقية التي ستنتهي في نهاية شهر تشرين الاول الحالي. هذه الأسئلة يُفترض أن تتم الإجابة عليها بأسرع وقت ممكن من قبل الحكومة، التي هي أيضاً في مأزقٍ يتعلق بتركيبة الحكومة نفسها، إلى جانب الضغط الشعبي والنيابي.
 
تركيبة الفريق الحكومي اليوم تحوي ذات التناقض الذي كان في الفريق السابق للدكتور هاني الملقي، حيث وزير الخارجية أيمن الصفدي كان قد تحدث علناً عن “ملكيات” لإسرائيليين في منطقة الباقورة (في الغور الشمالي الأردني) في آذار الماضي، وهو ما أثار حفيظة الأردنيين باعتباره أصلا كشف حقيقةً لم يكونوا قد اطلعوا عليها. بالإضافة لحديثه عن كون “المصالح الأردنية العليا” هي من ستحكم القرار النهائي في تمديد أو انهاء تأجير أراضي الغمر (شمال محافظة العقبة وضمن وادي عربة)، وهو ما اعتبر ايحاءً بصعوبة اتخاذ القرار بإنهاء الاتفاقية. منذ وقت التصريح وحتى اللحظة، يبدو أن طمأنة الصفدي إلى كون “السيادة الأردنية موجودة على المنطقتين” لم تكفِ لإخماد المطالبات بإنهاء التأجير.
 
مقابل الصفدي، ففي الفريق الحالي أيضاً وزير الزراعة المهندس خالد حنيفات والذي كان في منصبه كذلك في حكومة الدكتور الملقي في بدايات آب الماضي حين أطلق تصريحه التلفزيوني الشهير عن كون حكومته اتخذت قراراً سابقاً بعدم تجديد حق الإستعمال للإسرائيليين. منذ ذلك التصريح، لم يتم تبليغ الاردنيين بصورة رسمية وشفافة بالقرار المذكور، كما- وخلافاً للمتوقع- لم يتم تسريب أي وثيقة من النوع الذي يشي بقرار كهذا. الأهم من ذلك ان التصريحات الاعلامية على لسان مصادر لا تزال تتحدث عن كون الحكومة تبحث في الملف أكثر.
 
الأمل المعقود عملياً بالنسبة للأردنيين الراغبين بإنهاء العقود، قد يتمثل بوجود كفاءة من وزن وزير الدولة للشؤون القانونية مبارك ابو يامين، الذي كان قد قدّم مطالعةً قانونية هامّة قبيل استلامه منصبه يُفترض أن تشكل مخرجاً للحكومة الحالية إن هي أرادت إيجاد مخرج. وجود أبو يامين في الفريق- خصوصاً وهو الذي أثبت قدرة سياسية هامة في حوارات ضريبة الدخل، جنّبت الحكومة الكثير من الأضرار التي كانت متوقّعة في تعامل الطاقم مع الغاضبين في المحافظات-، يمكن له أن يسهم في حلّ إشكالية أراضي الأردنيين، المؤجّرة (التي تحدث عنها حنيفات في الغمر) وحتى تلك التي تحدث الصفدي عن كونها مملوكة لإسرائيليين في الباقورة.
 
أبو يامين وعبر مطالعته الشهيرة، اقترح ان يتم “استملاك” الأراضي في الباقورة اسوة بأراضٍ يملكها اردنيون وتم استملاكها بالتزامن مع انهاء العقود للغمر، ولكن الجملة الابرز التي نقلها عنه تلفزيون الجزيرة (قدم مطالعته عبر أحد تقاريره في ذلك الوقت) ان الحسم في الملف بحاجة لقرار سيادي وغطاء سياسي، وهو الامر الذي يتوقّع اليوم ان يستفيد منه ابو يامين نفسه باعتباره في السلطة، او يصارح الاردنيين بعدم توفره، ويشرح أسبابه تماماً كما حصل في ملفات ضريبة الدخل وغيرها من الوزير نفسه.
 
خلال الأيام المقبلة، يمكن تتبّع بعض التصعيد في الملف بوضوح وفق ما يتوقعه المراقبون للشأن الأردني، حيث قضية من هذا النوع تجمع الأردنيين ولا تفرقهم، وهم من دشّنوا سلفاً، ومنذ استلام رئيس الحكومة لمنصبه بمهامٍّ معقّدة، حملات تحت عنوان “أراضينا يا رزاز” وغيرها، في محاولة منهم للفت انتباه الحكومة لأولويات الشارع.
 
بكل الأحوال، من الصعوبة بمكان التفاؤل كثيراً بانحياز الحكومات للشارع ومطالبه بالعادة وفي مشاهد أقلّ تعقيداً من العلاقة مع الإسرائيليين والتي استؤنفت رسمياً قبل أسبوع مع التسمية الرسمية للسفير الجديد، إلا ان ذلك لا يمنع أن الأردنيين قلبوا ساعة الرمل وتجاهل مطالبهم في ملفٍ كهذا قد يعني مجدداً المجازفة بالمزيد من الغضب الشعبي في شارعٍ محتقنٍ أصلا، وفق ما يقرؤه المراقبون.