Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Feb-2018

بين صحة الملقي وإنذار مرض المجتمع - باسم جويد ظبيان

 مع عودة الرئيس هاني الملقي الى البلاد بعد اجازة مرضية قضاها في الولايات المتحدة ، سينخفض بالتأكيد الجدل الدائر حول صحة الرئيس و «لغز» الرحلة العلاجية كما وصفته بعض المواقع الاخبارية.

ورغم زخم الاحداث التي رافقت الاسبوع الماضي سياسيا و أمنيا ، الا ان ما استوقفني هو هذا التغير الكبير في منظومة المجتمع خلال السنوات الماضية والتي كان الاسبوع الماضي مرآة لعكسها بوضوح غير مسبوق على الاطلاق.
نتفق مع الرئيس الملقي أو نختلف، سواء بسياساته الاقتصادية القاسية جداً على الاقتصاديين والمستثمرين حتى قبل الموظفين ، او نختلف معه حتى على مجمل البرنامج الحكومي، لكننا لم نتوقع ابدا ان يختلف اثنان على تمني السلامة للرئيس في رحلته العلاجية عُرفنا كأردنيين على مدى التاريخ بالشهامة والرجولة؛ ولعلّ قمة الشهامة ان توقف الحرب على عدوك في لحظات ضعفه.... ولعلّ قمة الرجولة ان تعرف فعلاً متى توقف الضرب اذا شعرت ان من يقابلك قد شعر بالوهن من ضرباتك.... أما فروسية الاردنيين وفراستهم فقد كانت مضرب المثل ولا زالت بالكرم و الصفح و التسامح على العكس لاحظنا الاسبوع الماضي كمّا كبيرا من التعليقات الساخرة من حالة الرئيس الصحية و التي يشتم منها الشماتة والسخرية و الاستهزاء بعكس ما تربينا عليه في مجتمعنا الاردني.
الاسبوع الماضي كشف كم تغيّر المجتمع، كم اختلطت المفاهيم ، كم تقلبت القيم التي تربينا عليها.... ومن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الاخبارية عليه ان يحلل تعليقات الناس التي لم تعد تعكس مجتمعا متجانسا مترابطا متحابا متسامحا... ومنذ متى كان الفقر في الاردن مغذيا لثقافة الكراهية كالتي شهدناها خلال الاسابيع الماضية ؟
لم تتوقف التعليقات عند مرض الرئيس فقط؛ لكن التعليقات ايضا تناولت حوادث السطو وكانت في مجملها إما تؤيد السطو و تدافع عن المجرم ؛ او تبرر السطو بأنه نتيجة لسياسات الحكومة.... متى اصبح الاردني يحلل السرقة و هو الذي كان معروفا عنه انه يجوع ويصبر ولا يمد يده للحرام ، اليوم اصبحنا نجاهر بالدعوة الى السرقة.
مواقع التواصل اصبحت مرآة للمجتمع وقيمه ، وبظني ان علينا فعلاً ان نؤسس مركزا لدراسة ما يقوله الناس على هذه المواقع ونحلله بما يعكس قيم المجتمع وتكون وظيفة المركز تزويد المعنيين في وزارة التربية مثلا بوجود خلل في بنية القيم ليتم تصحيحه منذ الصغر في الجيل القادم ، او المعنيين في الاعلام بتوجيه الناس نحو قيمهم التي تربينا عليها و كنا كأردنيين نفاخر بأننا حافظنا على قيمنا الاصيلة!
خلاصة القول ، نتمنى لرئيس الوزراء هاني الملقي الصحة والعافية مهما اختلفنا معه في ميادين الاقتصاد والسياسة، ولا نشكك ابدا في نزاهته مهما فرضت الظروف الصعبة برنامجا قاسيا من الاقشف على اجندة حكومته.... وبنفس الوقت ليس علينا ان ننجرف وراء حملة تشجيع التجاوزات الامنية بحجة هذه الظروف او تحميل الحكومات المتعاقبة مسؤوليتها.... لأن القيم هي مجموع جهد المجتمع ابتداء من الاسرة الى المدرسة الى الجامعة و بيئة العمل... واي انحراف لمنظومة قيمنا الجميلة علينا ان لا نسكت عليه و نبدأ جميعا بالبحث عن تصويبه فوراً!
ما حدث الاسبوع الماضي هو بمثابة الانذار المبكر عن ورم سرطاني بدأ ينخر مجتمعنا بعادات غريبة عنه.... وعلينا قبل العلاج ان نعترف بالمرض لنواجهه!